عقيد ركن/ سليمان مبارك القيسي إذا كان من أهداف التحقيق في أقسام الشرطة والمرور هو الوصول إلى معرفة أسباب الحوادث، إلا أن ذلك ليس بكاف ٍ، ما لم يتم توضيح الأسباب للجهات المختصة لتفادي وقوعها مرة أخرى، فالحوادث المرورية، مهما تنوعت وتعددت أسبابها فهي في مجملها تكون ناتجة عن مجموعة من الظروف المتداخلة والمتقاطعة التي من دونها لا يتحقق الحادث، وتتمثل في هذا المقام بالعنصر البشري والطريق والمركبة.وحتى نحسن اختيار المعالجات الناجحة والصحيحة للمواقع المأساوية الذي يظهر في إحصائيات الخسائر البشرية والمادية لحوادث السير، فإنه من الضرورة بمكان الوقوف أولاً على تلك العوامل وتحديد أسبابها ومن ثم بيان المعالجات اللازمة لتفاديها مستقبلاً خاصة وأن تلك الحوادث وخسائرها تزداد من عام إلى آخر وتلحق بالوطن واقتصاده القومي وثروته البشرية أضراراً جسيمة.ويأتي في مقدمة تلك العوامل العنصر البشري، وقد أكدت ذلك كثير من الدراسات العلمية التي أعدت في مجال حوادث المرور وأسبابها، حيث أشارت تلك الدراسات إلى أن نسبة كبيرة من الحوادث تقع بسبب الإنسان وترجع لأخطائه التي يرتكبها على الطريق، وتتعدد صور تسبب الإنسان في الحوادث باختلاف دوره على الطريق سواء أكان سائقاً أم راكباً أم شياً.فمن الأخطاء الشائعة التي يقع فيها السائق وتكون سبباً مباشراً في وقوع الحادث، السرعة الزائدة والتجاوز غير الصحيح، والدوران الخاطئ والسياقة بإهمال، وتحت تأثير المواد المخدرة (السكر) وقطع الإشارات الضوئية ،،، واستخدام الهاتف الجوال أثناء القيادة .... ألخ.كما تتمثل مخالفات المشاة في الأسلوب غير الصحيح والاستخدام الخاطئ للطريق ومن صور ذلك العبور من الأماكن غير المخصصة للعبور واستخدام نهر الطريق، الصعود والهبوط من وسائل المواصلات في غير المحطات المخصصة والصعود والنزول من الباصات والآليات أثناء سيرها، البيع على الطريق ورمي المخلفات، القفز من الأسوار الحديدية التي تمنع المشاة، والتجمهر حول حوادث المرور.ومن صور الأخطاء القاتلة التي يقع فيها الركاب: أ) ركوب السيارات المكشوفة دون أخذ الاحتياطات اللازمة.ب) الحمولة الزائدة للركاب، أي ركوب عدد أكبر من المطلوب أو التعليق على جوانب المركبات أو فوق الحمولة.ج) التحدث مع السائق وجعله ينشغل عن قيادة المركبة.لكن السلامة المرورية لا تعتمد فقط على العامل البشري فقد تكون بسبب سوء تصميم الطريق أو إنشائه أو في تجهيز المعدات اللازمة، فعدم الالتزام بالجانب الفني في تصميم الطريق وعدم مراعاة الظروف والجغرافية والمناخية للمناطق وعدم الأشراف والالتزام بمكونات الرصف والسفلتة الصحيحة لها الأثر السيء على الطريق المركبات، كما أن وجود المنحنيات المفاجئة والحادة وعدم وضع السواتر الترابية أو الحواجز الحديدة في المنعطفات ووجود المنحدرات الطويلة والارتفاعات الشاهقة، بالإضافة إلى وجود الحفر والمطبات وانعدام أكتاف الطريق وكثرة الأشغال الموجودة على الطريق وعدم وضع الإنارة أو العلامات المناسبة وغياب اللوحات الإرشادية والعلامات التحذيرية، تلك جميعها أسباب مباشرة وغير مباشرة لحوادث السير المختلفة. وفي الأخير فإن المركبة تعتبر من العوامل المسببة للحادث المروري ومدخل خطورتها في الحادث كحصول عطل مفاجئ لأحد الأجزاء الرئيسية بها كالفرامل أو الإطارات أو انعدام الأنوار الأمامية أو الخلفية أو الجانبية وعدم تزويد المركبة بوسائل السلامة، كأحزمة الأمان، وعلامات التحذير التي تستخدم عند تعطل المركبة في الطريق، وانتشار السيارات غير سليمة التصميم أو المعدلة بصورة مخالفة وهي كثيرة في بلادنا وتسبب حوادث وخيمة العواقب.وبعد أن استعرضنا تلك العناصر، وحتى ينعم الوطن الحبيب بالسلامة ويكون خالياً من الحوادث المرورية فإن الأمر يتطلب جهداً مشتركاً يتمثل في :الالتزام بقواعد المرور والانضباط المروري واحترام المرور ورجال المرور.التطبيق السليم والصارم لقانون ولوائح المرور والتقيد بالإرشادات والعلامات التحذيرية عن اقتناع ومسئولية.التركيز والانتباه عند استخدام الطريق وتجنب مضايقة الآخرين، كما تحب أن يعاملوك والابتعاد عن رمي القمامات والمخلفات في الطريق والاستخدام الأمثل لوسائل المواصلات من الأماكن المخصصة.تجنب السرعة والإهمال من قبل السائقين وعدم تعاطي أي مواد تؤثر على قدراتهم النفسية أو العقلية وأخذ الحيطة والحذر في المنعطفات وملتقى الطرقات والتقاطعات وداخل الأسواق والمناطق السكنية، وتحسين قدراتهم على القيادة، وعدم قيادة المركبة ما لم يكن مستعداً لذلك.نشر الوعي المروري والقانوني عبر أجهزة الإعلام المختلفة وإلقاء المحاضرات والندوات للطلبة في المدارس والجامعات، ووضع الملصقات الدعائية التي تعزز قواعد السلامة المرورية.توقيع العقاب المناسب على المخالفين والأخذ بمبدأ جسامة الجريمة والتدرج في العقاب من الأخف إلى العقوبة الأشد.مراعاة المواصفات الدولية للطرقات في التصميم والإنشاء والتنفيذ ومراعاة الأحوال الجغرافية والمناخية للمناطق عند تنفيذ الطرقات وفي المواد المكونة للرصف وتحميل المقاولين أو الجهات المشرفة على المشروع المسؤولية تجاه الحوادث المرورية الناجمة عن خلل فني في الطريق.خضوع جميع المركبات للفحص وضرورة تطبيق هذا النظام حتى في الحد الأدنى وليس تعطيله وعدم العمل به كما يحصل في بلادنا، مع إمكانية تطبيقه بصورة تدريجية.تزويد الطرقات بوسائل التحلم من إرشادات ضوئية إلى علامات أرضية ولوحات تحذيرية مرورية أو إرشادية، وغيرها.منع دخول السيارات ذات التصميم غير السليم أو المعدلة إلى بلادنا.وفي الأخير أتمنى للجميع السلامة إن شاء الله.
“الحوادث المرورية .. الأسباب والمعالجات”
أخبار متعلقة