كثر في الآونة الأخيرة مايسمى بـ(المفكرين الإسلاميين) الذين يجعلون الإسلام مادة لتجارب عقولهم وأفكارهم المتناسبة يوماً بعد يوم.. وكلما “ وقعت” على رأس احدهم فكرة ما دون قصد منها في الدين أو السياسة أو الأمور العامة- وهو يتقلب على فراشه يصاريع الأرق ويطارد النوم- هب من فوره واستل قلمه وراح يخربش ورقته فكلمة من هنا وجملة من هناك وعبارة منقولة لسد الفراغ المتبقي فإذا هي مقال!.. وللزوم البهارات انتزع له طرف حديث تذكره- فجأة! من حكايات الجدة قبل النوم أيام الطفولة الجميلة.. البريئة.. الدافئة.. الـ.. عفواً عفواً كدت أنسى!.. أي كنا؟.. هاه.. تذكرت.. بعدها: وحلاه بأية قرآنية تحتوي على الأقل كلمة واحدة موجودة في “مقالة” ثم لم يقنع بذلك حتى اكب على كتب التفسير ليستخرج منها أكثر التفاسير ملاءمة لفكرته ولو كان تفسيراً شاذاً مردوداً!.ثم يمكث الرجل ثلاث ساعات كاملة يفكر في العنوان الذي يجب أن يكون جذاباً ومؤثراً بعد ذلك يخرج من بيته منطلقاً في الشوارع كالمجنون لا يلوي على شيء حتى يصل إلى أكثر الصحف انتشاراً لينشر فكرته الجديدة الإبداعية وليجد لها مكاناً بين زحام الأفكار التي تتصارع فيما بينها تصارع الوحوش من اجل “ البقاء” على “ سطح” الخارطة الصحفية.. فلا مكان لـ” للمكرر المعروف” بل البقاء لـ “ الأغرب” وهذا هو قاموس “ الصحافة لسنا ضد إعمال الفكر والاجتهاد لاستنباط العلوم الشرعية ممن هو أهل لذلك بل هو مطلوب لكن أن يقوم بذلك غير ذوي الاختصاص فهنا مكمن الخطأ وأي خطأ؟ فمن.. تكلم في غير فنه آتى بالغرائب.إن غالبية هؤلاء –المفكرين-.. الإسلاميين ايضاً- ليسوا متخصصين في علوم الشريعة الإسلامية بل تجد منهم من هو متخصص في الهندسة أو الاقتصاد أو الصيدلة أو العلوم الاجتماعية ويفني عمره متنقلاً من مرفق حكومي إلى آخر ومن شركة مقاولات إلى جمعية تعاونية إلى تنظيم سياسي إلى مفكر إسلامي!! والنتيجة مصيبة فتاوى بالمجان رغم تأكيد أصحابها مراراً وتكراراً إنهم غير مفتين نعم لكنهم يفتون أحدهم ألقى درساً على شبابنا وأطفالنا جاء فيه أن إبليس لم يكفر وهذا يفتي بعدم التحرج في تقبيل الشاب (صديقته) لأنها من الأمور التي تكفرها الصلاة والصدقة.إفساد للشباب إيما أفساد يأتي من فتاوى الجهلة الذين يتصدرون للفتوى دون تأهل ومن أين جاء الفكر المتطرف؟ اذا اليس من فتاوى تكفير كل من حكم بغير الشريعة التي أصدرها حدثاء الأسنان؟ الم نغذه فتاوى جواز التمترس بالمدنيين وجواز العمليات الانتحارية وجواز قتل الكافر المعاهد والمستأمن وجواز إقامة الدولة الإسلامية بالقوة؟ كلها بدأت من فكرة بنيت على جهل وسوء فهم فأضحت الشغل الشاغل للعالم كله وأعطت للأعداء العذر ليشنعوا على ديننا ويحاربونا في كل موضع والان ألن يضع احد حدأ لهذه المهازل التي تشوه وجه ديننا الجميل؟.. أين المسؤولون ولاه الأمر؟ وأين المثقفون والصحفيون حملة أمانة الكلمة؟ إنها مسؤولية الجميع، وليست مسؤولية علماء الشريعة وحدهم لنتعاون جميعاً لكشف ودحر الأفكار الهدامة التي ولدت الفساد الفكري الذي يقذف بشبابنا إلى موقد الفتن والإرهاب. ولننبش عن سيرة النبي- صلى الله عليه وسلم- المثالية التي دفنت تحت ركام التعصبات والاختلافات وضاعت بين زحام الأفكار والآراء.
|
اتجاهات
مفكرون .. لكن جهلة
أخبار متعلقة