العام الجاري كان صعبا عليها
باريس/ متابعات: يرى مسؤولون رسميون وخبراء أنه بالرغم من أن تنظيم القاعدة كان في وضع دفاعي ولم يتمكن من مهاجمة الغرب مباشرة في 2009، فإنه لا يزال يشكل خطرا لاسيما بسبب احتفاظه بقدرته على استمالة أتباع جدد.وأضاف هؤلاء انه خلال سنة شهدت هجمات للجيش الباكستاني على معاقله في المناطق القبلية المجاورة لحدود أفغانستان وعدة هجمات لطائرات أميركية من دون طيار قضت على القسم الأكبر من قياداته الوسطى، عانى تنظيم أسامة بن لادن كثيرا لكنه لم يهزم.واعتبر دنيال بنيامين منسق دائرة مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأميركية أن «2009 كانت بالنسبة لتنظيم القاعدة سنة صعبة عانى خلالها من ضغوط قوية في أفغانستان وباكستان حيث تمكنت الولايات المتحدة وحلفاؤها من توجيه ضربات قوية لهرمه القيادي».وأضاف انه بسبب العدد الكبير من الضحايا المدنيين المسلمين الذين يسقطون في اعتداءاته «لم يتمكن من تعبئة الجماهير وهذه نقطة بالغة الأهمية» لكنه أشار مع ذلك إلى أن تنظيم القاعدة «يلهم ما يكفي من الناس لإقناعهم بالانخراط في العنف، ما يشكل تهديدا مستمرا».وفي الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا، شهدت السنة المنتهية اعتقال عدد من الأشخاص معظمهم من الشبان المسلمين، اتهمتهم قوات الأمن بالإعداد لاعتداءات.ويرتبط هؤلاء الشبان في الغالب بعلاقات بالمناطق القبلية الباكستانية أو التي تسيطر عليها حركة طالبان في أفغانستان، لكن البعض الآخر اعتنق أفكار التطرف بمفرده عبر أجهزة الكمبيوتر ومواقع الانترنت العديدة التي تدعو الى «الجهاد».وتم رصدهم لدى عبورهم حدودا أو بفضل المراقبة المكثفة التي تمارسها أجهزة الشرطة والاستخبارات على الجاليات المسلمة وفي اغلب الأحيان بفضل التعاون مع أفراد هذه الجاليات.وفي هذا السياق أبلغت عائلات خمسة شبان أميركيين توجهوا إلى باكستان، مكتب التحقيقات الفدرالي (اف.بي.اي)، عنهم ما ادى الى اعتقالهم الاسبوع الماضي في منزل احد المتطرفين المعروفين شرق باكستان.ويرى عميل وكالة المخابرات المركزية (سي.اي.ايه) السابق الاميركي بروس ريدل الخبير المعروف في مؤسسة بروكينغ ان «القاعدة تحولت بغض النظر عن كونها منظمة إرهابية، إلى فكرة تدفع عبر خطاب إنشائي، اقلية صغيرة من المسلمين إلى ارتكاب أعمال عنف واسعة النطاق».واعتبر الاستاذ الفرنسي في جامعة العلوم السياسية بباريس جان بيار فيليو الذي صدر له مؤخرا كتاب بعنوان «حيوات القاعدة التسع»، ان «قلب التنظيم ما زال نابضا في المناطق القبلية الباكستانية ومن هناك تنبع انطلاقة نشاط التيار الارهابي وإلهامه وتحفيزه».ومن تلك المنطقة التي يعاني فيها ضغطا، ارسل التنظيم خلال 2009 بعض عناصره الى مناطق اخرى مضطربة من العالم، في محاولة لتشكيل معاقل جديدة.وأعلن الجنرال جيمس جونز المستشار الأميركي للامن القومي أن «افضل المعلومات لدينا تفيد ان تنظيم القاعدة يشعر بان هامش الحركة آخذ في الانحسار بباكستان» مضيفا «لدينا الدليل على انهم (عناصر القاعدة) او على الأقل قسم منهم، بصدد الانتقال الى اليمن والصومال».واضاف ان «هذا التنظيم سيبحث دائما عن فضاءات لا تخضع للقانون حيث يبدو له ان بامكانه التحرك دون مراقبة».وإزاء عدم تمكن بن لادن ومساعده ايمن الظواهري من تبني اعتداء كبير ضد الغرب (يعود اخر اعتداء الى تموز 2005 في لندن)، فانهما كثفا خلال 2009 المواعظ والخطب الحربية بامل اثارة النعرات.وهكذا ندد الظواهري الاثنين بسياسة اوباما التي قال انها «حلقة جديدة في حملة الصليبيين والصهاينة لاستعبادنا واذلالنا واحتلال ارضنا وسرقة ثرواتنا ومحاربة ديننا».[c1] الاستراتيجية الاميركية لمكافحة القاعدة في افغانستان وباكستان تؤجج العنف[/c]من جهة ثانية قد تؤجج استراتيجية الرئيس الاميركي باراك اوباما الذي يريد التخلص في اقرب وقت من «الحرب على الارهاب» في افغانستان وباكستان، خلال 2010 اعمال العنف التي اشتدت في البلدين وبلغت درجة منقطعة النظير خلال السنة المنتهية.وما يزيد الطين بلة احتمال فقدان الحكومتين المطعون فيهما شرعيتهما بسبب الفساد المستفحل فيهما في اسوأ فترة.وفي افغانستان، قد يؤدي قرار ارسال ثلاثين الف جندي اضافي قريبا، الى رد عنيف على المدى القصير من طالبان التي حقق تمردها مرة اخرى مزيدا من التقدم وارتفعت وتيرته خلال 2009.وفي باكستان، القوة العسكرية النووية الوحيدة في العالم الاسلامي، اشتدت سلسلة اعتداءات طالبان الموالية للقاعدة مخلفة نحو 2700 قتيل خلال السنتين الماضيتين، وذلك منذ ان شن الجيش هجمات عدة على شمال غرب البلاد.وتحولت تلك المناطق القبلية الباكستانية الحدودية مع افغانستان الى «اخطر مناطق العالم» بالنسبة الى واشنطن ومعقلا لتنظيم القاعدة.وبالتعزيزات الجديدة الى افغانستان بداية 2010، يكون اوباما قد ارسل الى هناك منذ ادائه اليمين في يناير 2009 اكثر من خمسين الف جندي اضافي.ولكن في مواجهة راي عام بات في معظمه مستاء من ارسال ابنائه الى المستنقع الافغاني، اعلن الحائز جائزة نوبل للسلام ان الجيش الاميركي سيبدا انسحابه بعد 18 شهرا اي في صيف 2011 مثيرا قلق الافغان والباكستانيين خشية «التخلي» عنهم.وقد شهدت سنة 2009 سقوط اكبر عدد من القتلى منذ نهاية 2001، بين المدنيين وفي صفوف جنود القوة الدولية التي سيبلغ عديدها قريبا 150 الف رجل، بينهم 70% من الاميركيين. فحتى 19 كانون الاول/ديسمبر قتل 494 عسكريا أجنبيا اي بزيادة 66% مقارنة بسنة 2008.وأكد الجنرال الاميركي ستانلي مكريستال قائد القوات الدولية في أفغانستان ان التعزيزات ستسمح «بإحداث تحول في الوضع» في وجه طالبان الذين كثفوا خلال السنة الجارية الهجمات حتى في قلب كابول وتوعدوا بارسال «مزيد من الجثامين» إلى اوباما.وفي باكستان قتل حتى الآن ما لا يقل عن 1150 شخصا في اعتداءات خلال 2009 أي بزيادة 26% مقارنة بسنة 2008.ونفذ معظم تلك الهجمات مقاتلو حركة طالبان الباكستانية الموالية للقاعدة والتي تتخذ من المناطق القبلية الحدودية معقلا لها حيث تتحصن أيضا طالبان الأفغانية في قواعدها الخلفية.وكثفت واشنطن خلال 2009 ضغوطها على إسلام أباد وشن الجيش الباكستاني هجمات جديدة على المناطق القبلية لا سيما في وزيرستان الجنوبية معقل طالبان الباكستانية.وفي موازاة ذلك وخلال 2009، كثفت الطائرات بدون طيار التي تستعملها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية المتمركزة في أفغانستان من استهداف قياديي القاعدة وطالبان في شمال غرب باكستان، لكن المدنيين لم ينجوا من غاراتها.وما ينذر بمستقبل غامض ان شرعية الحكومتين الأفغانية والباكستانية اهتزت أخيرا بقوة، وبالتالي صدقية المجتمع الدولي الذي يدعمهما في وجه الصعوبات.وأعيد انتخاب حميد كرزاي لولاية جديدة اثر اقتراع شابته عمليات تزوير مكثفة لصالحه في الدورة الاولى التي جرت في العشرين من أغسطس، وبعد انسحاب خصمه عبد الله عبد الله قبل الدورة الثانية. وتوالت التهم من دول العالم ضد حكومته بالفساد المستفحل على أعلى المستويات.وفي باكستان، انهارت شعبية الرئيس آصف علي زرداري التي كانت أصلا متداعية خلال 2009، واتهمه جزء كبير من الرأي العام ووسائل الإعلام وحكومته بالفساد.
القاعدة في افغانستان