درامــا ذات احتياجــات خاصــة
همام كدر في كل موسم درامي تختار الدراما السورية عالماً جديداً من النادر أن تخرج منه بأعمال على سوية واحدة فبعد الدخول (وعدم الخروج حتى الآن) بمسلسلات البيئة الشامية التي لا ترصد الواقع الحقيقي للرجل السوري .دخلت الدراما السورية عدة عوالم لم تتطرق اليها من قبل منها سكان العشوائيات وعمالة الأطفال .تدخل الدراما السورية هذا العام منعرجاً جديدا رآه الكثيرون من أهم تحولات الدراما وذلك بدخولها عالم ذوي الاحتياجات الخاصة أو المسمين حديثاً بذوي القدرات الخاصة. وذلك بتقديم عملين يتحدثان عن هذا الموضوع الأول “قيود الروح” الذي يتحدث عن لقاء عابر بين ثلاث أمهات في إحدى مشافي التوليد بدمشق، يقود إلى رحلةٍ من المصائر المشتركة بين شخصيات تلتقي، لتفترق.. ثم تلتقي من جديد،ليكمل الأبناء مجريات هذا اللقاء الذي شاء له القدر ألا يكون عابراً، في حكايةٍ تصوغها المصائر المشتركة لثلاث عائلات، وتمتد على مدى ثلاثة عقودٍ من الزمن بين عامي 1983 و2009، تلك باختصار حكاية مسلسل (قيود الروح) تأليف يارا صبري وريما فليحان، وإخراج ماهر صليبي، وبطولة نخبة من نجوم الدراما السورية .الفنانة يارا صبري تتحدث عن تجربة مسلسل قيود الروح فتقول :”هذه التجربة هي صراحة التجربة الحقيقة الأولى في الكتابة، لأن تجربة قلوب صغيرة كانت أقرب للإشراف الدرامي، وبالمجمل مسلسل قيود الروح هو تجربة مختلفة على كافة الأصعدة من حيث القضايا المطروحة وأسلوب طرحها، إذ تشكل الإعاقة الذهنية محوراً واحداً من العمل فيما يذهب ببقيته نحو الاهتمام بالتفاصيل وليس بالأحداث الكبيرة”.وتضيف الفنانة صبري أن المشكلة الكبيرة التي تعاني منها هي حجم التمويل الضخم الذي يحتاجه العمل، “فعلى الرغم من أننا نقدم عملاً اجتماعياً معاصراً لكنه يعامل معاملة التاريخي من حيث الميزانية والمتطلبات، لأنه يطرح مراحل عمرية مختلفة تتطلب العودة إلى ثمانينيات القرن الماضي، لكن الأمر ذاته يعتبر فرصة للممثلين الذين يرغبون كثيراً بتجسيد شخصياتهم في مراحل عمرية مختلفة بحيث يكون هناك فسحة لإظهار الإمكانيات والإبداع.العمل الثاني وفي سابقة هي الأولى من نوعها في الدراما العربية، يلعب شاب من ذوي الاحتياجات الخاصة مصاب بـ”متلازمة داون” أحد أدوار البطولة في المسلسل السوري “وراء الشمس” للمخرج سمير حسين والكاتب محمد العاص حيث يجسد شخصية علاء أيضا بنفس الاسم الحقيقي له. يشارك الشاب علاء في بطولة المسلسل مجموعة من الفنانين؛ من أبرزهم بسام كوسا وصبا مبارك ومنى واصف، وباسل خياط، وثناء دبسي، ونادين خوري، وسليم صبري، وضحى الدبس، ورضوان عقيلي، والشاب علاءالدين الزيبق وآخرون.وذكر مخرج المسلسل ، أن انتقاء الشاب علاء الدين الزيبق (22) سنة جاء من بين مئات المصابين بمتلازمة داون، مشيراً إلى أنه خضع لورشة تدريب على مدار أربعة أشهر.وأوضح أنهم عانوا كثيراً في كيفية توظيفه أمام الكاميرا في البداية، لكنهم استطاعوا أن يحولوه في النهاية إلى ممثل موهوب، قادر على التفاعل مع حركات الكاميرا بشكل جيد.ولفت حسين إلى أن المشهد الذي يأخذ من الوقت ساعة واحدة يأخذ من علاء الدين ست ساعات،وذلك مراعاة لقدرته على التحمل ومعاناته من ضعف الذاكرة.وتابع أنه يقوم بتخصيص فترة راحة له بين مشهد وآخر، نظرا لقدراته العقلية والبدنية، لافتا في الوقت نفسه إلى أن علاء على دارية بأنه يمثل أمام الكاميرا، ويدرك أنه سيظهر أمام كل الناس على شاشة التلفزيون.. ومتحمس لذلك.كما اعتبر أن وجود علاء في عمل درامي مغامرة بحد ذاته، إلا أنه سيشكل رسالة كبيرة لكل العائلات العربية الذين يعانون من تلك الحالة، وسيقرب تلك الشريحة إلى الناس، فضلاً عن خلق جسر من التفاهم بين هؤلاء والمجتمع.وأوضح حسين أنة لو تم الاعتماد على ممثل محترف بدلاً من علاء، فإن المشاهد سينتابه الشك في قدرتهم على تجسيد تلك الحالة بشكلها الحقيقي.وفي سياق آخر، كشف المخرج السوري أن الفنان بسام كوسا يقوم بتأدية دور (بدر) المصاب بالطيف التوحد بالتوازي مع شخصية علاء في المسلسل، مشيرا إلى أن بسام بدوره تعامل مع هؤلاء المصابين بكثرة من خلال زيارته المتكررة لهم، إضافة إلى استعانته بالمراجع والكتب وبعض الأفلام.وأشار إلى أنه يهدف من وراء هذا العمل جعل ذوي الاحتياجات الخاصة أكثر قربا من الناس، منتقدا في الوقت نفسه نظرة المجتمع لهؤلاء على أنهم عالة.و كشف مخرج العمل أنه عندما شرعوا في تحضير وكتابة هذا العمل استشاروا الأطباء المتخصصين بمرض متلازمة (داون) ومرض الطيف التوحد، وتم قبول اقتراحاتهم ليكون العمل أكثر توثيقا.وتنسج أحداث مسلسل (وراء الشمس) حول ذوي الاحتياجات الخاصة من خلال شخصيتين أساسيتين؛ الأولى هي الشاب علاء الدين الزيبق المصاب بمتلازمة (داون) المنتمي إلى شريحة اجتماعية ميسورة الحال، والثانية للفنان بسام كوسا المصاب بمرض الطيف التوحد والمنتمي إلى أسرة فقيرة، ما يضع البعد الاقتصادي والإنساني بعين الاعتبار.غير أن الحديث الدرامي يدور بشدة حول أداء الممثل بسام كوسا الذي وصف(بالانتحاري) فالرجل يؤدي الدور (الطازج) دائما وهو ممثل المهمات الصعبة وفي كل مشهد يثبت أنه قادر على اللعب بأي خطة توضع له من قبل المدرب (المخرج).