أطياف
مدينة عدن ثغر اليمن الباسم كانت ومازالت مدينة الشمس والبحر والليل والجبل ، يانعة لكل الذين اختاروا العيش فيها أو الذين يلوذون إليها فارين لبعض الوقت من تعب هذه الحياة او الذين يبحثون عن لقمة العيش ...عدن مدينتي الجميلة هذه التي تغنى بها الشعراء الفنانون باختلاف فنونهم ورسموها لوحة رائعة في أعمالهم الخالدة . فهي التي يحتضنها البحر ويحيط بها الجبل ويسد ل الليل ستاره المخملي المطرز بالنجوم عليها ليكسبها روعة فوق جمالها... لا يختلف اثنان في أ ن عدن غدت أكثر روعة وجمالا خصوصاً بعد أن أولتها القيادة السياسية مزيدا من الاهتمام والرعاية وتشجيع الاستثمار والبناء في أراضيها التي كانت تعد إلى عهد قريب أراض قاحلة ، حيث تم توسيع ورصف الطرقات ن وإقامة المنشآت السياحية حتى أصبحت شواطئها الذهبية مرتبة ومنسقة ومفتوحة أمام الذين يرتادونها من الداخل والخارج .من نافل القول ان عدن تكتسب جاذبتها وجمالها من ثنائية البحر والليل اللذين صبغاها بلون إنساني أضفى عليها روح البحر وصفاء السماء في عمق الليل . ومما لاشك فيه أن البحر صديق الإنسان الأزلي ومقبرته في أن واحد فقيل عن البحر أنه كنز للمعرفة والثروة وقيل عن البحر أنه مصدر لغذاء وفير يتغذى منه الانسان ، وأن البحر يتغذى به عندما يكون قاسيا ويبتلع ضحاياه .. وقيل عن البحر أيضا ً أنه صديق العشاق والشعراء والمكلومين الذين يلوذون به وبأمواجه ليفضوا إليه بهمومهم وأحزانهم باحثين عن لحظة وصال أو قصيدة أو معافاة جرح أليم .وكما أن البحر صديق الإنسان فهو أيضا صديق القتلة و المجرمين والمهربين الذين يجدون فيه مكانا أمنا لجرائمهم ، ومنفذا ً وسيلة لتهريب سمومهم ومسروقاتهم .. بل وقد يتخذه االخاطئون ملاذا لتفريغ شهواتهم .وما يقال عن البحر يقال عن الليل أيضا .. فالليل صديق للعشاق وصديق للشعراء وصديق للنجوم التي تملأ الأفق جمالا وروعة .لكن ثمة من يقول في الليل كلاما قاسيا مثلما قيل في البحر عندما وصفه البعض بأنه مقبرة للإنسان وملاذ للقتلة والمهربين والخاطئين ، فكذلك يقال عن الليل أنه صديق مثالي للصوص والمجرمين والخونة والخائنات وغيرهم ممن يجدون في الليل البهيم غطاء مثالياًً لارتكاب جرائمهم وخطاياهم .ولما كان البحر يحتضن مدينة عدن فليالي عدن لا تخلو من بصمة البحر الذي يضفي عليها بنسائمه بعضا من روحه .البحر لا يعرف سره والإنسان كذلك لا يعرف سره .. فالله وحده هو الذي خلق الإنسان والأرض والبحر والجبل وأنشأ الليل والنهار والضوء والظلام .. انه هو وحده الذي يعلم الأسرار، أسرار هذا الكون وهذا الإنسان.عدن هذه الأنشودة البحرية بالرغم من الاهتمام والرعاية التي تلقتها وتتلقاها لازالت تفتقد إلى المزيد من الاهتمام ... فهاهي حدودها البحرية تفتقد إلى الرقابة والى طاقم خفر سواحل مؤهل ومجهز بقوارب حراسة وإنقاذ متطورة قادرة على حماية حدودها البحرية من اللصوص الذين يستغلون انفتاح مياهها فيقومون باستغلال ثرواتها البحرية ويقومون بعمليات التهريب عبر هذه الحدود المفتوحة سواء كان من الدول القريبة أو العكس . وشهدت عدن مؤخرا كما قرأنا وسمعنا عمليات تهريب المخدرات عبر منافذها البحرية ، ولا ننسى الغرقى من مرتادي شواطئها خاصة في فصل الصيف .. فاذا كان هناك متخصصون في عمليات الانقاذ بشكل نوعي وكاف على أتم الجاهزية لقلت هذه الحوادث . وبالمثل يمكن مقارنة حال الأرض في عدن بحال البحر والليل، فقبل أن يتم رصفها وتعميرها هي بحاجة ماسة إلى إعادة النظر في بنيتها التحتية قبل أي شئ أخر فها نحن نشاهد في كل مكان أن أغلب الشوارع التي تم رصفها يعاد نبشها وتحفر من جديد لإصلاح خط ضغط عالي أو خط تلفون أ ربما لإصلاح المجاري.عدن الجميلة تحتضن سكانها الذين يكتسبون قيمهم الإنسانية من حقيقة أنها عروس البحر وبوابة اليمن إلى عالم ما وراء البحار... الإنسان في عدن بحاجة إلى أن يحمل أجمل ما في البحر وما في الليل ولعل هذا هو سر جمال عدن وجاذبيتها للناس في كل الوطن وخارج الوطن .ولذلك فنحن بحاجة إلى أن تكون عدن عنوانا لأجمل ما في البحر الذي يحتضنها ولياليها الرائعة التي تسدل بستارها عليها .. كا أننا بحاجة الى ايلاء مزيد من الاهتمام بالأرض التي يجب أن تكون بنيتها صالحة لاستيعاب التحديث والتطوير لمنشأتها وطرقها ومبانيها والناس الذين يجدون إنسانيتهم فيها بهذا المعنى يجب أن نخلص عدن من مساوئ البحر والليل ، فلا يجب أن تكون مكانا للموت كما هو حال البحر حين يبتلع ضحاياه من الغرقى وحال اللصوص والمهربين الذين يجلبون السموم والمسروقات المهربة والبضائع المغشوشة لأبنائها عبر مياهها ، ولا يجب أن يكون الليل فيها صديقا للقتلة والمجرمين ومرتكبي الخطايا .وفي هذا الجانب لا ننسى الاعتراف بالجهود الطيبة التي تبذلها قيادة محافظة عدن وأجهزة الأمن من أجل أن تكون عدن أكثر أمنا واستقرارا .في ضوء كل ما تقدم يجب أن نحافظ على أن يكون للبحر والليل في عدن معانيهما السامية باعتبار كل منهما صديقا للشعراء والعشاق وباعتبار كل منهما مصدرا لا ينضب للثروة والمعرفة والجمال .