أحلام القبيلي:[c1]* التخلف والحضارة:[/c]ذكر علماء الفروع الانسانية ومفكروها ان الحضارة هي التقاء الثقافة والمدنية.. فأما المدنية فهي الابداع والارتقاء بالوسائل المادية التي تحقق للانسان في النهاية رفاهيته في مجالات الصناعة والعمران والمواصلات وكل جوانب حياته.واما الثقافة فهي الارتقاء بخصائص وصفات ومزايا الانسان لتشكل شخصيته وتكون نظرته السوية في الكون والحياة وفي داخل كل مجتمع جانب من التطور والتحضر وجانب اخر من التخلف والتأخر.وتعيش اوروبا في ابداع مذهل وتفوق عبقري، لكن الامر لا يتجاوز كونها مدنية فقط والملاحظ والمتابع للمشروع الغربي يدرك تماماً انهيار الانسان هناك وانهيار نظرته السوية الى الكون والحياة وانهيار ابداعه المعنوي والفكري.اما نحن المسلمين فنعيش تخلفاً ثقافياً وتخلفاً مدنياً وان كنا في السابق متخلفين مدنياً فقط.. لكننا الان استكملنا واستوفينا جميع شروط وصفات التخلف الحضاري بشقيه الثقافي و المدني.. اننا نعيش حالياً العبثية والتخبط واللاهدف في القول والفعل والسلوك وغياب الغايات وسيطرة المادة وانهيار النظرة السوية الى الكون والحياة وانحرافها وشذوذها.[c1]* متخلفون في كل مكان:[/c]يدعي البعض ان سبب تخلفنا الحضاري هو تعذر الامكانات المادية والفقر والامية والافتقار الى اجواء الاستقرار والحرية اللازمة لاي مشروع حضاري، ومكابدة صور الاستبداد هنا او هناك وافتقار وسائل العلمي والتقني ولكن أي مبررات واي اسباب او عوامل يمكن البحث ان تبرر تخلفنا واغترابنا الحضاري في اوروبا؟ يتساءل الاستاذ اسعد طه.. عن اسباب تخلف المسلمين عن ركب المدنية التي يعيشون في قلبها؟ أين موقع الجاليات المسلمة الضخمة والتي تقدربالملايين والتي تغمر جنبات اوروبا؟ أين موقعها من حضارة الغرب وهي تعيش في قلبها تتنفس افكارها ونظرياتها وطرائف حياتها، أين هي وقد تخلفت ليس فقط عن دورها الثقافي لاستكمال عناصر الحضارة الانسانية والذي هو في الحقيقة واجب رباني إلزامي بالسعي لهداية البشر وصرف البشرية عن النظرة الشاذة للكون والحياة بل تخلفت حتى عن الاخذ بجوهر هذه المدنية وظاهرها وقد عزلت نفسها وعاشت في كثير من الاحيان في مناطق هي اشبه بحارات اليهود (الجيتو)؟؟!!ويحصر الاستاذ اسعد طه اسباب تخلف مسلمي اوروبا فيما يلي:1- ان الشريحة الكبرى من هذه الجاليات هي من العمال الذين زحفوا الى اوروبا طلباً للرزق وهؤلاء العمال اما اميون واما غير اصحاب كفاءات مهنية ومن ثم فانهم يشتغلون بالاعمال السوداء او القذرة على حد المصطلح الالماني وهم يفتقدون لاي كيان نقابي يدافع عنهم ويتبنى قضاياهم وفي ظل هذه الظروف لا يمكنهم الا الانعزال في دوائر مغلقة ومن ثم فان تجمعهم على هذا الشكل يؤدي الى مظاهر الانحطاط والتخلف.2- اما الطلاب وهم شريحة اخرى من الجالية الاسلامية في اوروبا فرغم كونهم يمثلون الطبقة المثقفة الا انهم لم يضطلعوا بعد بالدور المنوط بهم ولا باسباب الحضارة الموكل اليهم نقلها فالغالبية العظمى من الطلاب الدارسين في جامعات اوروبا هم من المبعوثين سواء على حساب حكوماتهم في شكل منح او على نفقتهم الخاصة، وفي كل الاحوال فان ذلك يعني انهم باقون لفترة محددة مهتمون ومنشغلون باتمام دراستهم والعودة في اسرع وقت لبلادهم هم لا يكادون يدركون هدفهم وانما حصروا همهم بالحصول على ورقة هي شهادة معينة او دراسة عليا ويعودون لاوطانهم وقد حملوا ماتمنوا ونسوا الاخذ بأسباب هذه المدنية.3- والشريحة الثالثة هم هؤلاء الذين هاجروا منذ سنوات طويلة بعيدة وكثير من هؤلاء تبوءوا مراكز مادية وادبية طيبة الا ان رحلة السنين الطويلة افقدت البعض هويته الحقيقية واختلطت لديه المفاهيم واصبح احياناً همه ان يثبت انه غربي اكثر من الغربيين انفسهم تحت وطأة الحملات الشرسة في الاعلام الغربي لتشويه المسلمين والاسلام.خلاصة القول اننا متخلفون بكل حال وفي كل حال ومهما تغيرت الظروف والاحوال.ولكن.. لماذا؟
أخبار متعلقة