(14 أكتوبر ) تستكمل استعراض وثيقة (إعلان الدوحة) الصادرة عن المؤتمر العربي للسكان والتنمية الواقع والآفاق
عرض / بشير الحزمي:مثل المؤتمر العربي للسكان والتنمية الواقع والآفاق محطة رئيسية للمراجعة الثالثة بمناسبة مرور عام على انعقاد المؤتمر الدولي للسكان الذي عقد في القاهرة عام 1994م إضافة إلى أن هذا العام يشكل منتصف الطريق نحو تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية بحلول عام 2015م.وقد خرج المؤتمر بوثيقة (إعلان الدوحة) الذي لخص الوضع السكاني في المنطقة العربية والتحديات والفرص وقدم رؤية إستراتيجية عربية يمكن في ضوئها التخطيط الواقعي والعلمي التنموي لبلوغ مؤتمر السكان والتنمية الأهداف الإنمائية للألفية والقضايا ذات الأولوية.صحيفة 14 أكتوبر ونظراً لما تمثله هذه الوثيقة من أهمية قصوى ومرجعية لا غنى عنها للباحثين والمهتمين والجهات المعنية بالقضية السكانية تستكمل استعراض محتواها وإلى ما جاء في توصياتها:-فقد دعا المشاركون في المؤتمر الحكومات العربية وكافة شركاء التنمية على المستوى الوطني والمنظمات الإقليمية والدولية ذات العلاقة لمضاعفة جهودها وتعميق الشراكة فيما بينها لتحقيق أهداف المؤتمر الدولي للسكان والتنمية وبالتفاعل مع الأهداف الإنمائية للألفية وبغرض صياغة توجهات وتوصيات تضمن متابعة تحقيق هذه الأهداف خلال السنوات الخمس القادمة في ضوء الفرص والتحديات السكانية المطروحة آخذين بالاعتبار تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية على الأوضاع السكانية في الدول العربية خاصة ما يتعلق منها بتمكين المرأة والشباب وانتقال قوة العمل العربية داخل المنطقة العربية وخارجها وهي تداعيات تقتضي جهوداً أكثر كثافة وتركيزاً للارتقاء بنوعية حياة المواطنين في المنطقة دون أي تمييز ويؤكد المشاركون ضرورة اعتماد مقاربة الحقوق ومقاربة التنمية المستدامة والمقاربات الأخرى المعنية بإدماج النوع الاجتماعي والمحافظة على سلامة البيئة واستدامتها وبناء القدرات والوصول إلى النتائج لضمان الالتزام والوفاء بمتطلبات الارتقاء بنوعية الحياة المرغوبة.ففي مجال الصحة الإنجابية والحقوق الإنجابية حث المشاركون الدول العربية على الأخذ بالمفهوم الشامل للصحة الإنجابية المواكب لدورة الحياة وتجنيب الإناث الزواج والحمل والإنجاب المبكر وتوفير المعلومات والخدمات بنوعية جيدة لتمكن الأزواج في كافة المناطق من اتخاذ القرارات الإنجابية المناسبة والمبنية على المعرفة الصحيحة وممارسة حقوقهم في الحصول على الخدمات بنوعية جيدة دون أية معوقات مالية أو ثقافية أو مؤسسية أو غيرها.كما وجهوا الدعوة للحكومات العربية لايلاء اهتمام خاص ومكثف بالصحة الإنجابية للمراهقين والفئات الأكثر تعرضاً للمخاطر الصحية ولاسيما مخاطر مرض نقص المناعة (الإيدز) والأمراض المنقولة جنسياً وذلك بتلبية احتياجاتهم المعرفية والخدماتية من خلال المشاريع المباشرة ومن خلال تعزيز وتفعيل دور المنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني.بالإضافة إلى تبني تدابير وقائية وعلاجية للارتقاء بصحة الأطفال والحد من أمراض ووفيات الأمهات وتجنيبهن المخاطر وذلك بتطوير الخدمات والنظم الصحية بما في ذلك توفير خدمات تنظيم الأسرة والبنية التحتية الداعمة وتعديل السلوكيات الإنجابية للحد من مخاطر المرض والوفاة.بما في ذلك دعم البحث العلمي والدراسات في مختلف مجالات الصحة الإنجابية والحقوق الإنجابية بما فيها وفيات الأطفال والأمهات وتكثيف البرامج الإعلامية والإرشادية والتوعية السكانية من أجل تحسين الصحة الإنجابية وتغيير السلوك الإنجابي.وفي مجال النوع الاجتماعي وتمكين المرأة وجه المشاركون الدعوة للحكومات العربية لإدماج آليات تحقيق النوع الاجتماعي وتمكين المرأة وإلغاء جميع أشكال التمييز ضدها في الإستراتيجيات والخطط التنموية الكلية والقطاعية وبخاصة تكافؤ فرصها في التعليم والحصول على الخدمات الصحية والتشغيل وإدارة الموارد واستقلالية القرار المالي وحث الحكومات على تفعيل القرارات والتشريعات التي توسع نطاق مشاركة المرأة بالقرار السياسي والتشريعي وتمكين المرأة من الاستفادة من الفرص المتكافئة للحراك المهني والإداري والتنفيذي والسياسي خاصة على المستويات العليا ومواجهة كافة العقبات القانونية والثقافية التي تحول دون ذلك و اتخاذ التدابير المناسبة والفعالة لنشر وتفعيل المعايير والإجراءات الوطنية والدولية المعنية بمواجهة العنف ضد المرأة وطالبوا بوضع الآليات والتدابير لتنمية قدرات العاملين في مجال حقوق وحماية المرأة والشابة وتمكينهم مؤسسياً من أجل الارتقاء بنوعية أدائهم لتحقيق نتائج أفضل على أرض الواقع مع التأكيد على حق ذوي الإعاقات من النساء في التشغيل والتأهيل وتوفير الخدمات.أما ما يتعلق بتمكين الشباب وتوسيع خياراتهم في المشاركة فقد دعا المشاركون الدول إلى إعداد الإستراتيجيات والخطط والبرامج وزيادة الاستثمارات في مشروعات الشباب في مجالات التعليم والتدريب وبناء القدرات وفي مجال الحماية من المخاطر الصحية مع التركيز على الفئات المهمشة والأكثر عرضة للإيدز والمخدرات وفي المشاركة المجتمعية وإتاحة الفرص المتكافئة للتشغيل والإنتاج والمشاركة السياسية ووضع أنظمة متابعة وتقييم وتطوير للإستراتيجيات.كما وجهوا الدعوة للحكومات العربية إلى دعم وتطوير قدراتها الوطنية لتنمية رأسمالها البشري الشبابي معرفياً ومهارياً وتوسيع خيارات مشاركتهم الاقتصادية والسياسية وأخذ ذلك بعين الاعتبار عند إدماج قضايا السكان في السياسات والخطط التنموية الكلية والقطاعية وضمان التكامل بينهما.وطالبوها بإجراء مسوح وبحوث حول مختلف أبعاد الشباب وبحوث نوعية على مستوى الدول العربية حول القيم الشبابية لرصد التحولات في هذا المجال وإدماج السياسات والقضايا الشبابية في السياسات والإستراتيجيات التنموية الوطنية بما في ذلك تنمية القدرات المؤسسية الحكومية والأهلية لتكون أكثر استجابة لمتطلبات مشاركة الشباب بقراراتها ونشاطاتها.وفيما يخص الهجرة الداخلية والدولية والتنمية فقد طالب المؤتمرون بدعم وتطوير نظم وآليات توفير المعلومات الكمية والنوعية حول مختلف أبعاد الهجرة الدولية لتسهم في معالجة الفجوة المعلوماتية وإعداد سياسات إقليمية ووطنية وإعداد مؤشرات متابعة وتقييم لهذه السياسات ورصد المستجدات في ظاهرة الهجرة وكذا تفعيل أدوار المؤسسات البحثية في الدول العربية في مجال البحوث والدراسات المعنية بالهجرة الدولية ولاسيما تلك الهادفة إلى تعظيم الفائدة من الهجرة والحد من سلبياتها وتوظيفها بهدف تعزيز التكامل بين أسواق العمل العربية.بالإضافة إلى تعزيز السياسات الوطنية والمتعددة القطاعات والشراكة مع كافة المؤسسات الحكومية المعنية والجاليات المهاجرة وتوفير الدعم الفني للمؤسسات الحكومية المعنية بصياغة السياسات الوطنية وتنسيق التنفيذ والمتابعة معها وتفعيل السياسات الوطنية والعربية الهادفة إلى تعظيم الفائدة من مردود الهجرة بالتركيز على التوظيفات التنموية لتحويلات المهاجرين وللكفاءات المهاجرة وتلك الرامية إلى توسيع القدرات التنافسية للعمالة العربية على الساحة الدولية. كما شددوا على ضرورة تكثيف فرص الحوار والشراكة بين دول الإرسال ودول الاستقبال لتيسير تنقل العمل بما يستجيب لحاجيات كلا الطرفين وللحد من الهجرة غير النظامية ومكافحة شبكات المتاجرة بالمهاجرين ولتعظيم الفائدة المتبادلة من حراك وتنقل العمل في ضوء التحولات القائمة والمتوقعة في المجالات الاقتصادية والديمرغرافية ووضع السياسات والإستراتيجيات المناسبة لتقوية أواصر العلاقة بين المهاجرين العرب وبلدانهم بما يعود بالنفع على كافة الأطراف وزيادة الإسهام في نقل التقنية وتعزيز الاستثمار في الدول العربية وطالبوا جامعة الدول العربية بتنسيق الجهود وتشكيل فريق عمل يضم خبراء ومتخذي قرارات ومنظمات دولية وإقليمية ذات العلاقة من اجل إعداد خطة عمل تتبناها الجامعة لبلورة سياسات للتوظيف التنموي للهجرة على المستويات الوطنية والإقليمية والعمل على معالجة الخلل في التركيبة السكانية في دول مجلس التعاون الخليجي من خلال تعظيم جهود التنمية البشرية (تعليماً وتدريباً وتأهيلاً) وزيادة مشاركة المرأة في قوة العمل ورفع القيود أمام تنقل العمالة الخليجية بين دول المجلس ووضع ضوابط أمام استقدام وتشغيل العمالة الأجنبية مع إعطاء أولوية التشغيل للعمالة العربية ووضع السياسات والإستراتيجيات للحد من الهجرة الداخلية ولاسيما من الريف إلى المدينة وخاصة بين الشباب.بالإضافة إلى حث الدول العربية والمنظمات الإقليمية والدولية على معالجة المشاكل الناجمة عن الهجرة القصيرة وتوفير الخدمات والحماية للمهاجرين.وأما فيما يتعلق بالمسنين فقد وجه المشاركون الدعوة إلى إجراء الدراسات والبحوث المتعلقة بأوضاع المسنين وظروف معيشتهم الاجتماعية والصحية بما فيها النفسية وبالتركيز على دورهم ومشاركتهم لتعظيم الاستفادة من خبراتهم المتراكمة والعمل على إعداد السياسات والإستراتيجيات والبرامج اللازمة لتقديم الدعم والرعاية لهم وفي مجال الشراكة والتطوير المؤسسي وبناء القدرات دعا المشاركون في المؤتمر الدول في دعم القدرات المؤسسية والبشرية والتشريعية للمجالس واللجان الوطنية للسكان في الدول العربية مالياً وفنياً لتمكينها من القيام بأدوار أكثر فاعلية ودعوة الدول التي لا توجد بها مؤسسات خاصة بالعمل السكاني إلى سرعة المبادرة بإنشائها.كما وجهوا الدعوة لكل من جامعة الدول العربية وصندوق الأمم المتحدة للسكان والمنظمات الأخرى ذات العلاقة إلى المبادرة بإعداد خطط وبرامج لتطوير قدرات المجالس واللجان والمؤسسات ومن في حكمها والنهوض بدورها وتقديم الدعم اللازم للدول التي تخطط لإنشاء هذه المؤسسات أو الهيئات.إلى جانب دعوة جامعة الدول العربية وصندوق الأمم المتحدة للسكان واللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا إلى تنظيم لقاء إقليمي بعد سنتين للتقييم المرحلي لإستراتيجيات ومنهجيات بلوغ أهداف المؤتمر الدولي للسكان والتنمية والأهداف الإنمائية للألفية بحلول عام 2014م وتشكيل لجنة تضم الجهات الثلاث المذكورة واللجنة الدائمة للسكان بدولة قطر لمتابعة توصيات إعلان الدوحة. بما في ذلك دعوة الجامعة العربية إلى القيام بالمزيد من التنسيق على المستوى الإقليمي لجميع المنظمات الدولية والإقليمية العاملة في مجال السكان والتنمية من اجل تخطيط وإعداد مبادرات إقليمية مشتركة ومن أجل تعبئة الموارد وتعظيم توظيفها والعمل على عقد اجتماعات فنية دورية متخصصة بالقضايا السكانية ذات الأولوية وأكدوا ضرورة تطوير الشراكة بين الأطراف العاملة في قضايا السكان على المستوى العربي والمحلي وتوفير الموارد المالية اللازمة وتفعيل التعاون بين البلدان العربية وتشجيع تبادل الخبرات بينها والعمل على توفير الموارد المالية اللازمة لمساعدة الدول العربية لتحقيق أهداف برنامج العمل السكاني.وحث المشاركون الدول على توفير الموارد المالية المطلوبة لتحقيق أهداف برنامج العمل السكاني لتفادي الانعكاسات السلبية للأزمة المالية العالمية وخاصة على الفئات الأكثر احتياجاً.أما ما يتعلق بالبيانات والمعلومات والبحث والتطوير فقد دعا المشاركون جامعة الدول العربية وصندوق الأمم المتحدة للسكان والاسكوا إلى تحديث قواعد البيانات والمعلومات الإقليمية المتعلقة بمختلف أبعاد وقضايا السكان والتنمية وصحة الأسرة في المنطقة ونشرها وإتاحتها للباحثين ومتخذي القرار و التوسع في دعم بناء القدرات الإقليمية والوطنية في مجالات البحث وجمع المعلومات من خلال التعدادات السكانية والمسوح المتخصصة بالعينة بقضايا السكان كالشباب والمرأة والطفولة والإعاقة .. إلخ وبناء القدرات في مجال التحليل المعمق والتحليل الموجه للسياسات واستخدام البرمجيات والأساليب الكمية.ودعوا الدول إلى التوسع في توفير البيانات السكانية والبيانات ذات العلاقة من خلال تنفيذ عمليات البحوث الميدانية وجمع البيانات والتحليل المعمق الكمي والنوعي وإجراء الدراسات المقارنة بين الدول من اجل تفعيل توظيف النتائج والخبرة المتراكمة والممارسات الجيدة ولتطوير تحديث السياسات والبرامج ومتابعتها وتقييمها وتوفير المعلومات والبيانات كماً وخصائص من خلال البحوث والدراسات العلمية المتخصصة وذلك من أجل استشراف المستقبل والتنسيق بين الدول العربية في مسوحات الشباب وإعداد مؤشراتها المتفق عليها لأغراض المقارنة والاستفادة من الخبرات المتوفرة في هذا المجال.كما دعواً كافة الأطراف إلى تعزيز الشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص وطنياً وعربياً وتوفير الدعم اللازم لتفعيل أدوارها في تحقيق الأهداف السكانية والأهداف التنموية للألفية.وفي مجال الإعلام طالب المشاركون بوضع إستراتيجيات للإعلام السكاني الهادف ونشر المعرفة السكانية الدقيقة وتدعيم الاتجاهات والقيم المواتية لتحقيق الأهداف السكانية.