عزالدين العامريتعد مجموعة (قطرات روح) باكورة أعمال القاصة/ نجاح حميد عقلان الشامي، وهي إن كانت تحمل ارتجافة الخطوة الأولى و إرتعاشة البدايات إلا أن معظم قصصها تسكر القارئ بلغتها الشعرية الشفافة وهو ما أكده شاعر اليمن الكبير الدكتور/ عبدالعزيز المقالح في تقديمه للمجموعة حيث قال: (إنها سيمفونية تتخذ من اللغة موسيقاها وإيقاعها وتحاور الأشياء وتتأملها بطريقة عميقة، لا غموض فيها و بوضوح تام، وتلك هي صفات الكتابة الجديدة/ الكتابة الشابة/ إذا جاز التعبير، كتابة تستلهم في عباراتها روح المعاني لا المعاني ذاتها والكتابة بهذا تنتمي إلى صنف الشعراء، وإن كانت القصة الجديدة غايتها، بعد أن أصبحت شعراً أو على علاقة وثيقة بالشعر وغدونا حين نقول هذا قاص نعني بذلك ضمناً أنه شاعر .وسأحاول الوقوف أمام بعض نصوص المجموعة وطرح بعض الآراء السريعة التي هي أقرب ما تكون إلى الانطباعات السريعة والمستعجلة ولا يمكن أن تكون نقداً أو مقارنة نقدية أو ما شابه، ويمكن اعتبارها مجرد تفكير بصوت مرتفع .تفتتح المجموعة بقصة (مبدأ) التي تتحدث عن شخص لا يغير مبدأه مهما كان، والمبدأ، هنا هو عدم مضغ القات (التخزين) لكنه تحت ضغط صديقه أضطر إلى مجاراة أصدقائه المخزنين رغم التكلف الذي بدا مرسوماً على تقاسيم وجهه). في هذه القصة، تحاول القاصة القول (لا للقات) وإن الشخص المخزن أقل قدرة على العطاء.في القصة الثانية من المجموعة التي تحمل عنوان (خمس دقائق) ترصد القاصة حالة عاطفية وإنسانية وهي اللقاء الغرامي الأول لطالب ومعلمته فالقصة هنا أقرب إلى الرصد النفسي حيث (تمر الدقائق ببطء شديد) فيما بطل القصة يحترق بنيران انتظاره، وكلما رشبح أنثى ظن أنه، معشوقته فنجده لا يغير فيها هيئته، ابتسامته، ومكان مقعده، لكنها تمر كالأخريات دون أن يتغير شيء).(1)ورغم التصوير الجميل واللغة الشعرية في هذه القصة إلا أن القاصة تقع في هفوات (مكانية) عديدة فالمفروض أن تلتزم بوحدة الزمان والمكان وهي من أهم أركان القصة القصيرة، ولا داعي لتخطي الزمان والمكان وخاصة أن عنوان القصة محدد بـ (خمس دقائق) كما أن نهاية القصة لم تكن مقنعة أو بتعبير آخر كانت أقل إقناعاً فلا داعي أن يشاهد بطل القصة (العاشق) خيوطاً حمراء تشابكت كخريطة، فوق جبهته ورأسه الأصلع. (2)وهذا ما يجعل القارئ يطرح بعض الأسئلة، ومنها :هل اللقاءات الغرامية خط أحمر؟ أم أن للحب والعشق نهاية مأساوية كنهاية هذا البطل (العاشق)؟ وأعتقد أن ما يحسب لهذه القصة أنها طرحت الأسئلة وتركت الباقي على القارئ.في القصة الثالثة من المجموعة التي تحمل عنوان (البرق) تتحدث القاصة عن أربعة أشخاص هم الأم وهي بطلة القصة والشخصية الرئيسية فيها والأب والطفلان الصغيران، والقصة تناقش هاجس الخوف من الغيبي (اللامرئي) والظواهر الطبيعية، كالبرق والمطر وغيرها وارتباطها بالجانب الأسطوري وتحريم الغناء واللعب أثناء حدوث هذه الظواهر حيث نجد بطلة القصة (الأم) تقول وهي بحالة توجس:ليت المطر يستمر بهدوئه دون أن يعكر صفوه شيء. (3) في القصة الرابعة المعنونة (بتسوق) تناقش القاصة ظاهرة المعاكسات والتحرش الجنسي التي تتعرض لها المرأة عند خروجها للتسوق، كما تطرح دور المرأة في هذه المعاكسات والتحرشات فهي تسرف في استخدام العطور والمساحيق المثيرة حيث تقول:( دار العطر، كثعبان حول عنقها، خصرها وحتى ساقيها وضعت المساحيق المثيرة على وجهها وحول عينيها. (4) فالمعاكسات والتحرشات هنا عملية مشتركة بين الرجل والمرأة تساهم المرأة بدور كبير فيها.في القصة الخامسة من هذه المجموعة والمعنونة (بدفء) حاولت القاصة الاتكاء على الشعرية العالية في القصة ولملمة ما قد يتسرب من (دفء) على القارئ والذي سيكتشف في النهاية أن هذا الدفء هو نتيجة للعلاقة الحميمة بين بطلة القصة وجدتها.في القصة السادسة (خصوصيات) تثير القاصة التساؤلات المختلفة عن الوطن ومفهومنا نحوه، واختلاف التعاريف الخاصة به، عند كل واحد منا، فالوطن قد يكون أرضاً، موطناً، حبيبة، حرية، وغيره.في القصة السابعة (وحش) تعبر القاصة عن موقفها الرافض للقتل وسفك الدماء والاحتراب، وكيف أن مثل هذه الأعمال الإجرامية، يعود بالضرر على الفرد والمجتمع والإنسانية بشكل عام.في القصة الثامنة (مرآة) تتحدث عن السلبية التي قد يصاب بها المرء حتى أنه لا يستطيع أن (يفتح النافذة) وجل ما يستطيعه هو (النظر إلى المرآة) والتساؤل (كيف أصبح لونه باهتاً وعيناه ذابلتين) (5).في القصة التاسعة (أشباح) يتم طرح القضايا الاجتماعية المتعددة من فقر وجوع واضطهاد وخوف، وهذه القصة من وجهة نظري هي محور الارتكاز لهذه المجموعة القصصية المتميزة لأنها وإن كانت لا تتجاوز الصفحات الأربع، إلا أنها ناقشت جملة من القضايا .وما عدا (قطعة الإسفنج) و (يوم بالانجليزي) فإن بقية القصص أو أغلبها تداعيات وخواطر، كانت بحاجة إلى القليل من الجهد والمثابرة لترتقي إلى مستوى أخواتها من قصص المجموعة.[c1]* الهوامش:[/c](1)قصة( مبدأ )ص 9(2)قصة (خمس دقائق) ص 11(3)قصة (البرق) ص 15(4)قصة (تسوق) ص 19(5)قصة (مرآة) ص 33
أخبار متعلقة