ترى أن الأدب الذي لا يثير الجدل لا قيمة له .. الروائية سهير المصادفة :
القاهرة /14 أكتوبر/ وكالة الصحافة العربية: خمس سنوات قضتها الروائية والشاعرة سهير المصادفة لتنجز ثاني رواياتها تحت عنوان (مس إيجيبت) التي صدرت مؤخراً عن دار )الدار( للنشر.. وتستعرض فيها المتغيرات السياسية والاجتماعية التي مرت بها مصر منذ ثورة يوليو حتى وقتنا الحالي ، وتؤكد فيها أن مصر ليست أي بلد من هذه البلاد التي لا تاريخ لها بل هي بداية البدايات وسيدة العالم وعندما تظلم في بعض السنوات تكون الشهب والنيازك أكثر روعة ومن هنا تأتي عبقرية وروعة السرد والإبداع.. حول هذه الرواية وأفكار كثيرة حاورناها :[c1]- لماذا الكتابة عن ثورة يوليو في هذا الوقت بالذات؟[/c]- في الحقيقة أنا لم أقصد ذلك لكنني أبحث في تاريخي عن تاريخ إنسانة ولدت في عصر النكسة وضياع المشروع، وهي لحظة ميلادي أنا وجيلي وأنه من حقي أو من حق شخوصي أن يوجد واحد لديه وعي جمالي وسياسي ما وأن يوجد واحد لديه القدرة علي مساءلة التاريخ لكي يعلم ما جرى وما حدث في هذه اللحظة.. بالعكس أنا أعيد عليك السؤال، لماذا لا يكتب عن ثورة يوليو؟ هل تعلم كم الروايات التي كتبت عن الثورة الفرنسية؟ ولماذا يكتب دائما الرأي الواحد الذي يتخيله البعض أنه الصواب ولا يرى سواه؟ ومن الذي أعطاهم الحق في هذا اليقين؟ أنا أكره أصحاب اليقين وأكره الشيوعيين والأصوليين.. أكره الحدة في الأفكار لأنها لا تولد أدباً وكل أصحاب الأيديولوجيات لم يصبحوا أدباء كباراً، والوحيد الذي أصبح أديباً وكاتباً كبيراً هو نجيب محفوظ لأنه ظل طوال مشروعه الروائي يطرح أسئلة كثيرة عن الثورة وعن الحاكم أساءت لمشروعه الروائي ليس مع الدفاع عن كل ما يتعلق بالسياسة بل كان يقينه الأوحد والوحيد هو مع العدل والخير والجمال والبحث عن الحقيقة المطلقة، والتي هي أكبر من الحقائق الزائلة والتافهة.[c1]- ذكرت أنك استغرقت خمس سنوات في كتابة (مس إيجيبت) ألا تعد هذه الفترة طويلة نسبياً؟[/c]- صحيح، الرواية كتبتها في أربع سنوات ثم حجزتها في البيت عندي سنة كاملة، كي أختبرها وأعيد قراءتها مرات كي أحذف كل ما هو زائد عليها، بالشكل الذي يجعل القارئ لا يستطيع أن يحذف منها جملة أو حتى كلمة.- صوت الراوي كان حاضراً بقوة في شخصية الطبيب عبد الرحمن الكاشف وكأنه متعاطف معه عكس بقية شخصيات الرواية.. لماذا؟- أنا أختلف معك في هذا الرأي، فصوت الراوي كان حاضراً في كل الشخصيات لكن عبد الرحمن تفوق على نفسه كشخصية نمطية في الرواية، تعاطفي لم يكن مع عبد الرحمن وحده، بل كان مع كل أبطال الرواية والدليل أن المشهد الذي يعبر عن حبي لمصر وضعته على لسان تاج العريان.[c1]- و بم تفسيرين رفض البعض الهجوم الذي شنه الكاشف على ثورة يوليو؟[/c]- أحب أن أشير هنا إلى أن قراءة الرواية تختلف عن قراءة الكتاب السياسي، فقراءة الرواية تكون مجحفة عندما نأتي برأي أحد الأبطال نقص كلامه ونقطعه من شخوص الرواية، ثم نجلس لنحاكمه ونقول عن كلامه هذا أنه عيب وغير صحيح.. عبد الرحمن الكاشف أحد أبطال العمل له شخصيته وآراؤه المتكاملة، وهو ضد ثورة يوليو، على الجانب الآخر فهناك شخصية قوية جداً وتمتلك السلطة والقوة ترد عليه في كل مرة وهو الأب (محمد العريان) أحد رجالات الثورة وصانعيها، لكن يبدو أن شخصية عبدالرحمن كانت من القوة بحيث إنها استفزت البعض ممن قرؤوا الرواية.[c1]- هل كان (عبد الرحمن الكاشف) كاشفاً لموقف كاتبة الرواية من ثورة يوليو؟[/c]كل شخصات الرواية لم تكن ضد الثورة، فيما عدا شخصية الطبيب عبد الرحمن الكاشف، وأنا متعاطفة تماماً مع الثورة وهناك مشهد يعبر عن حبي لمصر وضعته علي لسان تاج العريان.. أنا لست ضد الثورة بدليل أنني أتيت بالشخصية المشاركة في صنع الثورة، وحافظت على وجودها طيلة العمل فلم أكن أخطط لشخصية د. عبد الرحمن الكاشف أن تكون هي البطلة، ولكن يبدو أن الكاتب يفقد سيطرته علي العمل وشخوصه فور الانتهاء من كتابته.[c1]سخرية غير جارحة- ولكنني لم أشعر بهذا التعاطف الذي تتحدثين عنه؟[/c]- من ملامح الرواية السخرية النبيلة غير الجارحة كل حسب ما هو، بحيث إنني لا أضيف عليه رؤاي الشخصية فالعسكري أنا متعاطفة معه لكن أداءه هو الذي يثير عدم التعاطف معه، قوته، انتهازيته، استغلاله لكرسيه الذي يجلس عليه، هذا ما يجعلك تشعرين بأنني متعاطفة مع عبد الرحمن أكثر من بقية شخوص الرواية أنا ككاتبة أكتب عن دراسة واطلاع، وليس عن استسهال فلا يمكن أن أحمل أفكار الطبيب للعسكري أو العكس.[c1]- السياسة، الدين، الجنس، ثلاث مناطق اشتغلت عليها الرواية فلماذا كان الجنس الأكثر حضوراً؟- علي العكس مشاهد الجنس في الرواية لم تكن كثيرة وكانت في موضعها وتم توظيفها بقدر ودون إسراف وأعتقد أن لغتي في هذه المشاهد كانت شعرية راقية في الوقت نفسه هي لغة رصد الواقع ونقده.[c1]- روايتك تعيد طرح السؤال عن وظيفة الأدب؟[/c] المتعة هي وظيفة الأدب الأولي وهذا المعيار مهم جداً بالنسبة لي، مهم جداً أن تكون مستمتعاً بالكتابة على مستوى اللغة وعلى مستوى الشعر والأحداث أيضاً وأنني أراهن نفسي على هذا أن أجعل القارئ لا يترك روايتي حتى ينتهي منها كلها.[c1]- هل هذا هو السبب وراء صياغة النص في قالب بوليسي؟[/c]- ربما، لكنني اخترت هذا القالب دون غيره لأنني وجدته الأكثر ملاءمة لمس إيجبت.[c1]- كيف استفادت الروائية من الشاعرة في هذا العمل؟[/c]- أنا شاعرة، وأحب أن أكون شاعرة طوال الوقت، ولذا فأنا مدينة في (مس إيجبت) وقبلها في روايتي الأولي (لهو الأبالسة) للموسيقي والشعر