اذا عدنا بالذاكرة قليلاً الى الوراء الى زمن الفقر والحرمان وقلة ذات اليد وشح الموارد ويوم كانت الكثير من الاسر اليمنية تنام وبطون اطفالها خالية من أي زاد ومع كل هذا لم نكن نسمع شيئاً عن ظواهر التشرد وعمالة الاطفال واطفال الشوارع وغيرها من الظواهر التي يعاني منها اطفالنا اليوم . ورغم كل ماحصل من تطورات فكرية وتكنولوجيا وحضارية في بلادنا فقد نتساءل لماذا هذه الحال منتشرة بين الاطفال ؟ ولماذا تلازمهم حياة البؤس والشقاء والتشرد ؟ وتوجد لهذه التساؤلات اكثر من اجابة وحتى لا نحمل الجهة الحكومية المسئولية المطلقة فسأحاول جاهداً تفسير المهمة المشتركة بين اكثر من طرف وتفصيل الاسباب بحسب قراءتي للواقع المحلي على النحو التالي : - عدم تفعيل دور الثقافة والتوعية لصياغة الهوية باعتبارها الدعامة الاساسية للتنمية المستدامة اذ يستحيل تحقيق التنمية ما لم تكن الهوية الثقافية مرتكزها ومنبعها وهي سلاح من الاسلحة التي تستخدم للمحافظة على مناطق النفوذ باعتبار ان التأثيرات الثقافية ليست منفصلة عن الاهداف السياسية والمصالح الاقتصادية كما انها اساس تغيير مظاهر حياتنا وتصحيح اوضاعنا المرتبطة بحياة الطفل . - اهمال معالجة مشكلات التذوق الفني والبحث العلمي وحب الاستطلاع عند الاطفال من سن "3-12" عاماً من خلال انشاء معجمه الخاص المناسب لمداركه في هذه المرحلة والتي بطبيعة الحال ستعينه على المعرفة والاطلاع المساهم في ابراز تكويناته الاولى وتمكنه من الاستقلالية بالرأي والاستنتاج . حيث ان ظاهرة التذوق الثقافي عند الطفل تحتاج الى تعميق الاتصال مع محيطه بتوافر كافة شروطه على ان تحكمه قوانينه الخاصة به والمنوطة بنقله الى مستوى التقدير والادراك والتمييز بين تشابه القضايا ومختلفها وتهيئة ظروف منتوج العمل الثقافي في ظل ذلك التواصل بين المرسل والمستقبل " الطفل" وايضاً توفير اداة المنتوج الثقافي كالكتاب او لوحة الرسم او الجهاز المستخدم . واهم وسيلة لضمان توصيل المعلومة بصورتها الصحيحة والملائمة استحداث قنوات ثابته توصيلية تكفل وصول الرسالة الى صاحبها . - ابتعاد اجهزة الاعلام بمختلف وسائلها لخدمة اعادة صياغة عقل وشخصية الطفل والترويج للمواد المخرجة بجانب القنوات المادية المعروفة من معارض ودور للعرض واخره . - ويبقى هنا دور الاسرة الذي يستمد منهم الطفل حصيلته اللغوية الاساسية وهي في احوالها لا تتعدى " 100" كلمة في العام الاول والنصف العام من عمره تم ما تلبث ان ترتفع الى " 400" كلمة في سن العامين وتصل الى حوالي " 1000" كلمة في عامه الثالث بحسب دراسات علمية وطبية .وكلما زادت الحصيلة اللغوية ازداد محصول الطفل الثقافي والفكري بوجه عام . حيث تترك آثاراً بالغة الاهمية في نفسية الطفل بما يساعد شخصيته بالانفتاح على المجتمع وينمي بداخله مشاعر الألفة والثقة بالنفس . - ونظراً لا لتصاق ميزة التقليد بالطفل والتي تدفعه الى ترديد وحفظ الاشياء التي يسمعها او يشاهدها دون وعي بمضمونها والتي لا تقوده الى التفكير الواعي بقدر ما تحدث نوعاً من التشوش في استخدام اللغة وتظل تلازمه طيلة سنوات الطفولة العشر الاولى مما يجعله يقع فريسة لغة لا تحمل مضموناً ثقافياً او فكرياً لديهم وتتأثر الحصيلة اللغوية الامر الذي يترك كثيراً من العلاقات السلبية فيه يستلزم علينا استغلال هذه الميزة " التقليد " مع تحديد ملامح صورها خاصة بعد فرض الاعلام نفسه وتعدد الفضائيات تعددت الصور النموذجية التي يقلدها الطفل بدلاً عن تقليده لوالديه فقط في الماضي . - لم يركز على التربية الجمالية التي تغني الاعتماد على الفنون في تنمية مهارات الطفل وصقل ملكاته واقتصار الدور على الناحية النظرية من عقد ندوات واعداد وتقديم الدراسات لمجرد النهوض وعدم اللجوء الى الناحية العلمية والتطبيقية بتوفير الميدان الذي يمارس فيه النشاط .
|
ثقافة
الطفولة والتنمية الثقافية
أخبار متعلقة