الوان من الفلكلور والفنون الشعبية (3)
تتمتع بلادنا بثروات ثقافية هائلة وكنوز ضخمة من الفنون الشعبية الأصيلة ، ويتخذ اليمنيون من موروثاتهم الشعبية وفنونهم مناهج للتعبير عن أنماط حياتهم اليومية ، وتتنوع وتتعدد هذه الموروثات الشعبية من منطقة ومحافظة إلى أخرى .إن تنوع وغزارة وخصوبة الحياة قد اثرت قريحة الإنسان اليمني ، وفجرت طاقاته وقدراته الإبداعية ، وملكاته الفكرية وجعلتها تتجلى صوراً والواناً بديعة أخاذة من الفنون الشعبية الجميلة عكستها في تشكيلة رائعة من الأدوات الفنية اكسبتها نكهات وألواناً تثير البهجة والدهشة والفرح ، فغدت أحلى وأجمل واروع من شذى وعبير ورحيق كل الزهور والورود .ولعل ابرز وأهم مظاهر ومميزات المخزون الثقافي والتراث الشعبي اليمني الاصيل يتمثل في إختلاف وتعدد العادات والتقاليد وإن كانت في مضمونها ترتوي من منبعٍ ومنهلٍ وأحد ، ويعبر ذلك التنوع بجلاء عن عمق الموروث الثقافي والتاريخي والحضاري للشعب اليمني .إن بعض العادات كالزواج مثلاً يعود تاريخها إلى عصور ما قبل الميلاد كانت سائدة في إحدى المناطق اليمنية وظلت محتفظة بنكهتها وطقوسها وبعض ملامحها التاريخية حتى اليوم ، لذلك نجد أن كل منطقة يمنية تتميز بسماتها وتقاليدها وأزيائها وعاداتها التراثية الشعبية ولها طابعها واسلوبها المتميز في مراسيم الخطبة والزواج والولادة ومواسم الحصاد وجني المحصول الزراعي .. الخ .وبالرغم من ذلك التمايز والاختلاف في عادات وتقاليد الأعراس اليمنية بين منطقة واخرى إلا ان هناك جوامع ونقاط التقاء مشتركة كثيرة تكشف جوهر وروح تلك العادات والتقاليد الشعبية ولهذا الغرض تنظم دورياً في اليمن المهرجانات الثقافية والفنية التي تعنى وتهتم بإبراز وإضاءة الجوانب التراثية الأصيلة لمواسم الفرح اليماني، وتشترك في هذه المهرجانات الفرق الشعبية في عموم محافظات الوطن اليمني حيث تقدم عروضها الشيقة والجميلة والغنية بعناصر الجمال والمتعة والتشويق والمثيرة للبهجة والسعادة والفرح والحبور الإنساني ويجرى تقديم تلك العروض الفنية الشعبية على مستوى المسارح والميادين والشوارع العامة .وتحظى تلك المهرجانات الشعبية باهتمام بالغ وعناية فائقة من الجهات الرسمية والمؤسسات الحكومية والاتحادات الثقافية والفنية والإبداعية ومنظمات المجتمع المدني، وباهتمام ومتابعة شعبية وبحب وشغف وإعجاب منقطع النظير .ومثلما هو واقع الحال في الفلكلور الشعبي فإن الاغنية اليمنية التراثية نجدها تغترف من نفس المنبع الفني والإبداعي، فهي وان تنوعت في الطابع والشكل فإن المحتوى والمضمون الفني التراثي يكسبها تفرداً وتميزاً كونها تعبر عن عمق واتساع رقعة العطاء الفني والابداعي لليمنيين وغزارة موروثاتهم الثقافية، وتثير في النفس كوامن الإشباع الروحي والوجداني للمطربين والمستمعين والمشاهدين في آن واحد .[c1]الصناعات التقليدية الوجه المشرق للتاريخ الحضاري [/c]يعود تاريخ الصناعات التقليدية الحرفية اليدوية اليمنية إلى قدم الحضارات اليمنية العريقة وهي بقدر تنوعها تعكس وجهاً مشرقاً من أوجه التاريخ الحضاري للشعب اليمني الذي اشتهر بمهاراته وقدراته وملكاته الابداعية الفائقة في فنون الهندسة المعمارية وبناء السدود والصهاريج وقنوات الري التحويلية لخزن وتصريف المياه وتشييد المدن كشهرته في ميادين التجارة والصناعات الفخارية اليدوية البديعة ، وفنون النقش والنحت، فقد برع اليمنيون عبر الأزمنة والعصور والحقب التاريخية في هذه المجالات فصنعوا بعض قطع الاثاث ومطاحن الحبوب بأنواعها من الأحجار والصخور ، وقاموا بصناعة ونحت التماثيل الصغيرة من البرونز والذهب والفضة وصنعوا تماثيل وهياكل الحيوانات البرية كالثور والغزال والوعل والأسد وأبدعوا في صناعة الكؤوس والمزهريات والمباخر المعروفة لدى أهل البلد بـ (المجامر) وغيرها من أدوات ووسائل حفظ المياه الباردة والأواني المنزلية المختلفة خاصة تلك المستخدمة في الطبخ اليمني ولازالت تستخدم إلى يومنا هذا.وعبر التاريخ اهتم اليمنيون بصناعة الحلي وتطورت على أيديهم صناعة العقود المنضدة بالعقيق والزجاج والأصداف البحرية وتميزوا بمهاراتهم وإتقانهم في صنع القروط والخواتم من الذهب والفضة وقاموا بصناعة وصك العملات النقدية الذهبية ورسموا عليها صوراً لبعض الطيور مثل " البوم" و "النسور" ونقشوا اسماء ملوكهم عليها، ومن أشهر الصناعات الحرفية التي مازالت موجودة إلى يومنا صناعة الغزل والنسيج وحياكة الملابس مثل "المعاوز" و"القلنسوات" للرجال المعروفة لدى أهل اليمن بـ "الكوافي" وأنواع مختلفة من الملابس المخملية الناعمة للنساء إلى جانب اهتمامهم وتفوقهم في صباغة وتلوين الملابس وصناعة الاواني الفخارية المتنوعة وكذلك طوروا صناعة الخزف والسجاد وصناعة القوارب وسفن الصيد الصغيرة والكبيرة وصناعة الخناجر والسيوف وغيرها .[c1]السيف والجنبية ، تراث وتاريخ [/c]لايمثل السيف والجنبية بالنسبة للإنسان اليمني جزءاً من مظهره وزينته الشعبية التقليدية فحسب بل رمزاً لتراثه وتاريخه وانتمائه وينعكس ذلك في كثير من الفنون الشعبية اليمنية وأبرزها الرقصات الشعبية التعبيرية التي يستخدم فيها الراقصون السيوف والخناجر لترجمة المعاني والدلالات العميقة لمضامين تلك الحركات التي يؤدونها في رقصاتهم الشعبية البديعة والأصيلة الجذابة .[c1]تراث الفن المعماري [/c]يقال إذا أردت أن تعرف تاريخ أي شعب من الشعوب فابحث عن آثاره وموروثه الثقافي، واذا أردت معرفة عراقته وأصالته وإبداعه فابحث عن فنونه المعمارية القديمة، وبالنسبة لليمنيين فإن الشواهد والدلائل كثيرة على عراقة التراث الفني المعماري البديع وروائعه الهندسية التي ليس لها مثيل على أرض المعمورة منذ أكثر من ثلاثة آلاف عام .(تكملة للموضوع في تناول قادم إن شاء الله ).* صحفي - معد ومقدم برامج تلفزيون عدن ق2 Email: [email protected]