فيليب بولي غيركور هل أميركا اللاتينية يسارية؟ وهل يجمع العداء للولايات المتحدة بين فنزويلا شافيز "الملتهبة "، وتشيلي ميشال باشليه الحكيمة، وبرازيل لولا الايديولوجية، وبوليفيا ايفو موراليس الضعيفة؟ لا شك في أن جواب هذين السؤالين، هو النفي. وتحرص البرازيل والأرجنتين وتشيلي على علاقات جيدة بالولايات المتحدة، بينما تخفي فنزويلا وراء خطابها العدائي تجاه الولايات المتحدة، علاقات تجارية مع أميركا.والحق أنه، للمرة الأولى في تاريخها، تملك هذه الديموقراطيات حرية انتهاج مسارها الخاص، وحل مشكلات الفقر والفاقة المستشريين. وهي تقدم على ذلك متسلحة بمخيّلة تنضح بالأفكار والتناقضات والفوضى، وتحظى الخطوات الحكومية برضى مختلف الطبقات الاجتماعية. فهذه الدول أصبحت، أخيراً، ديموقراطيات.فعلى سبيل المثال، تسهم اينيد ماركيز الفينزويلية، وهي واحدة من جنود التطوع المجهولين، في تقدّم البلد. فهي مدرّسة في الصباح، وأستاذة في الثانوية بعد الظهر. وتتطوع ليلاً في مدارس محو الامية والعودة الى الدراسة بعد انقطاع. وكذلك تعمل ايليانا سوتو كانيزاريس في مستوصف مجاناً، وتدرس الطب فيه. وفي الأعوام الماضية، أسهم هذا المستوصف في تحسين الوضع الصحي في المنطقة، في حين لا تزال المستشفيات على حالها المزرية. وأما الرئيس شافيز، فهو صمام أمان فنزويلا. وليس مسار شافيز الاجتماعي ماركسياً. فهو من دعاة مشروع تنموي وطني. ولا ينوي شافيز "نسخ" تجربة كاسترو أو الاخذ بها. وفي بوليفيا يسعى ايفو موراليس الى "إعادة تشكيل" بوليفيا. ويعني بهذه العبارة بعث الحياة في فسيفساء التنوّع السكاني البوليفي. ويرى سانتوس راميريز، النائب في البرلمان، انّ بوليفيا مفتّتة، وتفتقر الى روح الوحدة الوطنية. ويقلق راميرز من منع استيراد الثياب المستعملة من الولايات المتحدة في بلد غارق في فقر مدقع.وعلى رغم قوله باستحالة القضاء على زراعة الكوكا، نزولاً عند رغبة الولايات المتحدة، طلب ايفو موراليس من المزارعين الاكتفاء بزراعة 40 م2 من الكوكا، وتخصيصها للاستعمال العائلي. فالاعتدال سمة سياسة موراليس. وهو يدرك حاجة بلاده الى المساعدات الأجنبية. ورئيس الأرجنتين، كيرشنر، ماهر. فهو منع تصدير اللحوم الأرجنتينية في بلد تكتفي الأسرة فيه باستهلاك 60 كلغ من أفضل لحوم العالم سنوياً. وحمله على هذا المنع ارتفاع اسعار اللحوم السريع بالارجنتين. فمن شأن تعليق التصدير ثلاثة أشهر، تعديل سوق العرض والطلب في الداخل. وعدد كبير من الأرجنتينيين هم من زبائن الاختصاصيين النفسيين. فالبطالة والحرمان تسهمان في العنف الأسري.ويرى روبرتو لافاغنا، وزير الاقتصاد الارجنتيني السابق، أن مقولة "عودة دول أميركا اللاتينية الى اليسار"، مبسطة. فالاختلافات كثيرة بين هذه الدول. ومن العلامات على ذلك أن زمام الحكم في تشيلي بيد حكومة اشتراكية. ولكن سياسة هذه الحكومة الاقتصادية ليبرالية متشددة. وهي أقرب الى سياسات الولايات المتحدة وأوروبا الاقتصادية منها الى سياسات الاشتراكية الاقتصادية. وعلى رغم انتهاجهما سياسةً اقتصادية ليبرالية متشددة، تميل البرازيل والاوروغواي الى نهج أقل ليبرالية في السياسة الخارجية والدولية. ويجمع بين دول اميركا اللاتينية " اليسارية"، رفض النيو - ليبرالية، وما يعرف بـ "إجماع واشنطن". ويعود فوز الأحزاب في أميركا اللاتينية في الانتخابات الى ادانة الناخبين سياسات العقد المنصرم "اليمينية". وفي ظل هذه السياسات، عانى بعض بلدان اميركا اللايتينة أزمات اقتصادية حادة، وأنجز بعض آخر منها معدلات نمو مرتفعة. وجمع بين هذه البلدان غياب المساواة في توزيع الدخل. كاتب اميركي
هل انعطفت أمريكا اللاتينية إلى اليسار ؟
أخبار متعلقة