الأديب عبدالرحمن السقاف
الأديب متعدد القدرات الشاعر الحالم والصوفي عبدالرحمن السقاف من القامات الابداعية السامقة في اليمن وواحد من أهم صناع المشهد الابداعي منذ بداية عقد السبعينات، والحقيقة ان الحديث عن الاديب الاستاذ عبدالرحمن السقاف غني وثر وله محاور عديدة وغنية حفلت بها مسيرته الابداعية المتميزة شكلاً موضوعاً وجدير بالاشارة ان الاديب عبدالرحمن السقاف كان ممثلاً بارعاً وكاتب قصص ومسرحيات وسينارست ومؤلف اغانٍ متمكناً بالاضافة إلى اشعاره التي تناولت بفرادة وخصوصية تميز بها عن غيره في كتابة كل اشكال النص الشعري القديم والحديث بمختلف طرائفه وانماطه المتعددة.وفي هذا المقام نختار من تجربته الشعرية الابداعية عميقة الاثر ما يمكن ان نتحدث عنه بشكل موجز يتناول محورين مهمين ملخصهما الاتي:اولاً:الاديب والشاعر عبدالرحمن السقاف واحد من أهم من قدم القصيدة العامية (العدنية) فهو من وجهة نظري بما قدمه من عطاءات في كتابة القصيدة الغنائية العدنية علامة مهمة تستحق التوقف عندها ملياً لما لها من خصوصية وتميز فنحن نعلم ان جيل الريادة من شعراء الاغنية العدنية قد أسسوا بنياناً متيناً وقواعد راسخة في اسلوب كتابة النص الغنائي العدني منهم على سبيل المثال الاساتذة/ لطفي جعفر امان / أحمد الجابري / د. محمد عبده غانم / مصطفى خضر / أحمد شريف الرفاعي/ علي محمد علي لقمان/ فريد بركات / عبدالله عبدالكريم وعلي أمان وغير هم ولكننا سنجد في كتابة القصيدة العدنية المغناة عند عبدالرحمن السقاف اختلافاً في تقديمها باسلوب يظهر بشكل واضح بالاضافة لما قدموه جيل الرواد اشتغاله الجاد وذائقته الفنية التي تحرص وتهتم بشكل جلي بالمستوى اللغوي والفني العام في النص الغنائي مع ابراز عناصر جمالية اخرى تضيف للمفردة العدنية الذي التقطها من حواري وازقة وشوارع مدينة عدن رؤى وابعاداً تزيدها ثراءً وروعة وخصوبة كاهتمامه بخلق الصور الشعرية المتناغمة بانسياب بديع يعطي كثيراً من المعاني والدلالات الجمالية التي تخدم النص الغنائي وتؤكد بنفس الوقت على وحدة ترابطه المتسلسل كسيناريو متكامل لاحداث النص الغنائي المصحوب بايقاع وجرس موسيقي غاية في الروعة والجمال، ان هذا الاسلوب والاشتغال الجميل مكنه من الارتقاء بمستوى المفردة العدنية العامية البسيطة من شوارع مدينة عدن لتصبح وكأنها جزءً هام من طبيعة نسيج وسياق النص الغنائي للأغنية العدنية التي قدمها باجادة واتقان ليرتقي بها لتضاهي النص الغنائي الفصيح. كقصيدته الغنائية التي اتحفنا بها بعنوان (على رأسي) ونختار منها المقاطع الاتية:على راسي كلامك ياملاك من فوقوحبك يعتلي ويبني قصور الشوقأحبك كلمة قالنه كثير احبابولكنه معي في النور جمال ينذابتنور لك طريق الحب .. وتكتب لك أغاني القلب احبك ملء احساسي .. ونور الحب ملأ كأسيعلى رأسيتقولي ما تقوليهو كلامك به أنا مفتونومش عارف اسميهو كلام اثرى جمال الكونوأنت الورد والاحلام .. كلامك رقص الانغاموعطر الزهر من حبك .. ويفنى ده اللي يغدر بكاحبك ملء احساسي .. ونور الحب ملأ كأسيعلى رأسي ثانياً:يعتبر الاديب الشاعر عبدالرحمن السقاف بما قدمه لنا من كتابات ونصوص وقصائد شعرية في مجملها حلقة الوصل بين الشعر التقليدي بكل مسمياته ذلك الارث الادبي الثقافي الذي كان سائداً بمدارسه في الوطن العربي وفي اليمن عامة وبين شعر الحداثة والتجديد إذ أنه استطاع أن يأتي بنماذجه وبمفرداته الشعرية المبتكرة واستطاع ان يحتط لنفسه شكلاً جديداً واسلوباً خاصاً تميزت بها تجربته الشعرية باشتغالاته الخلاقة على الصور الشعرية في قصيدته اجمالاً، واستطاع ان يقنع القارىء العادي والمثقف بمشروعه الادبي الثقافي من خلال اشتغاله الجاد على محاور متعددة في صياغة وكتابة النص الشعري الذي يتمرد به عبدالرحمن السقاف بوعي على انماط واشكال الشعر التقليدي الذي ذكرناه انفاً وفي نفس الوقت قام بتوظيف كل المستجدات الجديدة التي طرأت على اشكال كتابة القصيدة الحديثة ونعني بذلك قصيدة التفعيلة والقصيدة النثرية لصالح مشروعه الابداعي باسلوب مبهر فقد استطاع هذا المبدع الذي لم ينصفه زمنه منذ وقت مبكر من ان يكون بنماذجه الشعرية حلقات اتصال ومصالحه بين الشعر التقليدي بكل مسمياته وبين كل اشكال الشعر الحديث وكان شعره ولازال يتسم بالجمال وبتدفق الصور الماناغمة بانسياب وعذوبة مع المشهد العام لسياق النص الشعري الذي يتعاطاه بملكاته وادواته اللغوية المتفردة، ومن القصائد الجميلة التي تبين وتؤكد صحة ما ذكرناه في سياق هذه التناولة المقتضبة للشاعر المبدع عبدالرحمن السقاف نختار مقاطع من قصيدة (لعينيك) الزاخرة بالاشتغالات الجادة المبهرة وبالصور الشعرية المتدفقة بغزارة وعمق بديعين:لعينيكلهذا البحر في عينيكلكل حدائق المطرلوعد النوراذا ما غنى بالوترلعينيكلهذا البحر في عينيك**لعينيكإذا ما طار عصفور من العينينلعينيكأمد غنائي من شفتيكونشرب نخب من نورٍاحس هواك من نفسيوألقي همي في العينينأحط الآن من سفريلعينيك (لاحلى لحن في عينيك)