مع الاحداث
العالم يتطور وفقاً لخطط إستراتيجية بعيدة المدى وعلى كل المستويات: الاقتصادية والأمنية والدفاعية والعلمية والثقافية والمعرفية عموماً، وجميعها تحدد الفاعلية السياسية لأي دولة، أو لأي مجموعة دولية موحدة.. وهنا بالضبط يبرز دور القيادة الإستراتيجية والتاريخية باعتبارها عقل وشرف وضمير الأمة في كل مكان وزمان والمهمات الإستراتيجية يمهد لها عادةً بخطط آنية ومرحلية وكل دول العالم تسعى للتطور والتقدم وتحقيق الازدهار والرقي لشعوبها بصورة منتظمة ومتدرجة من الأهم فالمهم، وتحتل الأولوية في ذلك التنمية البشرية وتحرير الإنسان المواطن من الجهل والمرض وجعله قوةً فاعلة في المجتمع.ومقياس التطور والتقدم هنا هو انعدام البطالة وارتفاع مستوى معيشة المواطن، وبالتالي ارتفاع روح المسؤولية الوطنية لديه، ودرجة التفاعل الايجابي في الوسط الاجتماعي والسياسي، وفي التعاطي مع المهمات الإستراتيجية واليومية وفي درجة استشعاره للكرامة الوطنية باعتبارها كلاً متكاملاً مع العز والشرف والكرامة الفردية للإنسان المواطن، ويلعب الإعلام والصحافة هنا دوراً هاماً ورائداً على صعيد رفع الروح المعنوية لدى الشعب ولتبصيره بالقضايا لرئيسه لبلاده وآمته بعيداً عن السطحية والتزييف وبعيداً عن الخداع والتضليل أو تسويق الأوهام بل بقول الحقيقة والبوح بما هو مسكوت عنه أو يكتنفه الغموض.وإذا ما أدركنا الإمكانيات والقدرات التي بين أيدينا وتحت أقدامنا وحددنا مانريد بوضوح واعددنا خططنا الإستراتيجية الصائبة لأصبحنا قوة عالمية يحسب لها ومهابة ولن نتعرض للسطو والقرصنة والوصاية والاملأ أو إلى مختلف الضغوطات والابتزازات لمواقفنا وثرواتنا أو انتهاك لاستقلالنا وسيادتنا على أراضينا والمسالة تكمن في الأساس في الاعتماد على شعوبنا والتوحد معها ضد الغزاة والمحتلين وليس العكس وبهذا فقط يمكن قلب المعادلة راساً على عقب، ومغادرة ترددنا ومخاوفنا وجبننا وبهذا فقط ننتظر ونفرض السلام العادل والدائم ليس فقط في منطقتنا بل وفي العالم اجمع.فما أحوجنا اليوم إلى عقل استراتيجي جمعي يخرجنا من المأزق التاريخي الذي حشرنا فيه لنستعيد دواتنا وحريتنا وديمقراطيتنا الحقيقية كما نعرفها ونفهمها ونحس بها نحن لا كما يريدها لنا الآخرون وكفى ضياعاً واستشهاراً ولامبالاة، وينبغي أن نضع حداً لعنجهية القوة وتوحشها ونعيد الاعتبار لقوة العقل الجماعي، وللإرادة الشعبية الناضجة ونزيد من حوافز ودوافع روح التضحية من اجل الأجيال القادمة لتواصل المشوار من بعدنا على مداميك قوية وراسخة ونستعيد ثقتنا بأنفسنا وإدراكنا لحاجاتنا ومصالحنا وأهدافنا في الحياة الحرة الكريمة.