المرشد صوت جميل وأحمد قاسم ملك العود وبامدهف متميز
أوراق من مفكرة الفنان الراحل محمد سعد عبد اللهالوطن يعني الوجود كل / الوجود ..الحب/ منتهى الحب .. من أجله أعيش وفي سبيله أموت.. العائلة تعني مملكتي الصغيرة/ ومن دونها تصبح حياتي رتيبة الإيقاع مملة.. الناس : السفينة التي أوصلتني إلى واجهة الشهرة.. والناس لم يبخلوا عليّ بشيء/ ومن دون حبهم وتشجيعهم لي سوف لن أصل إلى ما وصلت إليه.. وأنا أحاول إسعادهم وإرضاءهم بشتى الوسائل!!منذ الصغر، كنت أحس أن أحب شيء إلى نفسي هو الفن والغُناء.. وفي اعتقادي أنّ هذا بالنسبة لي شيء طبيعي، لأني أنحدر من عائلة لها في مجال الفن / كما يقولون (باع وذراع) وعلى رأس هذه العائلة المرحوم والدي (سعد عبد الله).كان بدء المشوار تعلقي بالاستماع وتتبع الفنانين القدامى من مخدرة إلى مخدرة.. وعن طريق هذه الوسيلة استطعت التعرف على جيلي من الفنانين.ما أكثرهم الذين تركوا في نفسي عظيم الأثر شخصيًا وفنيًا.. وكان لتشجيعهم لي الأثر البالغ، ومنهم من قرّبني إليه ورعاني رعاية الأب للابن وكان لي بمنزلة الوالد بعد وفاة والدي/ أذكر منهم المرحوم أحمد عوض الجرّاش وإسماعيل سعيد هادي تغمدهما الله برحمته.تولد عندي الوعي الموسيقي في وقتٍ مبكر من مشوار حياتي الفنية .. ففي الخمسينيات بدأت أخطو الخطوات الأولية في مرحلة التلحين.. أما كيف أصبحت مطربًا متمكنًا فذلك يعود إلى السنوات السابقة لمصاحبتي لفنانينا القدامى والتي كانت بالنسبة لي مدرستي التي تعلمت منها كثيراً حتى أصبحت كما أنا الآن.أهم السمات التي تميز بها ظهوري وأبناء جيلي من الفنانين كأحمد قاسم والمرشدي وبامدهف، هو شق عصا الطاعة على الأغاني التي كنا نتداولها ونرددها منذ عهد ليس بالقريب.. أي أننا ابتدعنا لونًاجديدًا من الغُناء ميّزنا عمن سبقونا.. حيث لم نعد مقلدين/ وإنّما أصبحنا مبدعين نمتلك اللون الخاص بنا.المرشد / القاسمي / بامدهف.من البدء لفت نظري كل من المرشد وأحمد قاسم وسالم بامدهف وكان لكل منهم في نفسي شيء يميزه عن الآخر من الناحية الفنية.. كان يلفت نظري ويشدني الزميل محمد مرشد ناجي بصوته المخملي الحنون وأدائه (اللي زي العسل).. أما الزميل أحمد قاسم فقد كان إليه عزفه الرائع على آلة العود حيث كنت أعتبره عازف اليمن الأول من دون منازع، حتى أنني كنت أقوم بتقليد عزفه على العود من كثرة إعجابي الشديد به كعازف.. أما الزميل سالم بامدهف فقدكنت حقيقة أذوب عندما كان يغني أغاني السيدة أم كلثوم الطويلة التي أعتقد أنّها أثرت عليه ما جعلته متميزاً بأدائه للأغنيات الطويلة التي يقوم بتلحينها.. وكان يطربني جدًا خصوصًا عندما تجمعنا جلسات خاصة ويكون بامدهف (ياسلام ما فيش بعد كده).. أما من الناحية الإنسانية فلا شك أنّ المتتبع على خلق ودائمًأ الفنان لا يمكن أن يكون فنانًا ما لم يكون إنسانًا قبل كل شيء.خريج مدرسة الحياةأشعر بالفخر أنني تخرجت من مدرسة الحياة، ومنها تعلمت كثيرًا.. وسوف أظل أتعلم منها حتى آحر لحظة في حياتي.إنّ الفرق شاسع بين محمد سعد عندما بدأ حياته الفنية ومحمد سعد اليوم.. والبدء دائمًا يختلف عن ما يصل إليه الإنسان مع مرور الزمن، فحتمًا من خلال هذه المرحلة الطويلة التي قطعتها.. وبعد هذا المشوار الطويل / لابد وأنّ ثقافتي في شتى حقول المعرفة والإطلاع قد أتسعت وبدأت ملامحها تظهر على مختلف أعمالي التلحينية أو الشعرية.. وأحب أن أقول بأمانة إني لست بالمثقف بالمعنى المتعارف عليه.. ولكنني امتلك ثقافة محدودة أستطيع من خلالها أن أستوعب كل ما يهمني من أشياء.. وهذا يكفيني.أنا إنسان عادي جدًا.. أفكر بكل شيء يتعلق بمحيطي العائلي والفني وتثيرني أشياء كثيرة.. وأبرز صفاتي التواضع إذا لم أكن غلطاناً.. وأكون جاحدًا للنعمة إذا قلت أنني تمنيت شيئًا ولم يتحقق/ تعرف ليش؟/ لأني لا أؤمن بالتمني وكل ما أريده أستطيع تحقيقه ولو بعد حين على قول الشاعر/ وما نيل المطالب بالتمني، ولكن تؤخذ الدنيا غلابا/ أما عما إذا كنت أريد أن أصبح فنانًا أم لا / فقد كنت أريد أن أكون فنانًا وقد صار.أنا غزير الإنتاج عندما أجد ما يستحق تقديمه للناس/ وتجدني راكدًا عندما يحصل العكس.. فأنا أشعر بمسؤولية كبيرة تجاه المستمع، وعندما لا أجد ما يرضيه فأنا أفضل السكوت.. أما الركود بالنسبة لي فهو بمنزلة البحث عن الجديد المفيد الذي يرتقي بأذواق الناس .. وأنا أعتبر نفسي فنانًا ملتزمًا ولي مستوى يجب المحافظة عليه حتى وإن أدى ذلك إلى سكوتي الطويل والممل أحيانًا.أقرأ كل ما يقع تحت يدي حتى في السياسة أحيانًا، ولكن ما يستهويني قراءته ما يُقال ويستجد في المجال الفني أكان ذلك شعرًا أو موسيقى أو مسرح أو سينما، إلى جانب أني أحب أن أطلع على كل ما يُقال ويكتب عن الأخوان المشتغلين في الفن من العرب والأجانب.اكتب أغنياتي بنفسيأنا اكتب أغنياتي بنفسي، وسوف أستمر طالما وأن خبرتي في هذا الجانب ناجحة.. وهذا لا يعني أني لن أغني من كلمات غيري، بل العكس فأنا على أتم الاستعداد للتعامل مع غيري شريطة أن تكون الكلمات التي تقدم لي تتناسب مع ذوقي أولاً، وتستحق أن أقدمها للجماهير المحبة لفني ثانيًا..قبل أن اكتب أية أغنية، أبدأ بتكوين الفكرة والموضوع.. وعنما تتبلور الفكرة وتصبح جاهزة للتنفيذ أقوم بعرضها على بعض ممن أثق بهم لأخذ الرأي والمشورة.. وإذا أقتنعت أقوم بعملية تنفيذ الفكرة كتابة على الورق، وليس شرطًا أنّ الفكرة تعبر عني، المهم في الأمر أنّ موضوع الأغنية يكون غنياً بالعبارات التي تجذب المستمع.