عندما نكتب في نقد الظواهر المرضية في العالم العربي يجب ان لا نخاف اسماك القرش الفكرية، التي تحاول ان تبتلع اي سمكة زينة، تريد ان تضفي جمالا علي البحر.إن سياف التخلف مازال يتحسس يده بحثا عن رقاب العصافير، التي تريد ان تطير الي حيث الابداع والتحديث والحضارة،لهذا يجب ان لانعبأ بالحجارة وهي تلقى علي نوافذنا.يجب ان نجري العمليات الجراحية في الفكر العربي والعقل العربي والقلب العربي حتي لوكلفنا ذلك ملاحقة الرصاص لكلماتنا او اتهام الخطاب بجاهلية الحداثة.كثير منا يتساءل: لماذا نحن نعيش في كسوف حضاري ،لماذا استبدلنا رحمة الاسلام بسكين الحزب الاسلامي؟ لماذا استبدلنا حنان الرسول «ص» للامم بمسدس فتوي الشيخ؟ الى ان وقعنا معاهدة ابدية مع الغضب، في طفولة سياسية فاقعة .لماذا كرهنا الجمال و الله جميل يحب الجمال ،لماذا نرفض تصدير الحب، والرسول يقول: وهل الدين الا الحب ،وهنا المفارقة حيث بات العنف يتناسل فينا كما تتناسل الارانب ،ليس فقط علي ارصفتنا العربية ،او في خيامنا الاسلامية، بل حتي علي ارصفة اسبانيا، وفي شوارع لندن، وفي كل بلاد غربية آوتنا ومنحتنا سكنا، وجنسية عوضا عن الجنسية التي فقدت في الزنزانة، وراتبا شهريا كي لانموت ونعري فهل يتم استبدال الموقف الانساني الحضاري بتفخيخ الامنين من الناس والابرياء فقط لانهم لايلتقون معنا في دين او مذهب رغم التقائنا بهم في الانسانية ،بل الكثير منهم يتعاطف حتي مع بعض قضايانا؟،لماذا احتكرنا الجنة ونقيم الناس عبر معاطفهم الايديولوجية، بدلا من ضميرهم الانساني والامام علي يقول. الناس صنفان اما اخ لك في الدين او نظير لك في الخلق لماذا نريد استعباد الناس والخليفة عمر يقول : متي استعبدتم الناس، وقد ولدتهم امهاتهم احرارا ؟.يجب ان نستبدل بعض العقليات الموميائية بعقليات منفتحة ،تكتشف مواقع النورفي الامم والشعوب، لتعمل علي توطين ثمار الحضارة في العالم العربي ،فلقد شبعنا من الندب، وجلد الذات، كماشبعنا من انتفاخات الوهم واكياس الخبز البلاستيكية ،التي توزع وهم الثورة علي شبابنا الضائع، والمخطوف من حضن الوطن الي حيث حضن سوح الجهاد والثغور في محاربة الوطن اين هو عقل الشاب الياباني، واين هو عقل الشاب الاسلامي او العربي؟.ذاك يعصر نفسه وعقله لصناعة السيارة ليحيي وطنه وامته، وهذا يعصرنفسه وعقله ليفجر ذات السيارة القادمة من اليابان، ليميت وطنه وامته.والخطر يكبر اذا تحول هذا الفكر الي ظاهرة تقترب من الجماهيرية، وهنا يأتي السؤال :من يعمل علي تفخيخ الجماهير العربية ؟واين هو عقل الجمهورالعربي؟ وكيف نحصنه من اوبئة العنف وجراثيم الحرب الاهلية اخذة في الانتشار؟ماكتبته مقدمة لنقد ظاهرة انتشار الوهم لدىالجماهير العربية، وتحويلها من اكثرية صامتة الي اكثرية ميتة ،تعتاش علي المظاهرات والاعتصامات وغرائز الصراخ، واحيانا تؤخذ الي حيث المسلخ السياسي وهي تبتسم، لانها جمدت عقلها في ثلاجة الحزب او الطائفة او العرق.للاسف نحن امة لاتستفيد من اخطاء التاريخ، ولهذا مازلنا نقع في نفس الحفرة التاريخية ، ولانمتلك القفز عليها، لاننا لانمتلك افق المراجعة، او جرأة النقد والمساءلة، لان العقل العربي عقل يقوم علي التبرير، وليس النقد والتحليل.يقول الفيلسوف جورج بانتيانا : ان الامم التي لاتقرأ تاريخها ،معرضة لاعادة انتاجه لغير صالحها . يقول المثل الايرلندي الجمهور وحش بألف رأس واحيانا يجيش نحو القتل، وهو لايعلم تماما كماقامت الجماهير البيضاء بذبح السود في جنوب افريقيا ايام الحكم العنصري ،فلنستفد من اخطاء الامم من السقوط في الغيبوبة السياسية.رغم ايماني ان جينات الجماهير في كل العالم متشابهة الا ان الهيرمونات مختلفة. وهنا يأتي الفارق بين الجمهور العربي والفرنسي مثلا،ديجول جاء بمشروع اقتصادي للفرنسيين ،لم يعجبهم قالوا له: اجلس في البيت .جمال عبدالناصر قدم استقالته بعد هزيمة 67 خرجت الجماهير عن بكرة ابيها تثنيه عن ذلك .احترم عبدالناصر كثيرا ولاني كذلك لابد ان اكتشف اخطاءه ايضا حتي لا احول الهزائم الي انتصارات .بالطبع لن اجعله آخر الانبياء كماقال فيه نزار قباني : قتلناك يا آخر الانبياء وليس غريباعلينا قتل الصحابة والاولياء .اثبتت الدراسات السوسيولوجية الاجتماعية ، ان الجماهير مثل الاكواب تستطيع ان تملأها بالخل او العسل. ان دورنا كمثقفين في هذه المرحلة عدم جرجرة الجمهور الي حيث المحارق السياسية او الفتن الطائفية .لقد استفاد الجمهور الالماني والايطالي وحتي الروسي من محارق هتلر وموسوليني وستالين فهل نحن نستفيد ايضا؟. خدع هتلر الجماهير بشعار المانيا فوق الجميع فيجب ان نحذر من شعار المسلمون فوق الجميع ، لان القرآن امرنا بالتعارف لتعارفوا لقد كان الجمهور العربي بمثابة التنين النائم الذي اوقدناه علي رائحة الدم الطائفي المنبعث من معركة الطوائف. انه في غاية التوتر، تلعب في مخيلته خطابات بعض الجمع، وحيث مواعظ السكين ومن كل الاطراف ،تعبث بذاكرته روائح الموت المنبعثة من المعارك التاريخية ،مفخخ تجاه الاخر ،مصفح ضد الحلم ،متوترمن الحضارة الغربية ،يري فيها مؤامرة علي دينه، حشر رأسه بين جدار السياسة وجدران الاحزاب السياسية، في ثنائية حادة، ولان الانغلاق يأكل الدين، فهو واقع في شزيفرينية حادة، بين مغارة الموت وبحر الحياة،بين رومانسية الثورة ومغريات الدولة، يريد ان يعيش كبقية الشعوب، لكنه مقيد بسلاسل الهوس الديني، محاصر بين جبة الشيخ وربطة عنق المثقف، اسير للعقد السيكولوجية، ابتداء بعقدة البرانويا الاضهاد مرورا بالمازوشية جلد الذات وليس اخيرا بعقد الفوبيا الخوف و الرهاب من الآخر.اننا نكرر اخطاءنا منذ 1400 سنة .تنقل كتب التاريخ ان الرجل في التاريخ العربي ، اذا غضب غضب معه 1000رجل بسيوفهم، لايسألونه فيما غضب.يقول الشاعر:وما انا الا من غزية ان غوت غويت وان ترشد غزية ارشد.دعوة الي كل علماء الدين ورجال السياسة ، ان يفتحوا عقل الجمهور علي الحب والسلام والانسانية وتقديس الابداع والمساهمة في بناء الحضارة واحترام التعددية ،لان هذا الجمهور ان لم يفتح علي الحياة بدلا من الموت، غدا يلتف حتي علي معلميه ووعاظه، وكمايقول غوستاف لوبون الهيبة الشخصية تختفي دائما مع الفشل، فالبطل الذي صفقت له الجماهير بالامس قد تحتقره علنا في الغذ إذاما ادار الحظ له ظهره . فلنبتعد عن مراهقات الشارع لنكتشف الحديقة الغناء على الضفة الاخري ولنأخذ جمهورنا الجميل الى حيث ثقافة الحياة. [c1]نقلا عن جريدة "الراية" القطرية [/c]
الجماهير العربية من الغيبوبة السياسية إلى المحارق الطائفية
أخبار متعلقة