مع اقتراب موعد خليجي (20) دشن بعض خطباء مساجد م/ عدن خطباً مسلسلة منذ أسابيع يتم فيها الهجوم على الشيعة بشتى الأسلحة المتطورة والتقليدية! .. زاعمين تبصير المسلمين ( السنة) بما عليه الشيعة من الكفر والضلال (!) والذين يجب إخراجهم من ملة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وتبشيرهم بالنار التي وعدها الله الكافرين والمتجبرين!.. ولأن دول الخليج وحتى اليمن يوجد بها عدد من هذه الطائفة، وهم وحدهم في عدن قد يتجاوزون أربعمائة أسرة تسكن عدن منذ مئات السنين .. فهل يليق أن نستقبل ضيوفنا حتى لو كانوا من الشيعة بهذا الاستقبال القبيح الدخيل على أخلاقنا وقيمنا التي نعتز بها على الدوام، ويأبى السلفيون إلا الإجهاز عليها بحجة أنها - أي قيم التسامح - من سنن الآباء والأجداد المخالفة لملة الوهابيين التي تقضي بأن ديننا لا يؤمن بأي شكل من أشكال التقارب والتواد مع كل من خالفنا ديناً ورأياً ومذهباً وتفكيراً !ولا يخفى سوء توقيت هذا الهجوم على الشيعة والدعوة إلى سلخهم من الإسلام وإلحاقهم باليهود والنصارى ! بل زعم بعضهم أن اليهود خير منهم (!!) ولا حول ولا قوة إلا بالله! وإذا كان هؤلاء يبررون الهجوم على الشيعة بأنه دفاع عن الصحابة وأم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - لأن أحد الحمقى كان قد شتم عائشة - رضي الله عنها - زوجة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله - وحلف يميناً مغلظة أنها في الدرك الأسفل من النار !! وذلك من مسجد في لندن ، وبثته قناة شيعية واحدة في رمضان ، وتم إيقاف هذه القناة على الفور ، فإن هذا ليس مبرراً للمتاجرة بالصحابة وأزواج النبي - صلى الله عليه وآله - على قنوات السلفية المقابلة وكذا منابر المساجد ، ضاربين عرض الحائط بحرمة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله - وأزواجه أمهات المؤمنين ! فإن لرسول الله - صلى الله عليه وعلى - حرمة فوق كل الحرمات ينبغي إعظامها وإجلالها وأن نتمثل قول الله من سورة النور : [c1](( ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا، سبحانك هذا بهتان عظيم ❊ يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبداً إن كنتم مؤمنين)).[/c] وقد أدانت المراجع الشيعية هذا التهور من أحد الشيعة على أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - لكن القول بأن علماء الشيعة قد أدانوا صاحبهم من باب التقية هو قول اخترق المستور ، وادعى علم ما وراء السطور ، وتطاول على الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ! .وقد ظلت قنوات سلفية تلعلع لأكثر من شهر وتزيد الجاهلين بالأمر علماً حتى أقدمت إدارة قمري النايلسات والعربسات على إغلاقها وقد بلغت حوالي (12) قناة سلفية ! .والمتهور الشيعي ليس وحده المجنون ، فعندنا السنة أمثاله كثر، ومن لم يصدق فليطلع على منابر المساجد وأشرطة الكاسيت والسيدي والقنوات السلفية وكتبهم ومنشوراتهم قديماً وحديثاً فسوف يرى العجب العجاب الذي يشيب له رأس الوليد، منها مثالاً لا حصراً : جواز مفاخذة الرضيعة ! وجواز أن يتزوج الرجل ابنته التي أنجبها من نكاح غير صحيح(!) ، ومنها فتوى إرضاع الكبير ، ومنها فتوى أبي ابن العربي في كتابه «العواصم من القواصم» بأن الحسين رضي الله عنه إنما قتل بسيف جده - صلى الله عليه وسلم - إرضاءً لأسياده الأمويين ومنها قول ابن تيمية في (منهاج السنة النبوية) أن علياً بن أبي طالب رضي الله عنه كان مخذولاً أينما توجه إرغاماً وتشكيكاً بقوله صلى الله عليه وسلم «من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم انصر من نصره ، واخذل من خذله.. الخ».وكذا قوله : إن علياً رضي الله عنه أسلم صغيراً وأن إسلام الصبي فيه نزاع ( !!) ومنها تكفير الصوفية والأشاعرة وإخراجهم من ملة الإسلام ! ومنها وصف الله تعالى بما تقشعر منه أبدان الموحدين إلى غير ذلك كثير كثير .. ! حقا كما قال المثل السائر « كل زبيبة و (فيها ) عود !!» .فالأولى أن ننقذ تاريخنا وتراثنا ، لا أن نوزع صكوك العصمة لبشر ثم نثبت لهم أجر الاجتهاد في سفك الدماء وهتك أعراض آل بيت النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وأنصار المدينة ! ثم نتوعد بالويل والهلاك كل من اجتهد في نقد التاريخ وخطأ أفعال طغاته وصناديده ممن منحهم البعض صكوك العصمة وجعلوهم مثل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو أشد ! ولا حول ولا قوة إلا بالله .إنني لست مدافعاً عن الشيعة ولا ضد السنة مطلقاً ولكنني يعز علي أن أرى في وطني وفي ديني من لا يزال يؤمن بالنعرات الطائفية التي تؤدي إلى دمار الأمم والتاريخ والمستقبل ! وأتمنى رؤية بلادي وبلاد المسلمين أمة واحدة قد تجاوزت تاريخها وخلافاتها المذهبية واختلافها العرقي والطائفي والديني وقررت الرحيل سوياً إلى المستقبل الذي لن يرحم أحداً منا غذى هذه النعرات الطائفية والدينية والعرقية ولن يفلح أحد سكت عليها .. وآمل من الإخوة المسؤولين جميعاً مصادرة الدعوة إلى العداء المذهبي والطائفي فلم نزل نعاني من الفرقة والمناطقية ولم نتعاف بعد حتى نفتح عداء طائفياً ! .وآمل من العلماء والخطباء تفهم ذلك والله تعالى يقول : « وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان». ثمة كلام مهم أصبه في آذان هؤلاء أن مدينة عدن الأبية كانت ملتقى كل الثقافات والمذاهب والأعراق والأديان عاش فيها الشيعة الإثناعشرية والشيعة الإسماعيلية والشيعة الداوودية وكل فرق الصوفية ولا يزالون إلى اليوم .. وعاش فيها اليهود والنصارى والفرس وهذه الأخيرة لا تزال معابدها إلى اليوم شاهدة على رحابة عدن ! التي لم تضق يوماً بدين أو ثقافة أو مذهب أو جنس أو طائفة ! واليوم أضحى ينعق ناعق غراب شؤم الفرقة والعداوة والتناحر في عرصاتها الشاكية من عبث العابثين بكل وحدة وتقارب وجميل والله المستعان (!) .
أخبار متعلقة