مع الاخرين
إذا كان الوطن هو الجسد الذي نعيش داخله فإنه مثل بقية الأجساد لابد له من شرايين صحيحة سليمة خالية من أي ضيق او تضييق او انسداد تنقل الدماء النقية إلى كافة اطرافه كي يعيش صحيحاً معافى ويقوم بوظائفه خير قيام في توفير العيش الكريم لنا وكل متطلباتنا من ضرورات الحياة والتقدم والتطور . هذه الشرايين هي طرق وخطوط وشبكات المواصلات والنقل، فإذا تعذر وصول الدم عن طريق هذه الشرايين إلى أي جزء من أجزاء جسد الوطن فإنه يضعف ويمرض ولا يعاني ذلك الجزء وحده بل أن هذا الضعف يؤثر ولاشك على مختلف أجزاء الجسد .خطوط المواصلات متعددة برية وبحرية وجوية وكلها هامة إلاَّ أن اهمها البرية ولاشك فهي تربط مختلف أجزاء البلد وتقربها من بعضها البعض أما الجوية والبحرية فهي تربط جسدنا بأكلمه بالخارج وإن كانت تربط عدداً من المدن والموانئ داخل البلد ، فاذا كان الداخل ضعيفاً اثر ذلك على الخارج الا يقولون ان السياسة الخارجية لأي بلد ماهي الا انعكاس لسياسته الداخلية، إذاً فإن قوة خطوطنا البحرية والجوية ماهي الا انعكاس لقوتها الداخلية ، أي أن الداخلية هي الأساس مع اعطاء العناية بالخطوط البحرية والجوية . الشرايين التي تنقل الدماء إلى أطراف الجسد ( الوطن ) متعددة كالطرق والجسور والانفاق ووسائلها ايضاً متعددة كالسيارات والطائرات ووسائل النقل البحرية المختلفة ولكل حسب قدرته وطاقته ووظيفته ولاشك أن أهمها هي القطارات فهي لاشك تتحمل المهمة الرئيسية في نقل الدماء إلى مختلف اجزاء الجسم سواء من حيث الكم أو الكيف خاصة وان قطارات هذه الأيام .. القطارات الحديثة .. اصبحت تنافس الطائرات والبواخر الفاخرة من حيث الراحة والجمال والسرعة . ان الطائرة تقطع المسافة بين عدن وصنعاء في نصف ساعة لكن الوقت الذي يضيع في المطارات اكبر من ذلك بكثير اما القطارات الحديثة فبإمكانها قطع المسافة بين عدن وصنعاء في ساعتين مع التوقف في المحطات الهامة بينهما، والحديث عن السرعة يذكرني بموضوع قرأته ذكر ان جدلاً ثار قديماً في احدى الدول العربية عند عزم تلك الدولة على ادخال القطار إلى وسائل مواصلاتها ووجد حينها من يعترض على ذلك بحجة ان سرعة القطار ستتسبب في امراض عديدة لراكبيه بسبب السرعة ومنها الغثيان والدوخان والصداع والقيء وضيق التنفس وكانت سرعة القطار حينها لاتزيد عن خمسين كيلومتراً في الساعة، فيا ترى ماذا سيقول هؤلاء لو عرفوا ان سرعة القطارات الحديثة الآن تقترب من ثلاثمائة كيلو متر في الساعة لاشك ان بعضهم سيدعي بأن رؤوس الراكبين لن تصاب بالصداع بل قد تطير من خلال نوافذ القطارات لهذه السرعة الكبيرة. إن امثال هؤلاء يوجدون في كل زمان ومكان وخاصة أمام كل جديد وحديث ولايترددون في الإدلاء بآرائهم وفتاواهم التي سرعان ماتتناثر على صخرة الحقيقة والعلم والواقع . في نفس يوم نشر موضوع ( القطار ) تلقيت مكالمة هاتفية من صديق قال لي .. ماقصة القطار الذي تكتب عنه ، هل حقاً سنعيش ونشاهد القطارات في بلدنا أم أنه كلام جرائد ؟ لكن ما اثلج صدري اني تلقيت في نفس اليوم رسالة متلفنة من الزميل الصحفي محمد الأمير اختصرها بقوله .. ومن اسباب تخلف اقتصاد العرب عدم ربط سكة حديد بين بلدانهم .كما تلقيت رسالة اليكترونية من الأخ الصحفي والأديب عبدالإله سلام جاء فيها " لقد سعدت بموضوعك حول القطار ووجدت نفسي اتجول في انحاء اليمن شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً من المحطة الاولى في جبل حديد وهي محطة قديمة سمي الجبل باسم هذه المحطة .. اخترقت الحاجز وقطعت المسافات الشاسعة ابتداء من عدن تعز الحديدة مخترقاً ارض التهائم حيث وصل القطار إلى مدينة الصليف محافظة الحديدة وهي محطة قديمة بنتها الدولة العثمانية في اوائل القرن العشرين التي كانت تنقل البضائع من البحر إلى المدينة .. تأملت الطريق المتعرجة والجبال العالية ، عدت بعدها إلى عدن فرحان بهذه الرحلة .. رحت اكتب عن رحلتي وعزمت ان اقوم برحلة اخرى إلى صنعاء وفعلاً قمت برحلة في القطار نفسه تأملت الطبيعة وشممت رائحة الهواء البارد في هذا الشتاء البارد، كان البرد قارصاً شتوياً جميلاً .. عدت مسرعاً لاخذ قسط من الهواء المعتدل مررت على التهائم مرة ثانية وانطلقت إلى المكلا، كان البحر يعرض سحره أمامي والجبال تسير بجانبي تمتعت بجو الطبيعة اليمنية الساحرة . صحوت على حلم جميل راودني كما راودك، ولابد أن يتحقق إن شاء الله .. شكراً لك على هذه الرحلة الجميلة الممتعة " .لقد افرحني ولاشك .. لقد وصلت الرسالة .. بل أن من استلمها قام باضافة المزيد اليها، ولكن هل قلت ما اريده في موضوع القطارات ، بالتأكيد لا ، فهناك أحلام وأماني سيعمل هذا القطار على تحقيقها ولا بد لي من طرحها في عمود قادم فوق السطور . [c1][email protected]تيليفاكس :241317 [/c]