فضاء
علي ياسينالدفاع عن حقوق الانسان واحترام هذه الحقوق يندرج كشعار في مسبحة واحدة الى جانب شعار الدفاع عن الوطن والموت حباً فيه والحقيقة التي جاءت بها العولمة تجعل من حقوق الانسان في المرتبة الاولى بعد حقوق الوطن بل ان الوطن في العولمة يتلاشى ويذوب ويختلط حب الوطن بالمصالح المتشابكة التي تشبكه بالمنظومة العالمية للمال وحركته وذوبان الحدود الفاصلة بين الوطن الخاص بالفرد والوطن العالمي الذي تملكه الاموال والمصالح الاقتصادية الكونية هذا الذوبان يفرض بالضرورة على الانسان الفرد ان يتمسك بحقوقه الشخصية وصيانتها والحفاظ عليها حتى لا تتسرب من بين يديه مثلما تتسرب الهويات الغارقة بين هذا الوطن وذاك غير ان حقوق الانسان تحتاج ايضاً الى دولة ترعاها وليس فقط الى الايمان الفردي بها والدول كما هو معروف لاتنشأ وفقاً لقواعد العولمة ان الدولة تحتاج الى حدود ومعالم جغرافية تسود فيها وتحكم والا لما صارت الدولة كذلك من هنا فان شعار الدفاع عن حقوق الانسان هو دفاع عن الوطن هو شعار غير فارغ المحتوى والمشكلة في البلدان الثالثة او بلدان العالم الثالث هي ان الحكام يسيطرون على الجغرافيا وعلى الناس ويستمدون هذه السيطرة من خلال قمعهم لحقوق الانسان وعدم احترامهم لها ومصادرة هؤلاء الحكام لحقوق الانسان في بلدانهم لا يلغى هذه الحقوق فحسب انما يلغى مفهوم الدولة وينتزع دلالتها في البلدان التي يحكمونها والنتيجة ان الشخص او المواطن في هذه البلدان يفقد روح الانتماء الى وطنه ودولته ويجد نفسه امام خيار وحيد وهو الدفاع عن حقوقه حتى وان تعارض ذلك انتمائه الوطني ولا خير عنده في السماح لدولة اخرى بأن تحتل بلاده ووطنه واذا حدث ذلك فانه يقف على الحياد لانه لا يؤمن بالدفاع عن وطن سلبه حكامه حقوقه كمواطن ومثال العراق لازال يملأ الدنيا ضجيجاً فغالبية الشعب هناك لم تقاوم الغزو الامريكي ولا تقاوم احتلاله لوطنها والتبرير في هذا الموقف العدائي تجاه حرية الوطن وسيادته هو ان هذا الشعب كان منزوع الحقوق قبل الاحتلال ولم يكن يشعر ان دولة العراق هي دولته ولا الحكام هم حكامه الوطنيون وبصرف النظر عن الرأي الشخصي في مثل هذه الاطروحات الا ان الحقيقة التي لابد ان تحظى بعناية الحكام في بلداننا هي انهم بدون احترامهم لحقوق مواطنيهم وصيانتهم لها فانما هم لا يعرضون انفسهم لمهانة العزل عن طريق الغزو من الخارج بل انهم يقدمون بلدانهم على طبق من هزيمة امام أي طامع اجنبي وخصوصاً امريكا المستعدة على الدوام للاطاحة بمثل دولنا وحكامنا تحت ذريعة اهانتهم لحقوق مواطنيهم واغتصابهم لكرامتهم واذلال آدميتهم ولعلنا بعيدون عن الشر الامريكاني وهذا الشر هو في الحقيقة غير بعيد الا اذا كف حكامنا في بلدان " العالم الثالث " عن انتهاك حقوق مواطنيهم قولوا ان شاء الله .