عندما ما نتحدث عن التربويين جملة، وهم كل المشتغلين في الحقل التعليمي والتربوي لا نفصل بين أحد منهم، مهما كانت مسميات الوظيفة ، ذلك أن الكل يعملون لتحقيق هدف واحد وهو تعليم وتربية الأجيال التي عليها يؤمل البناء والتطوير والتقدم، ولذا ( ينبغي )- وهي كلمة ( غير مرحب بها ) أن تكون كل القوى العاملة في مجال التعليم والتربية مدعومة بهيكلية واحدة تساوي بين التخصصات ، وتفرق بين الإمكانات ، وتعطي استحقاقات مادية ( مالية ) وفقاً والعطاء ، لكن بدون إجحاف في حق هذا أو ذاك من التربويين!.والمقصود من ذلك أن هيكلية التربية والتعليم في بلادنا قد خضعت لأهواء وأمزجة عديدة من قبل المتعاقبين على رأس الهرم القيادي ، وهم في معظمهم من كوادر الجامعة الأكاديميين الذين قد لايستوعبون التربية ومساراتها، بعكس الجامعة التي هم فيها أساطين كبار .. لذلك ضاعت بذلك حقوق المشتغلين بالتربية وفق تصنيفات ميتة ولا تمت بصلة إلى هيكلية ، لا تضع الاعتبارات لهؤلاء الناس الذين تناط بهم تربية وتعليم وتنشئة الأجيال .. والحال أن السفينة هنا ستيسير وفقاً لاتجاه الريح تذهب بها إلى حيث شاءت فلا ربان، ولإبحارة.. ولاهم يحزنون ! والهيكلية التي نتحدث عنها هنا صارت اليوم مبعث القرف والحزن والألم ، فكل قطاع يذهب رئيسه لمتابعة استحقاقات المشتغلين فيه ثم الفروع في المحافظات، وهي أمور تسيء إلى الخدمة المدنية وأخلاق المهنة التربوية السامية ، كما أنها تقلل من قيمة الأداء والفاعلية التي نطمح إلى تحقيقها ، بعيداً من الضياع والهضم والقضم .. فأنت تجد.. مثلاً ضياع الهيكلية في بدلات ( طبيعة العمل ) التي لم يحدد المشرع لمن تعطى لكنها بمزاج أعطيت للمعلم، وهذا حق له ويفترض مضاعفته ، لكنها لم تعط للقيادات التربوية والإدارية التي تقود وتصنع القرار وتضع الخطط والبرامج الكفيلة بإنجاح المسيرة التعليمية والتربوية.. وعندما تحتج أو تسأل عن السب هنا في عدن مثلاً يقولون لك: إن القطاع أقر الإدارة العامة في ديوان الوزارة ( النطير لك ) أي المسؤول عنك ، لم يتحرك ولم يتابع قضية الموظفين عندك .. بالله عليكم هل هذه هيكلية دولة أو حكومة، أم هي كانتونات إن جاز التعبير.. إن هذه السلوكيات تفقد مصداقية أن يكون هناك مؤسسات تسير بالقانون والحداثة التي ترافق الخطى أولاً بأول .. وإلا أين الهيكلية المفصلة لكافة الأمور من أصغر موظف إلى أعلى قائد تربوي، سواء في الوزارة أم مكاتبها في المحافظات أو المديريات ( المناطق التعليمية ) .. الخ. ولتتصوروا معي أننا اليوم لم نتفق بعد على مسميات الهياكل التي نعمل بها لأكثر من (19) سنة ، فالمنطقة التعليمية هي مسمى المحافظات الشمالية، والمديرية هي مسمى المحافظات الجنوبية، وهذه المسميات يكرسها القائمون على التعليم نهاراً جهاراً ، ثم يأتون ليقولون لنا إن الوحدة ذهبت بما هو سيئ وأتت بما هو إيجابي ، وهو بئس الكلام الذي يعكس الأمور رأساً على عقب كما يقول المثل السائر هنا ، وهناك .لذلك نحن نطمح إلى الخروج من أزمة الهيكلية والمسميات في هذه الجبهة المهمة والتي بدأ العمل يضعف فيها نظراً للتمايز بين الرفاق، زملاء المهنة ممن أعطوا كثيراً ، لكنهم اليوم في بؤس وفاقة ، وكله بسبب التسويف والمماطلة .. التي لا يقرها عاقل أو حتى جاهل ، لأن البلد بحاجة ماسة للجهود في مجالات عدة ومنها التربية والتعليم التي قد يأتي يوم ما ونحن في الحضيض لإهمال الجهات المعنية إحقاق الحق لكل الناس بمعايير معقولة ومقبولة وليس عبر الرشاوى والمحسوبية و(الأنا ) قاتل الله ( الأنا ) ومن لفلفها !.إن التعليم اليوم بحاجة إلى كفاءات وطنية ، لكن هذه الكفاءات حتماً لن تفي بالغرض إذا كانت مهضومة الحقوق، وبائسة المعيشة ، وهذا يحتم على الدولة أن تهتم بكادر التعليم والتربية وخاصة كادر الإداريات التي لولاها لما كانت الحصة الدراسية ولما كان هناك ( مخرج ) واحد لكي يكون (مدخلاً ) للجامعة والتعليم العالي أيضاً. إن الإدارة هي فن الأداء والانتصار للعطاء ولذلك ينبغي (ثانية ) أن يعاد النظر في كل الإجراءات الحاصلة في هيكلية التربية والتعليم التي صارت اليوم من الأمور المضعفة للعطاء والمحبطة للهمم والمفرقة بين رسل المهنة، وهذه كلها بيد قيادة الوزارة من وزير ونائب ورؤساء قطاعات ووكلاء ومستشارين ومديري عموم .. الخ .. وهي مسؤولية يجب عدم التواكل في أدائها اليوم قبل الغد ، إذا أردنا للبلد تقدماً مطرداً إن شاء الله تعالى.
الإدارة.. فن الأداء وانتصار العطاء
أخبار متعلقة