مفكرة سكانية
شوقي العباسي :الهجرة ظاهرة سكانية لها دلالاتها وإبعادها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والنفسية المختلفة وهي إحدى الحقائق للحياة البشرية وتمثل جانباً من جوانب السلوك البشري منذ نشاة الإنسان وتعد عاملاً هاماً من عوامل المواءمة بين الإنسان وموارد الثروة التي تحيط به فإذا شحت الثروة أو نضبت فإن الإنسان يهاجر إلى منطقة أخرى حيث العيش الأفضل وعلى هذا الأساس انتشر الإنسان في جميع أنحاء المعمورة وانتشرت معه الحضارات القديمة وتنوعت الثقافات واختلفت وحدث التباين وعدم المساواة بين المجموعات البشرية .كما أن الهجرة تعمل على تشكيل المجتمع وإعادة تشكيله باستمرار حيث تؤدي إلى توزيع السكان وتغير التركيب الاجتماعي للمجتمع وللأسرة المعيشية ،وقد عرف دليل السكان الهجرة أنها حركة السكان وبصورة أدق هي الحركة عبر حدود معينة لغرض الإقامة وتعتبر الهجرة إلى جانب الخصوبة والوفاة عنصراً من عناصر تغير السكان ، وقد أثرت الهجرة ( داخلية أو خارجية) على التوزيع السكاني في اليمن لان الكثافة السكانية في الكيلو متر المربع الواحد في اليمن مقارنة ببقية أجزاء الجزيرة دفعت اليمنيين منذ قديم الزمان إلى ترك المكان والهجرة بحثاً عن فرص للعيش الأفضل وتحسين أحوالهم المعيشية بالإضافة إلى أن النمو السكاني السنوي المطرد دون إحداث نمو اقتصادي حقيقي يتماشى هذه الزيادة السكانية السنوية مما قلل من فرض العمل لان تفادي أي تأثير للضغوط السكانية على جوانب الحياة المختلفة لا يحدث عن طريق كبح النمو السكاني فقط وإنما عن طريق إيجاد فرص عمل منتجة تستوعب الزيادة السكانية المتجددة ،أزيادة النمو السكاني في السنوات الأخيرة ظاهرة ملموسة ، ولكن ليست هي مصدر مشكلة الهجرة الخارجية اليمنية فقط وإنما هناك العديد من العوامل لظاهرة الهجرة الخارجية بجانب الزيادة المطردة لنمو السكان تتمثل في عدم مشاركة جانب كبير من السكان في النشاط الاقتصادي والإنتاجي كما أن هناك نسبة كبيرة من السكان الذين يعملون في النشاط الاقتصادي يعملون في مجالات لا يتولد منها فائض اقتصادي وكذا عجز القطاعات الإنتاجية الحالية عن توفير فرص عمل كافية تتناسب مع الزيادة السكانية الحالية .وقد وقف المؤتمر الدولي للسكان والتنمية على ظاهرة الهجرة الداخلية وأكد ضرورة ايلاء اهتمام كبير خصوصاً للهجرة من المناطق الريفية إلى المناطق الحضرية ورأي المؤتمر انه لابد من اتخاذ سياسات التوزيع السكاني الفعالة وان تراعى الآثار الإستراتيجية الإنمائية على التوزيع السكاني مع احترام حق الأفراد في العيش والعمل في المجتمع المحلي الذي يقع عليه اختيارهم ، كما رأى المؤتمر ضرورة تشجيع التوزيع المكاني السكاني الأكثر توازناً عن طريق العمل وبشكل متكامل عن طريق تعزيز التنمية المنصفة والمستدامة وكذا تحدي دورها للعوامل الرئيسية المختلفة المؤدية إلى تدفقات الهجرة الداخلية صوب المدن الرئيسية والثانوية وعلى الحكومات أن تجري تقييماً على أساس منظم للكيفية التي يتأثر بها التوزيع السكاني والهجرة الداخلية الدائمة والمؤقتة ، ومن هذا المنطلق نرى بأن معدلات النمو السكاني في عواصم المحافظات يوحي بمدى تأثير الهجرة الداخلية على معدلات النمو في عواصم المحافظات وهي تتعاظم من سنه أخرى وسجلت ارتفاعا كبيراً في المعدل السنوي مسببة بذلك العديد من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية لعواصم المحافظات .