أردنا أن نكتب عن الحب فأبوا إلا أن نكتب عن الكره. كتبت حتى الآن ثلاث مقالات تحت عنوان من لغو الصيف. عنوان أتحايل من خلاله أو تحته لأمرر بعض الآراء الثقافية المتعلقة بالفن والنقد والحب. ان أبقى قليلا بعيدا عن التجاذبات والعراك الثقافي. ومن المفترض أن يكون مقال اليوم عن الحب ولكن الفتوى التي أطلقها الشيخ صالح الفوزان يجب ألا تمر دون أن تحظى بالانتباه والتأمل الكافيين. من الطبيعي أن يجيب الشيخ بتلك الإجابة التي اطلعنا عليها في بعض المنتديات حول الليبرالية.فالسؤال الذي طرحه أحد المتطرفين على الشيخ لا يترك مسافة غير التكفير، فالفكر الليبرالي كما جاء في نص السؤال هو (الفكر الذي يدعو إلى الحرية التي لا ضابط لها إلا القانون الوضعي فيساوي بين المسلم والكافر بدعوى التعددية ويجعل لكل فرد حريته الشخصية التي لا تخضع لقيود الشريعة كما زعموا ويحاد بعض الأحكام الشرعية التي تناقضه كالأحكام المتعلقة بالمرأة أو بالعلاقة مع الكفار أو بإنكار المنكر أو أحكام الجهاد الخ الأحكام التي يرى فيها مناقضة لليبرالية...) هذا السؤال الذي طرحه المتطرف على الشيخ هو في الواقع فتوى جاهزة لا تحتاج من الشيخ سوى التوقيع. فالسائل حشد كل ما يجعل من الليبرالية مناقضا للإسلام وتعاليمه. هذا التعريف المانع الشامل لليبرالية في عقل هذا المتطرف يشير بشكل واضح إلى الكتاب والمثقفين والصحف السعودية والاقتصاد الوطني وأنظمة وزارة التجارة والمرور والعقود التي يبرمها تجار البلد مع بعضهم البعض ومع العالم والأنظمة والمواثيق الدولية التي وقعت عليها حكومة هذه البلاد. مثل هذه الشمولية في السؤال هدفها استغلال اسم الشيخ وسمعته. هذا المتطرف يعرف ألا قيمة لرأيه ورأي المتطرفين الآخرين، فعمد إلى تحريف معنى الليبرالية ووضعها في موضع المحاد لدين الله، لتكفير كل من يأخذ بهذا الفكر حتى لو كانت بعض أنظمة الدولة والقوانين التي تستعين بها الأجهزة الحكومية لتنظيم شؤون البلاد. هذا النوع من الفتوى وطريقة السؤال تشكل دائما الأرضية التي ينطلق منها المكفرون لإقناع صغار السن بكفرية الدولة. وقد أشار الأمير نايف في خطابه الأخير إلى أن منطلق الإرهابيين هو تكفير الدولة وأنظمتها حتى بلغ بهم الأمر تكفير أحد قادة هذه الأمة العظام يقول سمو الأمير ما نصه (فهل تصدقون أن رجلا يؤنب والدته لأنها تبكي على الملك فهد فيقول كيف تبكين على كافر. نعوذ بالله هل تقبلون أيها الإخوة أن يكون في مجتمعكم أناس يكفرون دولتكم وولاة أمركم). إن محاولة تصوير إعلام البلد وأنظمته وقوانينه وعلاقاته الدولية بصورة تحاد الشريعة الإسلامية هي البنية الأساسية لبناء التكفير. لا ألقي باللائمة على الشيخ صالح الفوزان ولكني أتمنى منه ومن كل المشايخ الكرام التنبه للأغراض الخفية لبعض مروجي الفكر التحريضي. عليهم قبل الإجابة تحليل محتوى السؤال والتأكد من غرض السائل قبل إصدار الفتوى وإبداء الرأي. [c1]نقلا عن جريدة "الجزيرة" السعودية [/c]
التكفير
أخبار متعلقة