مع الأحداث
إن عدن ليست مجرد مدينة ساحلية متفردة بصفات جغرافية ومناخية غاية في السحر والروعة ... بل إنها مدينة الأحلام والعشق الأزلي للبحر والجبل ... تتمتع عدن بكل المقومات التراثية والحضارية،، وبالألفة الإنسانية، وبالمجد والشرف عبر تاريخها التليد.وتعتبر عدن بالتصنيف الجغرافي (أو الطبغرافي) شبه جزيرة وما أجمل ذلك التشبيه عندما تتشبه به .. خلا مناطقها الإدارية البعيدة، والتابعة لها والمرتبطة بها من ناحيتها الشرقية، وهي ليست لصيقة بها من حيث التكوين المكاني الطبغرافي ، وأنما ألحقت بها فقط ليكتمل التقسيم الإداري لها كمحافظة من حيث المساحة والتعداد السكاني. عدن أعجوبة طبيعية ومدنية، إنها من صنع الخالق وحده .. وما بها هو جملة ما تمخض عنه العقل البشري، من فن وإبداع معماري وهندسي جمالي متداخل بين التراث والحضارة الإنسانية... ويندر وجود شبيهة لها في كل أصقاع الأرض قاطبة، من حيث موقعها .. وقد أحاطت بها مياه البحر تلك من جهات ثلاث الجهة الشمالية والغربية والجنوبية ... وتحتضنها سلسلة جبال شمسان بشموخها ودفئها على سفوح قاعدتها من الجهة الغربية .. أما في الجهة الشرقية لها يقع الجسر الترابي الكبير الذي يربطها باليابسة ومناطقها الملحقة بها عبر منطقة خور مكسر.إن موقع مدينة عدن الجغرافي قد أكسبها أهمية تاريخية، وتجارية على مر العصور المتلاحقة .. وقد منحها موقعها هذا الخاصية الحضارية والسياحية في عصرنا الحديث.تعد مدينة عدن من المدن الهادئة والآمنة في العالم .. وسكانها أناس ذوو ثقافة وتعلم عالي،، بالرغم من بساطتهم المعهودة، ومسالمتهم الدائمة، ويعرفون بكرمهم اليمني الأصيل .. وهم غاية في اللطف والذوق ويتمتعون بأخلاق مفرطة .. كنتيجة حتمية لبقاء الاستعمار البريطاني فيها ((لمدة 138 عاماً))، أكتسب الأهالي خلالها خبرتهم في التعامل المتحضر مع زوار مدينتهم عدن.ونهار عدن، صيفاً أو شتاء ينسحب وينسل بخفة مهرولاً دون أن يشعر به المرء وخصوصاً إذا كان زائراً لها .. حتى يحط الليل رحاله، ويسدل ستاره الليلكي عليها، والموشى بتلألئه بالأنوار والأضواء العدنية، والصخب، وكأنها ليلة قد أقيمت على جنباتها الأعراس .. كما تبدو وتزدان مطاعمها الشعبية والسياحية الكثيرة .. ومتنزهاتها ومتنفساتها العائلية الليلية العديدة، والمنتشرة في كل أرجاء مناطق المدينة .. وكذلك تبهرك أضواء نيونات الفنادق المختلفة، والمتعددة النجوم والدرجات، بمجسماتها الخاصة والبديعة على مداخلها، والمحاط بعضها بحدائق الورود والزهور وأشجار الزينة المختلفة، والمتناسقة بأسلوب وذوق جمالي فريد بداخل أسيجتها، والموضوعة لجذب الزوار إليها وإظهار ذوقها الفندقي الرفيع، واهتمامها البالغ بزبائنها وبراحتهم وأذواقهم الجمالية.وهناك أيضاً يقبع البحر بأزرقاقه وقد أخذ من السماء لونها الأزرق، وأيضاً عند قدميها .. وقد غسل رمال شواطئها الذهبية .. وهي ذات الرمال التي تأخذ من الشمس لونها الذهبي ذاك كل يوم، كلما انعكست عليها عند الشروق، وعند الغروب .. ولروعة ذلك المنظر البديع والخلاب للون الرمال الذهبية أطلق عليها سكان عدن تسمية ((الساحل الذهبي)) .. حقاً إنه ذهبي اللون يأخذ اللب وينزع رجفات الفؤاد نزعاً من روعة منظره المتلألئ الخلاب، كلما سقطت أشعة الشمس على حبيباته الرملية الشفافة.ويكتمل المنظر الجميل للبحر بتلك السفن الحديدية العملاقة، والمراكب الخشبية القديمة، والزوارق واليخوت السياحية التي تمخر في بوابات مرافئ عدن العتيقة والجديدة في آن واحد .. وعبر مياهها الصافية والتي تعكس ليلاً مشهداً جمالياً أخر تتجلى فيه عظمة الخالق سبحانه لمرآة طبيعية تعكس جمالاً جديداً لأضواء المدينة، والممزوجة بأضواء وأنوار نجوم السماء المنعكسة، فتتشكل بذلك لوحة ضوئية غاية في الجمال والروعة على صفحة الماء.إنها مدينة عجيبة في الزمان والمكان ، وبين توافقها بين ماضيها وحاضرها، الممزوجين بقالب تراثي وحضاري عصري متجانس ..وبها إلى جانب تواجد الطرقات والمجسمات والأقواس الجمالية الرائعة، تلك الجولات البديعة بمجسماتها وأشكالها الفنية التي أضفت على الطريق مشهداً أخر من الجمال .. وبتلك الحدائق والمتنزهات والمساحات الخضراء المزروعة هنا وهناك، والمنتشرة على طول وعرض المدينة العدنية وقد امتازت بطرقاتها الحديثة وأنفاقها الجبلية الواصلة بين مناطقها وأحيائها وجبالها وسواحلها، المختلفة، ما تضفي على النفس البشرية قمة المتعة في المشاهدة والسياحة والتنزه على السيارة بين مناطق وأحياء وسواحل مدينة عدن الباسمة بوجهة زائريها بذاك الجمال الساحر.