عمر عبدربه السبعلقد اصبحت الكتب من الكثرة بحيث ان الوقت لايكفي حتى لتصفح عناوينها اوكما قال جين كافين ذات يوم، الكتب اصبحت غابة يتوه فيها القراء .. طوفانا من المادة المطبوعة يصعب فيه النجاة من الغرق.والحقيقة ان الكتب الموجودة في العالم يفوق مئات بل آلاف المرات ما يمكن ان يقرأه المرء طوال حياته.ان تضاعف اعداد الكتب معناه اتساع عدد المكتبات، ومعناه ايضا ضرورة فهرسة الكتب وترتيب المعلومات وفقا للموضوع او الترتيب الابجدي للمؤلفين .. ومنذ منتصف القرن السادس عشر ظهرت الببليوغرافيا المطبوعة، وببليوغرافيا الموضوع.ورغم الكم الهائل من الكتب فان الكتاب العربي الورقي مصاب بالكساد، فماذا اصاب الكتاب العربي، الاقتصادي الاجتماعي، والسياسي والثقافي والفكري في آن؟ لماذا قلت كمية طباعته وانحسر تداوله بين جمهور القراء والمتلقين وتدني الاقبال عليه الى مستويات خطيرة؟ ولماذا اتسعت الهوة بيننا والعالم الغربي في هذا المجال ايضا حدا جعل الكاتب المصري جلال عامر يقول “ ان الفرق بيننا وبين اوروبا : انها تصدر الكتاب ونحن نصادر الكتاب!!.هل تكاليف شراء الكتاب المرتفعة سببا رئيسا في انحسار الكتاب العربي؟ ام ان الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمواطن العربي وتدني القوة الشرائية لديه هي السبب، او ان تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والانترنت والكتاب الاليكتروني قد فاقم من تدني الاقبال على الكتاب وساعد في التراجع عن اقتنائه.يبدو ان ضرورة الحياة من مأكل ومشرب ومسكن اهم اولا، من اقتناء الكتب ولكن لامفر من شراء الجديد من اصدارات الكتب القيمة اذا ما تيسر ذلك للمرء، فالكتاب غذاء العقل والروح، ولايزال – الكتاب – يحتل حيزا في مكتب المنزل، فلا غناء عنه للطالب والمثقف والهاوي .. ولاغرو ان الكتاب هو الصديق الصدوق والوفي للانسان وهو خير جليس ولاغناء عنه في ساعة الترويح عن النفس او ساعة الانهماك في البحث عن معلومة.ولاشك ان التكنولوجيا الحديثة فتحت آفاقا جديدة للقراءة والاستمتاع والاستفادة فزاحمت الكتاب الورقي وحدت من شرائه واقتنائه وسببت تراجعا كبيرا في مبيعاته .. لكن الكتاب لايزال يجد عافيته بين المهتمين والدارسين، فاذا كان ثمة ازمة كتاب، فمردها ازمة الثقافة .. فهناك عزوف تام عن المطالعة في العالم العربي وتشير الاحصاءات العالمية الى تدني معدل قراءة الفرد في البلدان العربية .. والقراءة عادة متأصلة في اعماق الانسان والكتاب الرقمي والانترنت لم يصبح بعد البديل عن الكتاب الورقي الذي له ايضا امتيازاته ومحبيه.لقد قيل ان الامام بن شهاب الزهري رحمه الله كان يجلس في مكتبته ويقرأ وقتا طويلا حتى ان زوجته قالت والله لهذه اشد عليّ من ثلاث ضرائر!! اما ابن الجوزي فيقول انه اذا رأى كتابا فكأنه وقع على كنز .. وقيل عن الجاحظ انه اذا وقع في يده كتاب قرأه من اوله الى آخره .. أي كتاب كان ..اذاً علينا إعادة النظر في المقاطعة الظالمة والجائرة لقراءة الكتب فقراءة الكتب وسيلة لتحصيل العلم، وفي القراءة توسيع للمدارك والقدرات واثراء للعقلية .. والقراءة المتأنية وسيلة لاستثمار الوقت، ووسيلة للتعود على البحث والافادة من تجارب الآخرين.وتعطيك القراءة رصيدا هائلا من المعرفة، وتمدك بتجارب وثقافات مختلفة، وتطلعك على وسائل تربوية مختلفة ومناهج متباينة والانترنت والاعلام المطبوع والقنوات الفضائية وسائل للمعرفة يكمل بعضها بعضا، وثورة المعلومات وغزو الفضاء الخارجي لم تجعل من الكتاب قطعة اثرية تضاف لمكتبة البيت للتباهي والزينة، فالعيب ليس في الكتاب، بل فينا نحن الذين استسهلنا الحياة وجعلنا من القراءة المتمعنة كابوسا يقض مضاجعنا فأضعنا انفسنا.
|
ثقافة
إٍعادة النظر في كساد الكتاب العربي
أخبار متعلقة