التلاعب بالألفاظ والتفنن في صياغة بيانات تجعل من الشك يقيناً ومن الزيف حقيقة ومن المراوغة حواراً ومن المماطلة تأنيا في قراءة المشهد السياسي ، كل تلك المصطلحات يخرج بها للأسف الشديد أخوتنا في أحزاب اللقاء المشترك و ليبرهنوا حد زعمهم بأنهم الجهة المجنيُ عليها والمأخوذ حقها والمسلوبة إرادتها ، مع كل ذلك ووفق المعطيات السياسية لا يمكن أن ينطبق على الواقع الذي عايشناه خلال عامين كاملين أي منذ اتفق المؤتمر الشعبي العام كحزب حاكم من جهة وأحزاب اللقاء المشترك من جهة أخرى على خوض حوار جاد يقود في الأخير إلى مخرج حقيقي لما يدور حاليا في الوطن . من غير المنطقي أن يصور أحزاب اللقاء المشترك أنفسهم على الأقل في البرلمان ندا للمؤتمر ويريدون ان يشاركوه مناصفة في كل شيء ونسوا أن الأغلبية التي منحها الشعب كانت لنواب المؤتمر ولم تكن لهم ، ومع هذا وتحت ضغوط كبيرة من فخامة الأخ الرئيس الراعي الأول للحوار سارت كتلة المؤتمر في البرلمان في عملية الحوار وتركت أمر الأغلبية جانبا ، عندما أدركت تلك الكتلة أن الحوار ليس خيار استراتيجيا للإخوة في المشترك بقدر ما هو استنفاد للفترة من اجل الزج بالبلاد إلى مرحلة الفراغ الدستوري الذي فطن له المؤتمريون لأنهم هم من سيتحملون تبعات ذلك بكونهم نواب الأغلبية عن الشعب، وعندها لن يرحمهم احد ولهذا اضطروا لإقرار إجراء الانتخابات في موعدها تلافيا لكل ذلك . التباكي على إقرار التعديلات الدستورية ليس مجديا لأمرين أولهما أن التمديد الذي تم لأعضاء اللقاء المشترك في البرلمان كان من اجل إفساح المجال لأخذ جميع الآراء بشأن إقرار تلك التعديلات ، وإلا لما فرحوا حينها بزيادة العامين لأعضائهم ، كما إن تشكيل لجنة الانتخابات من الهيئة القضائية كان مطلبا لهم من اجل حيادية اللجنة مع أنهم هم المتضررون الأكبر كون كانت لهم في اللجان السابقة أصوات ، بل انه تم العرض عليهم بتقاسم أعضاء اللجنة العليا للانتخابات بحيث يكون رئيسها من المؤتمر أو زيادة أعضاء المؤتمر في اللجنة وتكون الرئاسة للمشترك ، كل تلك العروض لم تكن لتطرح لولا جدية المؤتمر في خوض الحوار الذي تم تقويضه . الأمر الغريب الذي حصل مؤخراً هو ترحيب اللقاء المشترك بالدعوة الأمريكية لإيقاف مناقشة التعديلات الدستورية ، في حين رفض المؤتمر التدخل الأمريكي ، فأين ما كانت تروج له أحزاب اللقاء المشترك من أن السلطة تدور في الفلك الأمريكي ، وأنهم المناوئون له ، وإذا بهم يريدون الآن كسب ود أمريكا في تناقض صارخ مع ما يدعون له في الفترة الماضية . اجزم لو الأغلبية كانت لأحزاب اللقاء المشترك لما انتظرت العامين بل لذهبت منفردة لإجراء الانتخابات في موعدها ولن تنتظر حينها المؤتمر ولا غيره من الأحزاب هذا من ناحية ، أما من ناحية أخرى لو كانت أحزاب اللقاء المشترك تدرك أن شعبيتها قوية في الساحة لما ذهبت للحوار أصلا ولكنه الخوف من الفشل الذي قد يقصم ظهرها لو فشلت حتى في الحصول على النسبة التي هي بحوزتهما الان . الخيارات التي طرحها المؤتمر تجعله يذهب مضطرا ولكن لا بد مما ليس منه بد ، والوطن اكبر من الجميع ، والإنقاذ خير من ان ننتظر الغرق لنفكر بعدها فيمن سيمد يده لكي يعيننا حسب شروطه المفروضة ، حتى المشاركة في حكومة مشتركة لم يتركه المؤتمر وعرضه على المشترك ومع هذا فكل التنازلات التي أقدمت من اجل اليمن باءت بالفشل . لو استمر الحال على ما هو عليه سيتفكك المشترك فلن يرضى الاصلاحيون ان يضيعوا حضورهم في بعض الدوائر ، فالمنظر سيكون مخيفا لهم إذا ما مضوا في المقاطعة ووجدوا بدون تمثيل أنفسهم في البرلمان القادم، سيكونون حينها هم الخاسر الوحيد ، فشعبية الإصلاح بلا شك هي اكبر من الاشتراكي وهذا ما سيجعلهم يفكرون جديا في التعاطي الايجابي مع الانتخابات القادمة على الأقل من اجل البقاء في الساحة السياسية ، لان عدم الاشتراك في الانتخابات هو انتحار سياسي . [c1] باحث دكتوراه بالجزائر [email protected]
أخبار متعلقة