أضواء
رغم أن بطولة كأس الخليج أمست أمرا واقعا، إلا أن جهات إعلامية مغمورة ومشهورة ظلت تطالب بعدم إقامتها في اليمن إلى قبيل افتتاحها بساعات، وظلت تفتعل أزمة رسمتها في أذهان المتلقين، في وقت يفترض أنها استسلمت للأمر الواقع، واستبدلت التثوير بالتهدئة والتشجيع ومؤازرة الأخوة في اليمن. الحكم على الشيء جزء من تصوره، والخوف من المستقبل ما هو إلا قراءة لحالة أمنية عائمة، استنتج أنها ستلقي بظلالها على هذه الدورة، شك لا يقين. بالطبع من حق كل فرد أن يطرح رؤيته، كمن طالب بإسناد تنظيمها إلى دولة أخرى حذرا من عواقب قد تحدث، لكن التطمينات التي ساقها الأخوة هناك، وأكدها مسؤولون أمنيون من دول الخليج يفترض أنها بددت المخاوف، وهدأت الأمور، وغيرت الآراء.لم تقتصر القضية على مطالبة ملحة، بل ظهرت لقاءات في قنوات تلفزيونية مع جمهور أساءت إلى اليمنيين حينما وصفتهم بالضعف، والعجز عن مثل هذه الاستضافة، بل وصلت إلى وصمهم بالجهل، وعبارات أخرى أخجل من طرحها في مثل هذه المساحة، هذا ما طرح في إعلام رسمي، أما ما ظل ينشر في مواقع الانترنت فحدث عنه ولا حرج!.قاتل اليمنيون من أجل استضافة هذه الدورة طويلا، وكان قتالهم على عدة جبهات، أحدها مع إمكانات مادية ضعيفة لتوفير ملاعب وفنادق وخلافها، ثم فازوا عليها، ومنها قلة خبرة في التنظيم، وهزموها أيضا، لكن الحرب الكبرى هي مع الجهات التي أرادت إبعاد البطولة عن اليمن، وهزموها أيضا، بعد ذلك لم يبتسم الخاسر في وجه اليمنيين، ظل وجهه متجهما، ولم يستبدل التحذير بالتشجيع لدولة بداية طموحها استضافة مناسبة رياضية متواضعة كدورة كأس الخليج، وليست نهائيات كأس العالم لكرة القدم!.إن الأمن الذي قلق منه الرياضيون فامتنع كثير منهم عن الحضور ومنهم لاعبون وإعلاميون ومدربون هو أفضل حالاً بكثير من الأمن في دولة جنوب أفريقيا التي استضافت بطولة كأس القارات، ونهائيات كأس العالم، وبطولة كرة القدم لذوي الاحتياجات الخاصة ومناسبات أخرى غير كرة القدم خلال مدة زمنية قصيرة، ولم تمنع القصص التي تنقل من هناك لاعبي المنتخبات العالمية، ولا مدربيها، ولا رؤساء الاتحادات من الحضور، بل حضرها رؤساء دول كبيرة كباراك أوباما، بدأت هذه المسابقات وانتهت دون أن يقتل شخص، أو يفجر ملعب، أو يختطف مشجع، صدق الواقع وكذب الإعلام!.لقد بدأت الدورة بحفل افتتاحي أعتبره نجح بامتياز، وقبله ظللت أتابع على قناة يمنية علامات الفرحة باستضافة هذه المناسبة فكان تعبيرا عفويا يطرب له سامعه، قدم شعب اليمن من مظاهر البهجة بهذه الاستضافة ما يدعو لتقديم جزيل الشكر والعرفان لهم. الكرم سمة يمنية عرفها من خالط اليمنيين، من يعمل منهم هنا، ومن ذهب إليهم في ديارهم، كثير من أصدقائي ممن زاروا اليمن ذكروا من قصص الشهامة والكرم والنخوة العربية الأصيلة من قبل الرجل اليمني ما يبيض وجه الشعب هناك، هل حقهم على إخوتهم من دول الخليج أن يساء إليهم في إعلام يسمعونه؟ أليس من واجبنا الوقفة الصادقة معهم لينجحوا، والعفو عن الزلل إن حدث؟!.[c1]*عن/ صحيفة (الرياض) السعودية[/c]