الموسيقار الكبير سعودي أحمد صالح ولقاء أنفردت به صحيفة 14أكتوبر عن الفن وأهله في لحج
سلوى صنعانيلأكثر من مرة التقيت به لقاءات شاءت جميل الصدف أن تمنحها لي بعضها مطولة واخرى قصيرة وعابرة خلالها حصدت شيئاً من الاطلاع على معلومة من اللون اللحجي من الفن اليمني . لدى الرجل أكثر من ذلك ولكن الوقت لا يتيح لنا متسعاً للاطلاع على ثروة غنية ، ذاكرة للموسيقى والثقافة ونفس عميقة الوجدان عفيفة المأرب .الموسيقار والمطرب الفنان الاستاذ سعودي أحمد صالح أحد عمالقة الفن اللحجي ذو النكهة الجميلة تلك القامة التي تخلقت خلال نهضة فنية بعثها اساتذة الخمسينات والستينات معظمهم انتقلوا الى رحاب الله ومنهم من يواصلون عطاءاتهم ومنهم الاستاذ سعودي .معه في جولة عبر الآفاق حلقنا في حديث شيق وجميل جمال الرجل وبساطته على عظمته التي تجلت في نصانة سلوكه وعمق فكرة وفي عطاءاته المتواصلة مع الفن رغم ظروفه الصحية والمادية الصعبة .عن ذكرياته ، لقاءاته بعمالقة الشعر واللحن وعن الندوات التي نشأت مطلع الخمسينات .[c1]علاقته بصالح نصيب كان فاتحة الحديث .. [/c][c1]س: لحنت لعديد من الشعراء الكبار وغنيت لهم ومنهم صالح نصيب نقف هنا على تلك العلاقة التي أفرزت أروع الأغاني ؟ [/c]ج- أجل ... الاستاذ صالح نصيب شاعر عظيم ، شفاف وإنسان بكل ما تحمله الكلمة من معنى وبعد كنا وإياه زملاء سواء في ندوة الجنوب او الندوة اللحجية الموسيقية . كنت أحاول الاقتراب منه كثيراً لأنال حظاً من ثروته . ولكن نصيب لا يرمي بأوراقه لأي ملحن أيّ كان . كان من النوع الحريص على تذوق اللحن وعلى قدرات الموسيقار أي بعد تمحيص وتريث .والحديث مازال للاستاذ سعودي :" ظل يواعدني باعطائي بعض قصائده وقتاً ليس بالقصير ، حتى استمع الى أغنية " أنا والعقل في حيرة على ذاك الجميل" والذي قمت بنسج لحن جميل لها وهي من كلمات الشاعر المرحوم الاستاذ أحمد سيف ثابت هذا العمل نال إعجاب الجميع بما فيهم نصيب . عندها عهد إليّ بأول عمل لحنته له وكان في العام 1963م أثناء زمالتنا في ندوة الجنوب الموسيقية . وكنت قبلها قد لحنت أغنية أخرى الى جانب " أنا والعقل في حيرة" وهي " بنار الشوق" من كلمات الامير محسن صالح مهدي غناها الفنان فيصل علوي .أول أغنية لحنتها للاستاذ نصيب تقول :يقول لي للصدف خلي لقانا ولما القاه يبدي لي إعتذاره ويحلف لي على ذمة هوانا ونا صدق يمنية واعتذاره يقرب لي وصاله ويرسل لي خياله يشاغلني ويكويني بناره هذه الاغنية غناها الفنان المطرب علي سعيد العودي وسجلت في الاذاعة عام 4691م مع مجموعة من الاغاني الاخرى .وأعقب هذه الاغنية بقصيدة أخرى قمت بتلحينها تقول :يباني عود له ثاني وأرجع من جديد أهواه وطفي نار اشجاني وأنس كل ما سواه واستمر التواصل بيني والاستاذ صالح نصيب رحمه الله لاحظى بقصيدة هي الثالثة في الترتيب وهي بعنوان " توبة من الحب توبة".يقول مطلعها :" توبة من الحب توبة الحب ذي تلعبوا به ياويلكم تسخروا به قلبي أنا ما ذنوبه "هذه القصيدة صدرت ضمن مجموعة من القصائد في ديوانه " الحب مش عيب" وهذا ليس عنوان ديوان الاستاذ نصيب ، محسن بل وعنوان لقصيدة قمت بتلحينها تقول :الحب مش عيب ولا في الحب أيضاً ملامه ولا أكاذيب ولا في الحب إلاّ السلامة وفي العام 1978م تقريباً عهد اليّ بأغنية جديدة وهي من أجمل وأروع ما جاءت به قريحته الشعرية ومطلعها يقول :ناموا كلهم ناموا ناموا وأنا سهرانحتى النجم ذي قد كان يؤنسني معاهم ناموكانت القصيدة الخامس التي أقوم بتلحينها للمرحوم الاستاذ صالح نصيب هنا أنتهى الحديث عن نصيب .الاستاذ سعودي أحمد صالح لم يلحن لنصيب هذه الاعمال الجميلة بل صاحب أغنية " حبيبي لو جفاني الحب مرة " وهي من كلمات الاستاذ محمود السلامي ، وكذا يقولوا لي الهوى قسمة متى كان الهوى مقسوم يقضي العمر في نعمة وأنا اللي في الهوى محروم . وله أيضاً " سلمت للحب أمري ، وضاع في الصبر عمري " . تحدى الحب ياويلة " كلمات صفية أحمد سعيد " ومحلا خصامه حبيبي " توجهت بالسؤال مرة أخرى للاستاذ سعودي وكان حول الندوات آنذاك .[c1]س: هناك ندوات نهضت وتعثرت وتنافست وأفرزت كل ما هو جميل وأنت شهدت كل ذلك ؟[/c]ج- قامت أولاً الندوة اللحجية الموسيقية عام 45م ومكثت لفترة قصيرة ثم أندثرت حين قامت ندوة ابناء الجنوب عام 65م وكانت تشرف عليها رابطة ابناء الجنوب ولكنها أكتسبت صفة سياسية كإطار فني وموسيقي وانتهت كيانها السياسي الذي كان يرعاها .بعدها مباشرة قامت الندوة الموسيقية اللحجية وفيها الاستاذ فضل محمد اللحجي والاستاذ محمد سعد الصنعاني والاستاذ صلاح ناصر كرد والامير الفنان عبده عبدالكريم ومحمد سرحان وعلي ومحمد وعبده النجار . استمرت في عطاءاتها حتى مطلع الستينات أنفصل عنها الاستاذ اللحجي ومجموعة من الفنانين والعازفين ولكنها صمدت رغم الانشقاق واستمرت في عطاءاتها الابداعية بينما ذهب المنشقون لإقامة ندوة أخرى أطلق عليها مسمى " ندوة الجنوب " ولكنها لم تكتسب صفة سياسية واستمرت الندوتان في العطاء والتنافس الشريف الذي أنتج أروع الابداعات ، ففي حين كان الاستاذ فضل محمد اللحجي يقود ندوة " الجنوب" قاد الاستاذ محمد سعد الصنعاني الندوة الموسيقية اللحجية وكان موسيقارها وملحنها الرئيسي.[c1]س: ثم أندثرت هاتان الندوتان أتدري ماهي الاسباب ؟[/c]ندوة الجنوب أندثرت عام 66م بفعل الاوضاع السياسية آنذاك بينما غادر قائدها ومؤسسها فضل محمد اللحجي الى تعز . أما الندوة اللحجية فقد كانت أسباب أنتهائها .. مرض الاستاذ محمد سعد الصنعاني ، ووفاة الاستاذ صلاح ناصر كرد في حادث انقلاب سيارة في قرية الكود والسيارة كانت تقل الفرقة الفنية التي كانت متوجهة لابين لاحياء حفل للكتيبة الخامسة للجيش الاتحادي هذا الحادث شكل خسارة فنية وإنسانية كبيرة بوفاة الاستاذ كرد والفنان على فقيه وهو فنان وعازف كمنجة من الدرجة الاولى .[c1]س: عودة الى الاستاذ فضل محمد اللحجي هل مات أم قتل ؟[/c]ج: الاستاذ فضل محمد اللحجي عقب نشأة الاحداث السياسية غادرنا الى تعز ومكث هناك فترة ثم عاد ليستأجر منزلاً في منطقة المنصورة قبل الاستقلال الوطني للبلاد . عندما فتح الباب أطلق عليه النار . ونقل بالاسعاف الى مستشفى "الملكة اليزابيث" " الجمهورية" حالياً حاولنا أن نعرف غريمه سألناه عدة مرات ولكنه رفض أن يصرح لنا وتوفى متأثراً بجراحه بعد ثلاثة أيام من إطلاق النار عليه .وكانت وفاته أو قتله خسارة على الفن اليمني فهو ملحن ومبدع ومطور ومن أعماله تطويرالألحان القمندانية والتراثية وهو من الذي قاموا بإرساء منهاجية للحن اللحجي هو والاستاذ محمد سعد الصنعاني والاستاذ صلاح ناصر كرد ومعهم الامير محسن بن أحمد مهدي . هذه المنهاجية الجديدة هي تعدد الكوبليهات والمذاهب في الاغنية أولاً : يأتي المذهب ثم الكوبليه وتنويعها .مثل " كم يقول لي الليل توب " " لوعتي" " بالعيون السود" و "ردد التغريد" و " ظي الجنوب" وارسي هذا المنهاج منذ العام 65م .[c1]س: بالعودة الى نهوض الالحان وتطوير الموسيقى لمن كان الريادة ؟[/c]ج: إذا كانت في مجال تطوير اللحن فمن المطورين الاستاذ فضل محمد اللحجي ومن اوردت ذكرهم سلفاً .. وبالنسبة لنهضة اللحن وإدخال الجديد فيه فالريادة للاستاذ القدير محمد سعد الصنعاني فهو أول من أدخل المقدمات الموسيقية للاغنية وحذف ربع التون وهو مقياس موسيقي بحيث ينسجم اللحن مع الآلات الغربية لتخرج الى العالمية والعربية قبلها من إطارها المحلي . وهذا المنهاج والتحديث في الموسيقى اللحجية .. وحدت له تداعى لدى الفنان الامير محسن بن أحمد مهدي الذي شكل فرقة موسيقية خاصة بالاذاعة والتلفزيون عام 66م قامت بتسجيل وتوثيق لأعمال العديد من الفنانين من مختلف مناطق الوطن ووضع الامير محسن بن أحمد أكثر من ثلاثين قطعة موسيقية هي مقدمات موسيقية لأغاني فلكلورية تراثية ومنها " حيا ليالي جميلة" و " ليتني نسمة" والمقدمة الموسيقية تأتي في مقدمة الاغنية ولكنها تختلف عن لحنها ولكن يشترط أن يكون هناك إنسجام بينهما .[c1]س: وهل لك لمسة في هذا المنهج؟[/c]ج: نعم اتبعته بالفعل لأنه كان رائعة منفردة ومتميزة فقد وضعت المقدمات الموسيقية لأغنية " غزلان في الوادي " و " ذنوب سيدي ذنوب ياورد نيسان " و " واذي تبوا للحسيني ".[c1]س: وهل اتبع من ملحنين آخرين ؟[/c]ج: نعم فبعد سنوات طويلة أبهجنا الفنان الموسيقار الاستاذ أحمد بن غودل بوضعه مقدمات موسيقية رائعة لبعض الاغاني التراثية مثل "بدوية خطبها نصيب" و " شراح " و " على المحبين شني يامطر نيسان".[c1]س: أوردت اسماء عديدة لأهم الملحنين والمطورين للحن والاغنية اللحجية هل أغفلت أحداً ؟[/c]ج: ربما الفنان الملحن أحمد سالم مهيد النصري فهو فنان مبدع وله ألحان تشنف الآذان ومن أعماله :يافاتن جمالك يسحرني دلالك وكذلك ياناسي المعروف أنا ما نسى ولو أنت نسيت .وأغنية "محتار بين الشوق والظن " وجميعها من كلمات كريشة لأن الملحن والشاعر كانا يشكلان ثنائياً أبان قيام ندوة تبن في أواخر الستينات كان مقرها " خلوة الرعوي" ومعهم الفنان هادي سعد شميلة الذي أختفى في أحداث سالمين .[c1]س: ماهو جديد سعودي أحمد صالح ؟[/c]ج: هناك رائعة في الطريق صاغ كلماتها الشاعر الكبير الاستاذ أحمد سالم عبيد قمت بتلحينها تقول :من دموعي كل ليله من دموعي كل يوم للحبيب أكتب رسالة - خاف يذكرني بكلمة من كلامه قط ما خنته ولاعبته ولا فكرت يوم اطلب بداله آه من صده جرح قلبي ولا قلبه يرضى حتى يعطف ويكتب لي رسالة تلك الكلمات اختتمنا بها لقاءنا بل لقاءاتنا التي جمعت خلالها هذه الحصيلة من تاريخ الاغنية اللحجية وروادها وتطويرها وتحديثها . وكانت عقب انتهائنا من أمسية تكريم الفنان الكبير عبدالكريم توفيق يوم الخميس التاسع من مارس .