نجوى عبدالقادر: مع الثورة الهائلة في الإتصالات أقتحم الكمبيوتر مجالات الحياة كافة .وهناك مئات البرامج التي يتعامل معها مستخدم الكمبيوتر عبر الشاشة ، بدءاً من تعليمات التشغيل مروراً ببرامج المعلومات وصولاٍ إلى شبكة الانترنت التي اقتحمت العالم كله ،بالاضافة إلى أن الكمبيوتر أصبح وسيلة أساسية من وسائل التعليم ونقل المعرفة في المدارس والمكتبات العامة بل في كثير من البيوت والمرافق العامة .ولقد أصبح التعامل معه ضرورة ملحة تدعونا الى التوصل إلى أفضل الاشكال المعرفية والعلمية والفنية.ومما يؤسف له أن برزت فجأة -وكنبت شيطاني- مجموعة من الكتاب الذين سرعان ما فاجأتنا بهم الصحف والمجلات العربية والمحلية والذين ليس لهم علاقة بمناهج البحث أو التفكير كما أن علاقتهم بالقراءة والكتابة الادبية والفنية معدومة ولكنهم استطاعوا أن ينشروا مواضيع عدة بأسمائهم التي لم نعرفها من قبل.إننا لا نلوم هؤلاء الذين ينشرون مواضيع أدبية أو فلسفية أو تاريخية ولكن اللوم يقع على الجهة التي سمحت لهم كبعض الصحف والمجلات بنشر مثل هذه المواضيع الجاهزة مع صورة هذا الكاتب الذي يعتقد أننا أغبياء أو لا نعرف شيئاً عن سر ظهورهم المفاجئ.إننا في أمس الحاجة الى الاستيقاظ من سباتنا وإزالة الصدأ عن عقولنا لندرك من هو الكاتب الحقيقي الذي قضى عمره في القراءة والبحث والتقصي وراء الحقائق ليقدم للقراء نتائج سهره وقراءاته وهو يملك الموهبة في الكتابة والانتاج الفكري والابداع الفني .إن مثل هذا النشر الالكتروني السريع والمفتعل لا يأتي من موهبة الكاتب الجديد الذي عرف من أين تؤكل الكتف .. وهذا يعني أنه سيتقاضى أجراً مقابل هذا النشر لموضوع صوره من الكمبيوتر أو طبعه بتعبير أدق .. ثم قام بنشره في أسرع وقت ودون تردد منه وهنا تكمن المشكلة إن هذا المتصفح لشاشة الكمبيوتر وبرامجها المتعددة أصبح علماً من أعلام الكتابة الصحفية مع نشر اسمه الحقيقي في مقدمة الموضوع .. وتصل به الجرأة إلى نشر صورته التي تنطق بالثقة في رأس العمود الصحفي أو المقالة الصحفية التي قدمها للقراء ككاتب أو كحصفي يكبر مع الزمن في الوقت الذي لا يزال محدود الموهبة والكفاءة .إن الأمر في مثل هذا النشر لمقالات كتبها مثقفون حقيقيون لهم صلة بالنشر في مجال الابداع الكتابي أو الكتابة الابداعية .. يختلف تماماً مع نشر المعلومات التي يستفيد منها كثير ممن يتعاملون مع شبكة الانترنت في إنتقاء الاخبار العالمية الجديدة ونشرها في الصحف أو المجلات المحلية الأكثر تناولاً بين مواطني هذه البلدة أو تلك.ولكن المشكلة تكمن في نشر مواضيع جاهزة لم يكتبها هذا الكاتب الجديد أو ذاك، ولم يبذل أي جهد في سبيل جمع مثل هذه المادة التي استلمها جاهزة من خلال تصفحه لشبكة المعلومات.ويمكننا القول إن مثل هذه المواد الثقافية أو الادبية التي تنشر بغير اسماء كتابيها ليستهدفنا الى نشر الثقافة.وليست هذه هي الثقافة التي نطمح الى نشرها في صحفنا ومجلاتنا التي اقتحمت اليوم عالم الثقافة الالكترونية واصبحت في متناول القارئ في جميع أنحاء العالم.وعلينا أن نصدر الى العالم ثقافة نتميز بها وتميزنا عن غيرنا بما ننشره من أفكارنا ونتاجاتنا التي توصلنا إليها بجهدنا وعلينا أن نعرف أن الاستفادة من شبكة الانترنت هي وسيلة من وسائل المعرفة والجمع للمعلومات والتي يلجأ إليها الكاتب أو الناقد أو الصحفي وغيرها ممن يقدمون أعمالاً فكرية أو إبداعية..ولا نستغرب أن كثيراً من الناس يعتقدون أن هذه الوسيلة يمكن أن تصنع منهم كتاباً ونقاداً ومفكرين وصحفيين دون أن تكون عندهم الاساسات الاولية للعمل الكتابي .وهذا ما لمسناه واضحاً في بعض الصحف والمجلات المحلية .. حيث قرأنا لكاتب بالامس موضوعاً في صفحة الرياضة وهو عبارة عن جمع لمعلومات رياضية .. وإذ بنا نقرأ له اليوم موضوعاً نقدياً في مجال الشعر في الصفحة الثقافية .. ولم يتردد أن ينشر موضوعاً آخر في مجال التحليل السياسي لقضية عالمية على صفحة القضايا الدولية إذا أتيح له ذلك أو في مجال الترجمة من لغات عدة.إن مثل هذه الاقلام الجديدة أو الاسماء اللامعة التي لم نعرفها من قبل كيف نسمح لها باقتحام أبواب النشر السريع ولنا أقدام راسخة في معرفة من هو الكاتب الحقيقي ؟ والذي يصل الى مستوى نشر كتاباته بعد محاولات متواضعة حتى يصل الى درجة كاتب صحفي أو ناقد أدبي ومحلل سياسي.إن على رؤساء الصحف والمجلات الثقافية الانتباه الى هذه الظاهرة التي بدأت تظهر مع إنتشار شبكة المعلومات في كل مكان وفي كل مكتب وفي كل مؤسسة صحفية أو تربوية أوثقافية .. بل وفي كل المؤسسات الانتاجية وفي كثير من البيوت واضعين أمام أعينهم مهمة النشر الثقافي كأخبار ومعلومات جديدة وليس كنتاج فكري يؤخذ ثم يعاد نشره بأسماء غير اسماء كتابها الاصليين الذين كانوا قد كتبوا جميع مقالاتهم بالمطرقة والسندان .. وبذلوا جهداً في القراءة والبحث ثم الكتابة الى القراء بأسلوب تميزوا به وهو خلاصة أفكارهم وآرائهم التي لايعيبنا شيء إذا استفدنا منها . ولكن العيب إذا بدأنا العبث بثقافتنا أمام المتلقين لها في داخل بلادنا أو في خارجها.
|
ثقافة
الثقافة الإلكترونية
أخبار متعلقة