منبر التراث
[c1]البابا أربان الثاني[/c]في السابع والعشرين من نوفمبر سنة 1095م ، أعلن البابا أربان الثاني بابا الفاتيكان في كليرمون بجنوب فرنسا ، الحرب على المسلمين لتخليص المدينة المقدسة من سيطرة المسلمين التي ذكرها الكتاب المقدس " بأنها تفيض باللبن والعسل ... ووصفها أربان الثاني بأنها ميراث المسيح " . ومنذ ذلك التاريخ دارت الحروب الصليبية الحاقدة وتحديداً على أرض المشرق العربي قرابة أكثر من مائتي عام . [c1]مصر ، دمشق ، الموصل [/c]ولقد أجمعت كتب التاريخ ، أنّ عبء الحروب الصليبية تحملته مصر ، ودمشق ، وقبلها ، الموصل في بلاد الرافدين بقيادة عماد الدين زنكي ثم أبنه محمود نور الدين . ولكن دور اليمن في تلك الحروب الصليبية لم تذكرها المصادر التراثية المعاصرة لتلك الحروب القاسية التي انفجرت في أرض المشرق العربي وتحديداً في فلسطين بإسهاب واستفاضة كبيرين ــ كما سبق وأن أشرنا . [c1]الفرقة العسكرية اليمنية [/c]ولكن مؤرخنا الكبير عبد الله محيرز نقل في كتابه ( رحلات الصينيين الكبرى إلى البحر العربي ) عن المؤرخ الجندي أن السلطان الملك المظفر يوسف بن عمر بن علي بن رسول المتوفى ( 694هـ / 1295م ) جرد حملة عسكرية إلى مصر للمشاركة في محاربة الصليبيين الفرنج إلى مصر في عهد السلطان قلاوون المتوفى سنة ( 689هـ / 1290م ) . وهنا ربما كان مناسباً ، أن نقتبس من كلام مؤرخنا عبد الله أحمد محيرز عن تلك الحملة العسكرية اليمنية إلى مصر لمحاربة الفرنج الصليبيين ، فيقول : " ... يفيد الجندي أن المظفر قدم مساهمات بإرسال فرقة عسكرية دائمة إلى مصر لمحاربة الصليبيين قوامها خمسمائة شخص بكامل مؤونتها ( مئونتها ) من غذاء وعتاد لتشارك في حرب الصليبيين " . [c1]دورها في سقوط عكا[/c]والحقيقة أن تلك الفرقة العسكرية الذي أرسلها الملك السلطان المظفر - كما قلنا سابقاً - ، كان لها أثرها الإيجابي الكبير في سير المعارك ضد الصليبيين ، فقد سقطت مدينة عكا بيد المصريين بسبب تلك الفرقة العسكرية . وهذا ما أكده عبد الله محيرز ، قائلاً : " وعزى ماركو بولو - الرحال الإيطالي الشهير - نجاح سلطان مصر ( الملك الصالح قلاوون ) في استرجاع عكا في فلسطين إلى مساهمة ملك ( عدن ) بتزويد مصر بالخيل والجمال " . [c1]السلطان الظاهر بيبرس[/c]وقبل ذلك التاريخ وجه السلطان الظاهر ركن الدين بيبرس المتوفى سنة ( 676هـ / 1277م ) أعظم سلاطين الدولة المملوكية في مصر رسالة تهجم إلى السلطان الملك الظفر الرسولي بسبب ابتعاده عن المساهمة والمشاركة في القضايا المصيرية والهامة التي تخوضها مصر ضد التتار ، جاء فيها : " الملك هو الذي يجاهد في الله حق جهاده . ويبذل نفسه في الذب عن حوزة الدين ، فإن كنت ملكاً فاخرج ، والتق التتار " . [c1]الخلاصة [/c]ونافلة القول ، نأمل من الباحثين الحاليين ، والمؤرخين المحدثين والمهتمين بتاريخ الدولة الرسولية تسليط الأضواء القوية على مجهوداتها العسكرية في الحروب الصليبية التي اندلعت على أرض المشرق العربي ، وأنني أكاد أجزم بأننا سنخرج بنتائج تاريخية مثيرة , وقيمة ، وجديدة في هذا الموضوع الهام الذي لم يتطرق إليه أحد من المؤرخين والباحثين بصورة موسعة وعميقة . فهل في الإمكان تحقيق ذلك ؟ .