يا إذاعة عدن أطلقيه
د/ زينب حزام«حلحول في الغربة» من المسلسلات الكوميدية التي أنتجتها الإذاعة في القناة الثانية عدن منذ ستة أعوام، من تأليف الأخ/ أحمد محمد الشميري وإخراج الراحل عبدالله مسيبلي، وشارك في تقديمه نخبة من أبرز الممثلين اليمنيين .. والمسلسل يقف أمام أشياء كثيرة في المواقف الإنسانية الجياشة ويكشف دقائق السلوك الإنساني في (غربة) الإنسان اليمني.وهو يقف أيضاً أمام الأشياء الكبيرة ليوضح سر اغتراب الأمس من خلال شخصية (راجح مكرد) أبن اليمن المغترب الذي تتجمع حول عودته من الغربة أحلام القرية وآمالها.ويوضح المسلسل الأمراض التي تتعامل مع المجتمع على أساس طبقي كل طبقة لها مرض خاص.أما عائلة (حلحول ) بطل المسلسل وهي نموذج لأسرة من الطبقة الوسطى، فقد أصيبت بأخطر الأمراض .. بالتمزق ويحذر المسلسل من تفشي وانتشار هذا المرض الخطير والذي يعتبر مرض هذا العصر !كل واحد في عائلة حلحول يعيش في عزلة لا ينتمي لغير نفسه، الأنانية تجري في عروق الزوجة (سلومة) والأخ الأكبر (مبروك) ! حياة الأسرة عموماً فارغة من الهدف الذي يربط بين الجميع ومن خلال انعدام الهدف يتسلل إلى الأسرة هذا المرض الخطير الأنانية أو الفردية .. كل واحد يفكر في نفسه .. في شخصيته في حياته الخاصة .. كل واحد يعيش في خلوة تفصله عن الآخر.أما المرض الثاني فيجده حلحول في غربته عند طريقة فطحول الذي يمثل الصورة الصارخة للابتذال .. انه ثرثار جاهل في سلوكه وليس في ألفاظه غير الأشياء المتنافية مع العاطفة والفكر .. شخصية يتحكم بها الجهل والتفاهة الأستاذ محفوظ مدرس اللغة الانجليزية ضاع في الغربة انه يبكي بمناسبة وبغير مناسبة .. يبكي على نفسه وعلى غربته بعد أن ترك سلك التدريس في بلاده ليعمل غاسل أطباق في الغربة حتى أصبحت أحزانه لا تثير غير الابتسام والاشمئزاز انه سريع التأثر بالعوامل الخارجية، سريع التعبير عن نفسه بالدموع شأنه في ذلك شأن الشخصية التافهة التي لا عمق فيها ولا إرادة لكنها استطاعت أن تحول شخصية فطحول بعد ذلك إلى نموذج إنساني جديد.وفي الغربة تلتقي القلوب الخالية من الحقد والكراهية والضغينة وتتوتر الأزمات بينها، فتأخذ مجراها شجاراً، وسباباً، وخصومة.لكن هذه الأزمات تذوب أمام أزمة كبرى تدهم هذه القلوب!أنها قلوب طيبة نابضة .. يربطها جميعاً خيط واحد اسمه المأساة الضاحكة ويحتويها كلها شقة ضيقة في الغربة، وفي رحاب هذه الشقة .. شباب مضطرب أهم مشكلة تواجههم هي الحصول على تصريح عمل.كل واحد له قلب وكل قلب له نبض وله قصه.وبعد .. فإن مسلسل حلحول في الغربة يتيح للمستمع فرصة النظرتين العميقتين .. النظرة الحزينة إلى الماضي ودور الاغتراب فيها والنظرة العميقة المتطلعة نحو المستقبل .. ومن خلال النظرتين يتبين .. المستمع مواضيع خطواته على الطريقة .. فلماذا لا يتم إعادة الكوميديا الهادفة أم أنه ذهب مع الرياح التي هبت على المكتبة البصرية والسمعية داخل مبنى الإذاعة والتلفزيون في غفلة من الزمن ؟!