صافرة قلم
صافرة قلم .. هذه الصافرة التي انطلقت بهدوء ودون ضجيج وافتعال للمشاكل منذ 1997م في صحيفة الحارس التابعة لوزارة الداخلية عندما كنت محررا للصفحة الرياضية فيها وكنت يومها ما أزال طالبا في السنة الثالثة من كلية الإعلام بجامعة صنعاء , وكان الحماس يملأ صدري , والطموح يأخذني بعيدا إلى عالم من الصدق والشفافية عندما فضلت أن أتجه نحو الإعلام الرياضي وأن أنغمس فيه ظنا مني أنه الوسط الأفضل , وأنه بعيد عن الكذب والدجل والبهتان وتزييف الوعي , وبعيد عن المصالح الشخصية ولأنانية . هكذا صور لي يومها وأنا أخطو خطواتي الأولى في عالم الصحافة الرياضية التي فضلتها على الصحافة السياسية لاعتقادي يومها أن السياسة تقوم فقط على الكذب , وأن الكذب هو أساس الصحافة السياسية وأدركت فيما بعد أن هذا المفهوم كان خاطئا بالنسبة لي , فالكذب سياسة إعلامية أساسية موجودة في كل ألوان الصحافة , إلا من رحم ربي . وعندما فكرت في إطلاق عمود أسبوعي ككاتب صحفي ناشئ يخطو خطواته الأولى في عالم الصحافة مكثت طويلا مع نفسي وأنا أبحث عن تسمية ترتبط بشخصيتي الإعلامي والهدف الذي أنشده من وراء وجود هذا العمود الذي يحمل في الأول والأخير وجهة نظري الخاصة والتي قد لا تتفق مع وجهة نظر الكثيرين باعتبار أن لكل وجهة نظر هدفا ثاقباً وطريقاً يختلف عن الوجهة الأخرى , وهو ما تعلمناه فيما بعد عند ممارسة مهنة المتاعب ممارسة فعلية . ورغم أنني كنت اسمع عن وجود بعض الشقاق في عالم الصحافة الرياضية اليمنية يومها وكنت أسمع بالأسماء الكبيرة التي كانت تتسيد عالم الصحافة الرياضية في بلادنا , والضجة التي كانوا يحدثونها إزاء القضايا الرياضية المختلفة , وكنت أرثي لحال الواقع الرياضي في بلادنا وأنا أرى فعليا أن هناك إعلاماً رياضيا حقيقي وأن هناك رجالاً حقيقيين في عالم الإعلام الرياضي اليمني مهما بلغت اختلافاتهم إلا أنهم كانوا لا يكيدون لبعضهم , وكانوا لا يتزلفون لرئيس هذا الإتحاد أو لذلك المسؤول. لم أسمع يومها عن وجود أحد عمالقة الصحافة الرياضية اليمنية الذين كانوا متسيدين , وقد كرس صفحته أو صحيفته أو ملحقه لخطب ود هذا أو طلب ود ذاك أو مهاجمة من يختلف معه في وجهات النظر , باستثناء أن الطاغي في عالم الصحافة الرياضية حينها كان صراع الألوان التي تخص أندية بذاتها , وهذا كان من وجهة نظري أمراً طبيعياً باعتبار أن الانتماء لأي ناد في هذه البلاد هو شرف كبير للقلم الرياضي وللنادي الذي ينتمي إليه طالما وان هذا النادي يعد فعلة رياضية كبيرة تؤثر في مسيرة الرياضة اليمنية وفي تشكيلة المنتخبات الوطنية . وبعد سنوات من صافرة القلم التي أطلقتها أدركت أن عالم الصحافة الرياضية أصبح اليوم غير العالم الذي كنت أحلم به , وأدركت أنه عالم مسير وليس مخيراً , وأننا جميعا ندور في فلك واحد ولا نجد له نهاية أو حتى بداية يمكن أن نبدأ انطلاقة جديدة منها , وأدركت أن متغيرات القرن الحادي والعشرين والألفية الجديدة فرضت على الجميع سياسة جديدة مليئة بالهموم والمشاكل والصراعات الحزبية والطبقية والفئوية والمناطقية , ولم يعد للصراع اللذيذ الذي كان يدور في الفترة الماضية بين الألوان أي وجود . [c1]صافرة أخيرة [/c] صافرة قلم الجديدة التي أطلقها اليوم عبر هذه الصحيفة الغراء وبدعوة كريمة من الزميل الصحفي عبد الله قائد جعلتني أكتسب شرفا جديدا بعد أن ظلت الصافرة منطلقة بقوة لفترة ليست بالقصيرة في صحيفة الجمهورية العزيزة عبر ملحقها الرياضي الملاعب , منذ أن تسلم الزميل العزيز فهمي عبد الواحدة الإشراف على هذا الملحق قبل عدة سنوات , وحتى جاء خلفه العزيز أبو أحمد , ماهر المتوكل الذي أدركت أن الضغوط عليه كانت أكبر من أن يتحملها للتخلي عن هذه الصافرة , ومع ذلك فأنا أكن له كل التقدير والاحترام , وأتمنى أن تجد صافرتي هنا في هذه الزاوية مستقرا لها ولو إلى حين حتى “ يقضي الله أمرا كان مفعولا “ .