مع الأحداث
في كل عام بل في كل معرض للكتاب، تتكرر نفس المشاهد والانطباعات والمواقف المتعلقة بالكتب - موضوع الحدث - مابين حجب ومنع وسحب من المعرض أو مصادرة للبعض الآخر. وإذا كانت هذه المواقف المتشابهة من الكتاب موجودة قبل المعرض وخارج أسواره إلا أنها تكون أكثر وضوحا في أيام المعرض من حيث تسليط الضوء عليها إعلاميا وسرعة تناقل خبر مصادرة أو منع الكتاب الفلاني أو ذاك. وعادة ما يكون سبب المنع هو تطرق الكاتب للمحظور أو ما يسمى بكسر التابو من نواح عدة، وما يهمنا منها هو الجانب الأخلاقي حيث تصادر الكتب التي يتطرق فيها الكاتب للفاحشة والرذيلة عن طريق أبطال عمله تحت أي من المسميات الكثيرة أو لورود بعض المقاطع والفصول التي تتحدث عن الجنس أو تسلط الضوء على شريحة شاذة كالمدمنين وتدخل إلى تفاصيل حياتهم ،ويكون سبب المنع من وجهة نظر المانعين والمؤيدين لهذا المنع هو إشاعة الفحش في المجتمع والدعوة إليه وتصوير مجتمعنا المسلم بصورة سيئة هي أقرب للمجتمعات المتفسخة أخلاقيا. وبالرغم من قرارات المنع فإن أغلبنا قد تمكن من قراءة هذه الممنوعات أو بعضها بطريقة أو بأخرى.والغريب في الأمر أنه في الوقت الذي تمنع فيه مثل هذه الروايات فإن الإعلام ينشر روايات أخرى أكثر نقلا للواقع المر في مجتمعنا المسلم وهي روايات عن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبعض الوقوعات الأخلاقية التي يتم ضبطها والتعامل معها ، والمتتبع لمثل هذه الحالات التي تنوء بها كل الصحف يوميا يخيل إليه فعلا أن المجتمع آيل للسقوط فهذه صحيفة تعلن عن ضبط الهيئة لمجموعة من الأشخاص في شقة للدعارة في المنطقة الفلانية وبصحبتهم فتيات من الجنسية الفلانية ومعهم المسكر والحشيش وقد تم القبض عليهم في وضع مخل أخلاقيا ، وتفاصيل أخرى دقيقة لا أحسب الخبر في حاجة إليها دائما. وفلان - بحسب - صحيفة أخرى- استدرج فتاة واغتصبها وصورها عارية ووزع صورها بتقنية البلوتوث ، وآخر اختطف طفلا ، وأخرى هربت مع عشيقها من محافظة لأخرى وأخبار عن أطفال لقطاء على أبواب المساجد والمستشفيات ، واغتصابات جماعية وقتل، وأخبار كثيرة أخرى على هذه الشاكلة أكثر من أن تحصى والمجتمع بكل فئاته يقرأ ويتابع ، أليس الأولى بالإعلام أن يصادر هذه الأخبار التي لايتسلل إليها خيال كاتب أو فكرة أديب وإنما هي صناعة محلية واقعية مئة بالمئة.لم يعد جديدا أن ندرك أن مجتمعنا رغم ما ينشر من أخبار وتجاوزات أخلاقية هو مجتمع تهيمن عليه الفضيلة والالتزام بالتعاليم الإسلامية ،إلا أنه ليس مجتمعا ملائكيا في مجمله ولن يتحقق هذا في أي مجتمع آخر. لكن ما يجب أن ندركه هو أن سياسة الحجب والمنع لم تعد مجدية في عصر التكنولوجيا والإنترنت والاتصالات المرئية وغير المرئية.فالمصادرة والحجب أو المنع أمور تولد الرغبة لدى المتلقي في تحدي هذا المنع والوصول للمعلومة بأي شكل من الأشكال. [c1]* صحيفة (الوطن) السعودية[/c]