تعز ساحرة تجذبك إلى السماء
إستطلاع /عبدالرؤف هزاع - تصوير علي محمد فارع كنا نغادر مدينة عدن في صباح شتوي ونسائم البحر تحوطنا في اتجاهات متعددة نستشف عبيرها وكانت الشمس قد بزغت تنشر أشعتها الذهبية على البسيطة.انطلقت عجلات العربية التي تقلنا والوفد الطبي الألماني المكون من البروفيسور/يان لينس المتخصص في جراحة التجميل وعضو في اربع جمعيات عالمية وعضوية شرف وكبير الجراحين.والبروفيسور/ سراجيان المختص في زراعة الفك السفلي وعضو في الجمعية الأوروبية لجراحة الوجه والفكين والجمعية الألمانية.وبرجيت كليرك فنية تخذير وسوزانا ماشيرك فنية عمليات والممرضة برجيت شميكر بول والدكتورة أحلام هبة الله والدكتورة جنيدة عبدالرحمن الجنيد.مضينا رحلتنا على تلك الطريق الإسفلتي الممتد من مدينة عدن وحتى مدينة تعز مروراً بتلك الأودية والأراضي المنبسطة والتي بدت في معظمها إثر حصاد فيما كانت بعض الروابي والجبال قد التبست بشجيرات صغيرة خضراء، وبعض الجبال المرتفعة اتشحت بالسواد نتيجة للجفاف وعلى جانب آخر كانت تبرز على جانب الطرقات بين الفينة والاخرى بعض الخدمات كمحطات البترول والمحال التجارية الصغيرة والمطاعم أيضاً كأحدى ثمار الوحدة وخلال الرحلة التي تخطيناها بزمن ساعتين ونصف الساعة.لقد بدأ الطقس يتغير من معتدل إلى بارد نسبياً وهذه هبة الرحمن لليمن أن نجد التنوع المناخي لليمن على مدار العام.كانت مدينة الراهدة اولى المحطات التابعة لمحافظة تعز هذه المدينة التي لم تشهد أي تطور ملموس يذكر على مدى سنوات طويلة التمسنا اليوم تلك الاعمال في مجال الطرقات والمجاري وربما تجري الاستعدادات لمشاريع أخرى.كنا جميعاً ننظر من وراء زجاجات نوافذ الباص إلى تلك الاراضي الواسعة وأشجار السدر التي تحجب عنا الرؤيا لمسافات أخرى لم نشاهدها على مدار الرحلة وخصوصاً تلك القرى كنا نشاهد النساء والرجال والأطفال الكل له مهامه .. ترى النساء يعملن في الأرض والفتيات الصغيرات يحملن المياه على ناصية رؤوسهن والأطفال يذهبون إلى المدارس وبعض النسوة يقمن بمهنة الرعي وان كان قطيع الأغنام أو الضان قليل العدد.وبعض النساء مازلن يستخدمن وسائل النقل القديمة .. هذا هو حال المرأة اليمنية في الريف مازالت لها معاناتها ولها شجونها وهمومها اليومية تتحمل معظم الأعباء داخل المنزل وخارجه.هانحن قطعنا محطات عديدة منها ورزان والدمنة وأوجله ونقيل الأبل كنا نطل على منطقة الحوبان تلك المنطقة التي يشرف على تنظيم حركتها المكتظة رجال المرور.هذه هي مدينة تعز الجميلة التي ازدانت باشجارها ومبانيها ومناخها الرائع.[c1]كدنا نعانق السماء[/c]رغم عشوائية البناء وغياب التخطيط الحضري وتسلق الأبنية جبال وتلال وروابي المدينة إلا أن جمالها لايخبو بريقها لاينكفى هذه المدينة الساحرة التي احتضنت الوطنية والأحرار .. هاهي اليوم تفرد ذراعيها للجميع .. تتطلع كغيرها من المدن نحو الأفق.كنا نطوف في شوارع مدينة تعز الضيقة وبين ازقتها صعوداً نحو جبل صبر بطرق متعرجة ملتوية كثعبان وبين مدرجات جبلية خلت في الزراعة عدى بعض الاشجار الصغيرة وكانت السيارات تصعد نحو القمة واخرى تنحدر نحو سفح الجبل غطت لغيوم منتصف جبل صبر ومع كل منحنى تقطعه نحو القمة تزداد برودة الجو وتظللنا الغيوم حتى كان بعضنا يعتقد أنه سيعانق السحاب.[c1]ساحة في صبر[/c] وفي طريقنا نحو جبل صبر توقفنا عند استراحة "الشيخ زايد بن سلطان" وكانت احدى الفتيات الصغيرات الحسناوات تقف قبالة البوابة ترحب بنا بكلمات بسيطة تحمل معان متعددة حملت معها تقاليد انساننا اليمني وطيبة قلبه وعزة نفسه وكرم اخلاقه قدمت باقة ورد لاحدى الطبيبات الألمانيات كهدية مجانية منها.وهنا تذكرت كلمات الفقيد الشاعر عبدالله عبدالوهاب نعمان تلك القصيدة التي غناها الفنان أيوب طارش عبسي "يسقيك محلى ورودك وغرسك واصبر يرحم أبو من غرس" هذه الكلمات التي حملت في طياتها أجمل معنى للجمال الطبيعي وهذه نعمة المولى عزوجل وليس نقصاً أو عيب .. وهكذا كانت آخر محطة بنهاية قمة الجبل عدنا إلى قلب مدينة تعز في جولة في سوق الشنيني وباب موسى والباب الكبير كل هذه المواقع مازالت كما عرفتها منذ سنوات عديدة تحتوي أسواقها على بضائع ومشغولات يدوية ومنتجات محلية.كنا نغادر هذه المدينة الساحرة في تمام الخامسة إلا ربعاً بدأ نشاطنا يقل وزاد هدوؤنا مع العودة بدأ الليل يخيم ومجموعة الرحلة ساكنة لم يعد الايقاع يرتفع ولا أغاني أبوبكر تدندن عدا بعض الاغاني لمن كانوا يمضغون القات فقط.خيم الهدوء على عودتنا تماماً وهكذا عدنا من حيث اتينا سالمين مع تقديرنا للأخ توفيق سائق الباص الذي كان يمضي بنا خلال رحلتنا وعودتنا بهدوء تام.