قالوا إنّ السرورية هي جوهر حركة (( الصحوة )) الإسلامية السياسية ونتاج اندماج الرؤية السلفية بالفكر الإخواني
الرياض - دبي / متابعاتتناول فيلم وثائقي من جزئين بثته قناة (العربية) يوم امس الجمعة عن التيارات في السعودية، تأثير جماعة الاخوان المسلمين في نشأة فكر العنف والسلفية الجهادية، والعلاقة بين التيار السروري وتيار (( الصحوة )) وفكر التكفير.وقال الكاتب السعودي تركي الحمد من خلال الفيلم إن السعودية لم تتبن الفكر الاخواني سواء اخوان مصر أو سوريا أو غيرهم، ولكنها فتحت لهم الأبواب عندما جاءوا إليها كلاجئين سياسيين بعد صراعهم مع الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر والحكومات السورية المتتالية.وأوضح أن توظيفهم في المؤسسات التعليمية جعلهم يبثون فكرهم الاخواني في عقول الطلبة من خلال المؤلفات التي يكتبونها، مشيرا إلى أن الفكر الاخواني الوافد وهو مسيس اختلط بالسلفية المحلية غير المسيسة، وحدث نوع من الامتزاج الكيماوي انتج السلفية الجهادية، فتحولت السلفية المعتادة في السعودية إلى سلفية متفجرة نتجة الاحتكاك بالاخوان المسلمين الذين قدموا من مصر وسوريا في المقام الأول.تحدث في الفيلم د. محمد آل زلفة عضو مجلس الشورى السعودي، والكاتبة سهيلة زين العابدين، وحسن المالكي، وحسن الصفار وسفر الحوالي وكامل الخطي وتركي الحمد وعادل الكلباني وسلمان العودة وعبدالعزيز الخضر.وفي اطار الحديث عن الوجود الاخواني أكدت سهيلة زين العابدين تأثيرهم على الفكر الديني والحركة الاسلامية في السعودية. وقالت إن البعض من الاخوان تأثر بفكر سيد قطب خاصة تكفيره للمسلمين جميعا، وهو تأثر بفكر ابي الأعلى المودودي والشيخ ابي الحسن الندوي، مشيرة إلى صورة مشرقة لفكر الاخوان المسلمين متمثلة في فكر الشيخ يوسف القرضاوي الذي يعتبر من العلماء والفقهاء المسلمين القلائل الذين يتمتعون بالجرأة وقول الحق والوسطية والاعتدال.[c1]حسن البنا معجب بنموذج ستالين[/c]عاد تركي الحمد إلى الحديث فقال إن حسن البنا مؤسس جماعة الاخوان من أشد المعجبين بستالين بشأن تنظيمه في روسيا، واستشهد بمراجع أوردت كلاما للبنا يؤكد فيه ان ما يريده الاخوان هو شبه ما يجري في روسيا التي طورت وبنت نفسها من خلال التنظيم والعقيدة الواضحة.وحسب الفيلم الوثائقي فان الاخوان وصلوا للسعودية بتصور ديني مخالف للتصور السائد في البلاد، فالأولوية عندهم لائتلاف المسلمين بغض النظر عن عقائدهم ومذاهبهم وهو ما كان صادما للخطاب الديني المحلي الذي يملك شعبية كبيرة، إلا أنه عاجز عن الاستجابة لمتطلبات الدولة الحديثة المتزايدة وشروط التحديث والتنمية التي فرضت نفسها بقوة على المشهد المحلي.لم تكن الدولة - بحسب ما ورد في الفيلم- مستعدة للتخلي عن الخطاب الديني وتسعى في الوقت نفسه بقوة نحو التحديث والتنمية، فجاء الاخوان المسلمون وساهموا في صياغة مناهج التعليم والعمل الخيري الدعوي، واستقطبوا بعض الرموز الدينية المحلية، وبذلك أصبح في البلاد خطابان دينيان، أحدهما يملك نقاء عقديا يكسبه شعبية اجتماعية لكنه عاجز عن التعامل مع تحديات العصر وضرورات الدولة، والآخر على النقيض.فهد الشافي قال ان الاخوان عندما جاءوا الى السعودية كانت لهم سمات معينة، فهم يمتازون عن المؤسسة الدينية الرسمية التقليدية بمساحات من الفسح، يتساهلون في قضايا مثل الغناء والاختلاط ويتعاملون ببرجماتية وبنوع أكثر حذاقة من المؤسسة التقليدية، في المقابل كانت السعودية تمتاز بفكر ديني معين راسخ وله تجربة تاريخية ولا شك انه أثر فيهم، وكان ابرز تأثير خروج اطروحات تنسب الى الاخوان تنتقد اطرهم متكأة على الفكر السلفي.[c1]السرورية نتاج اندماج الرؤية السلفية بالاخوانية[/c]وأوضح الشافي انه حدثت اعادة صياغة للفكر الاخواني، وهذه طبيعة اي فكر عندما تلقيه في بيئة ستتأثر وتؤثر وهذا الذي حدث، وفيما بعد وكنتيجة لذلك جاءت الحركة السرورية التي تنسب الى الشيخ السوري الاخواني محمد بن سرور زين العابدين وهي نتاج دمج [c1]الرؤية السلفية والرؤية الاخوانية[/c]أما الشيخ سفر الحوالي فقال ان حركة الاخوان المسلمين أسسها حسن البنا متفاعلا مع أفكار سبقتها للشيخ رشيد رضا وغيره، مشيرا إلى أن حركة الاخوان التي قامت في السعودية بقيادة الشيخ عبدالكريم الدرويش وحولت منطقة نجد في قلب الجزيرة العربية من البادية والجفاء والغلظة الى التدين والاصلاح والجهاد فيما بعد، لها اثر في تكوين وانشاء حركة الاخوان عن طريق انتشارها في نجد الى بلاد الشام وسيناء ومنها الى مصر حيث تأثر حسن البنا.وأضاف أنه اذا كان عبدالناصر حارب الاخوان حربا سياسية كما تدعي الاجهزة الناصرية، فهناك في المقابل من تعاطف معها سياسيا، لكنه يعتقد أن التعاطف معها في السعودية لم يكن مجرد تعاطف سياسي.وتعتبر سهيلة زين العابدين ان الاخوان حزب سياسي يسعى الى السلطة السياسية ولذلك فقد كثيرا من شعبيته. وأكد الشيخ سليمان العودة ان الاخوان عندما جاءوا الى السعودية كانوا مؤثرين ومتأثرين فقد ساهموا من جهة في احياء نوع من الوعي الديني والسياسي والممارسة والاطلاع والقراءة وهناك مجلات كانت تتداول ذلك مثل مجلة المجتمع والشهاب والوعي الاسلامي الكويتية ومجلات اخرى من جميع انحاء العالم الاسلامي كان لها سوق رائجة في السعودية وتأثروا هم بالمناخ السلفي الموجود في السعودية.ثم يتحدث الفيلم الوثائقي عن محمد بن سرور زين العابدين الذي كان يعمل في منطقة القصيم بالسعودية، وهو سوري التحق بجماعة الاخوان السورية لسنوات طويلة، ثم تخلى عنها وخط له منهجا جديدا، وقد استطاع هذه الرجل ان يقرأ بذكاء نقاط القوة والضعف في الخطابين السابقين في المجتمع السعودي، فحاول تقديم خطاب يجمع قوة الطرفين فيحرص على اولوية النقاء العقدي ويأخذ آليات الاخوان في الاستجابة لمتطلبات العصر، واستطاع بذلك ان ينشئ خطابا دينيا جديدا لم يلبث ان تمدد اجتماعيا، حتى شكل بعد سنوات تيارا دينيا واجتماعيا كان له الحضور الابرز في المشهد الديني المحلي.وهنا يقول سلمان العودة ان محمد سرور كان مدرسا في مدينة حائل ثم انتقل الى منطقة القصيم وكان يدرس مادة الحساب، لكنه كان يحمل فكرا وهما، وانتقل الى منطقة الاحساء ثم ربما انتقل بعد ذلك الى الكويت لفترة معينة قبل ان يستقر به المقام في لندن.ويعتبره العودة أحد المؤثرين في الساحة من حيث تأثيره التربوي وكتاباته، حيث كان يكتب في مجلة المجتمع، ويذكر انه كان واحد من تلاميذه الذين درسوا عليه يديه مادة الحساب، وكان يأتيهم بكتاب (زاد المعاد) لابن القيم.. "كان ذلك بداية تعرفي على هذا الكتاب الجميل رأيته وذهبت واشتريته وهو لا زال من اهم الكتب الموجودة في مكتبتي وقراته عدة مرات".ويعلق الفيلم الوثائقي بأن السرورية أصبح لها فيما بعد مفهوما خاصا في المجتمع السعودي مع ان هناك تشكيكا في دقة هذه التسمية، فيقول حسن المالكي إنه لا يفضل هذه الأسماء، هي غير صحيحة وغير حقيقية. السرورية هي اتهام يراد منه التقليل أو التحذير او اسقاط بعض طلبة العلم.أما عادل الكلباني فقد أشار إلى أن محمد سرورليس له منهج وفكر، ربما ألف كتابا أو كتابين أو ثلاثة، لكنني لم أر أنه قاد فكرا متبعا أو حملة معينة للتجديد أو شيئا ما. كتبه لا تدرس واكثر طلبة العلم لا يعرفون كتبه، ومن نشر كتبه هم من عاداه ولو سكتوا عنه لم يعرف.[c1]السرورية جوهر تيار الصحوة[/c]يعود المعلق في الفيلم ليقول ان هناك باحثين يؤكدون ان ما سمي بالسرورية يشكل جوهر التيار الذي عرف فيما بعد بتيار الصحوة، يعلق عبدالعزيز الخضر بأنه يعتقد أن نشوء المصطلح كان في ذروة الصراع بين التيارين خلال احداث غزو العراق للكويت، ومن يتابع التفاصيل في تلك الفترة يشعر بأن كلا من المصطلحين "شتائمي" وليس تصنيفا علميا بالأصل، وبالتالي استمر يعطي معنى سلبيا في كلمة جامي أو سروري، جامي ملحقة باسم شخص وسروري كذلك، لكن في الواقع بغض النظر عن اسم الجامية، هناك تيار في السعودية يعبر عن الجامية فترة طويلة من دون أن يتشكل بهذا الاسم، وايضا التيار السروري هو في الحقيقة يمثل الهيكل الأكبر بالنسبة للصحوة الاسلامية في السعودية وأعطاها شكلا من الاشكال.وقال إن الاسم ليس بذلك الحضور الشديد بالنسبة للصحويين كرمز معروف، ولكن بحكم ان الشخصية كان لها تأثير على اهم الرموز الصحوية في دمج الاسلام السني السلفي التقليدي بالاسلام الحركي بطريقة علمية من ناحية، وتوائم البيئة المحلية السعودية بحكم انها بلد يعلي الاسلام ابتداء.[c1]سرور أول من طرح تكفير الأنظمة [/c]ويشير تركي الحمد إلى أن محمد سرور هو أول من بدأ يطرح عملية تكفير الأنظمة السياسية، وأن الجهاد فريضة غائبة بشكل من الأشكال وذلك عندما كان يحاضر في الجامعات السعودية، وبعد ذلك بدأ التيار ينتشر من تلاميذه الذين تناقلوها، وبالتالي فان العمدة على التأسيس وليس على من يأتي لاحقا ويكون أكثر تأثيرا.لكن كامل الخطي يقول إنه لا يتصور وقد يكون لا يعرف جيدا ان محمد سرور له تأثير مباشر بتنظيم الأعمال المسلحة والأعمال ذات الطبيعة العنيفة التي شهدناها، لكن حركة الصحوة ومعارضتها للنظام السياسي مهدت الطريق لظهور الحركة الجهادية.