منبر التراث
[c1]مدير عام مديرية صيرة[/c]من فترة ليست بطويلة ، تحدث إلى الأستاذ محمد عمر علي رئيس جمعية ( صيانة آثار معالم صيرة ) والمعروف بدماثة أخلاقه وحبه الكبير لآثار اليمن بوجه عام وآثار عدن بوجه خاص , وطلب مني أن ألقي محاضرة في جانب من جوانب تاريخ عدن . وعرفت منه أن فكرة ألقاء المحاضرة جاءت من اقتراح الأستاذ الشاب خالد وهبي مدير عام صيرة الممتلئ بالحيوية والنشاط الكبيرين والذي نأمل على يديه الخير الكثير . [c1]آثار محافظة عدن[/c]ولقد سألت الأستاذ محمد عمر هل الجمعية تختص بمديرية صيرة أي عدن القديمة ـ حسب تعبير القاضي والمؤرخ الكبير إسماعيل بن علي الأكوع ـ فقال على الفور: إن الجمعية تهتم بآثار محافظة عدن وليست في مديرية صيرة فقط . [c1]الهوية التاريخية[/c]ومما لاشك فيه أن أعضاء تلك الجمعية أدركوا تمام الإدراك أن آثار ثغر اليمن عدن الضاربة جذورها في أعماق التاريخ القديم وضحى الإسلام تحتاج من يحافظ عليها بصورة دائمة أو قل من يدافع عنها من قبضة الزمان , وعبث العابثين والجاهلين . وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على مدى وعي أعضاء جمعية صيانة، وآثار معالم صيرة بخطورة مسألة الآثار بأنها تمثل الهوية التاريخية التي يجب أن نحافظ عليها من ناحية وأنها جزء لا يتجزأ من نسيج الحضارة اليمنية العريقة من ناحية ثانية والحضارة الإنسانية من ناحية ثالثة . [c1]إعادة الملامح الأصيلة[/c]وفي واقع الأمر ، أن تلك الأهداف الرئيسة النبيلة التي حملتها الجمعية على عاتقها وهي الحفاظ على آثار عدن وذلك من خلال العمل على صيانتها بصورة دائمة . وهذا العمل الكبير أو قل الخطير , وقلت كلمة ( الخطير ) لأن عملية صيانة وترميم الآثار تحتاج إلى ذوي علم وخبرة عميقين لأن علم الصيانة والترميم له قواعده ومقاييسه بالإضافة إلى أموال طائلة تصرف في ذلك المجال . فالترميم يعني أعادة ملامح وجه الأثر التاريخي إلى أصله الأول, وعندما كنت في جامعة القاهرة من فترة ليست بقصيرة , والتقيت هناك بعدد من الأساتذة المختصين في علم الترميم ، بأنه صار علما يدرس مثل بقية العلوم الإنسانية . ومن هذا المنظور ، فأي عمل تقوم به الجمعية في ترميم أثر من آثار عدن سيكون محفوفا بالمزالق والمخاطر إذ لم يقم به مختصون في علم ألآثار والترميم. وأنني على ثقة بأن أعضاء الجمعية ورئيسها يعلمون علم اليقين تلك المسألة.[c1]الجسور المقطوعة[/c]ولا نغلو في القول إذا قلنا أنه على الرغم من دور جمعية ( صيانة آثار معالم عدن ) الهام فإن الكثير من الناس يجهلون ـ مع الأسف الشديد ـ وجود تلك الجمعية . ويبدو أن ذلك يعود إلى تقصير وسائل الإعلام التي لم تسلط عليها الأضواء الكاشفة والقوية ليعلموا أهدافها أو أن هناك تقصيراً من جانب أعضاء الجمعية أنهم لم يتصلوا بوسائل الإعلام المختلفة المقروءة ، المسموعة ، والمرئية . أي أن هناك جسوراً مقطوعة بين الجمعية ووسائل الإعلام . [c1]أسراب من الأسئلة[/c]والسؤال الذي يطرح نفسه هو: ما هي الإنجازات التي قامت بها الجمعية في ميدان صيانة وترميم آثار ثغر عدن ؟ . والحقيقة حتى هذه اللحظة لم نعلم على وجه اليقين الأعمال التي قامت بها الجمعية : ومن الأسئلة الأخرى هي: هل هناك اتصالات مع منظمات دولية مثل اليونسكو بهدف وضع استراتيجية وخطة واضحة طويلة الأجل بهدف ترميم وصيانة الآثار من ناحية، وهل هناك تنسيق بين الجمعية ووزارة الثقافة والسياحة، منظمة أو منظمات البيئة ؟, وهل هناك دعم مالي يساعد على أداء مهام الجمعية ؟ . وكيفما كان الأمر ، فإنا نشد على يد أعضاء جمعية ( صيانة آثار معالم صيرة ) الذين يعملون بصمت في الحفاظ على آثارنا لا يريدون جزاء ولا شكورا . ولكن الصمت لا يجدي في ذلك العمل النبيل والقيم ، وإنما يحتاج إلى إذاعته بين الناس وخاصة بين الجهات المعنية بالحفاظ على آثارنا وتاريخنا وتراثنا اليمني المشرق، ونطلب من المسؤولين وخصوصا في محافظة عدن على ضرورة دعم مثل تلك الجمعية حتى نحافظ على وجه عدن المتلألئ بالتراث والتاريخ والآثار .