إعداد/ محمد أحمد الدبعي :أسمى مايتمناه العقلاء ويحرصون عليه انما حرص بقاء اطفالهم أصحاء بدنياً وعقلياً واقوياء مناعياً بعيدين كل البعد عن أخطار الأمراض التي يمكن تجنبها والوقاية منها، ومهما كلفهم بلوغ هذا الامر من عناء ومال فلا يدخرون وسعاً في ان يكون كما يجب، طالما انه في النهاية يكفل صالح اطفالهم ويؤمن لهم الوقاية والسلامة.فلا تهاون في تحصين الاطفال ضد الشلل في اقرب وقت ممكن كون الطفل منذ الولادة لايحمل أية مناعة ضد هذا الداء الخطير، إنما يكتسبها من خلال تطعيمه في حملات التحصين التي تستهدف الاطفال دون الخامسة، كذلك أثناء التحصين الروتيني المتاح للاطفال دون العام، ولايمكن القول بانحسار خطر شلل الاطفال في الوقت الراهن، فالخطر باق، ببقاء واستمرار عزوف بعض الآباء والأمهات واحجامهم عن تحصين أطفالهم دون سن الخامسة ضد هذا الداء الخطير.والضحية بلا شك هم الاطفال المحرومون من التحصين وكذا الذين يهملون ولايحصلون على جرعات عديدة كافية لتأمين حمايتهم على الدوام من فيروس الشلل.فالاعراض عن التحصين أشبه بكارثة وان حلت فانها ستحل على الاطفال الذين اهمل تحصينهم والمحرومين منه نهائياً.وبينما زيادة الاقبال على التطعيم بصورة كاملة وشاملة تعمل على اختفاء حالات الاصابة الجديدة بفيروس الشلل يعمل الاعراض عنه من جهة أخرى ومنع بعض الآباء والأمهات أطفالهم من التحصين على عودة الفيروس في وقت لاحق بظهور اصابات جديدة بالمرض بين الأطفال المهملين والمحرومين أصلا من التحصين، ففيروس شلل الأطفال او مايسمى بالتهاب النجابية النخاع بالمرض ليس بالمرض الهين.انه عالي النقاوة وله قدرة ثابتة على مقاومة تأثير الوسط الخارجي ومع ان حصيلته تتراوح بين عدوى خفيفة ومرض، شللي فقد تنتج عنه الوفاة ايضا في بعض الحالات.وبطبيعة الحال تؤكد المصادر الطبية انه لايصيب الا البشر فقط وله ثلاثة انماط (1،2،3) جميعها تسبب الشلل إلا ان النوع الاول اخطرها لتسببه في اغلب حالات الاعاقة الشللية.فيما يمكن ان يبدأ الشلل فجأة او بالتدريج، ومن الممكن ايضاً ان يصيب اية مجموعة من العضلات في أي موضع تبعاً لموقع ومستوى إصابة الحبل الشوكي، غير انه يصيب بالشلل الساقين اكثر مما يصيب الذراعين او أي موضع آخر في الجسم، فتصبح على اثره العضلات المصابة مشلولة رخوة تفقد توترها وحركتها، لكن الإحساس بالألم واللمس يظل قائماً بلا تغيير.وفي الحالات الوخيمة قد يصاب المريض بالشلل الرباعي الذي يصيب عضلات الجذع والبطن والصدر ومايترتب عليه من عواقب خطيرة، وقد يتناظر في الطرفين العلوي والسفلي معاً (الساقين والذراعين).ولعل مايزيد الامر سوءاً لدى ظهور حالة إصابة بشلل الأطفال في عائلة ما، حيث يصبح معها الأفراد الذين تقل أعمارهم عن خمس سنوات عرضة للعدوى بدرجة عالية، نظراً لسرعة انتشار هذا الفيروس النشط الذي يزداد انتشاره في الأماكن المزدحمة رديئة التهوية والنظافة التي لايهتم قاطنوها بنظافتها او بنظافتهم الشخصية.بدليل ان عدواه تنتقل اساساً من خلال تناول طعام او شراب خالطه ـ بشكل أو بآخر ـ شيء أو اثر من براز حاملي المرض او شيء من افرازاتهم الانفية والفموية، كذلك من خلال تلقي رذاذ عطس او سعال حامل العدوى بصورة مباشرة.وعند دخول فيروس شلل الاطفال الجسم عن طريق الفم يعمد الى التكاثر في البلعوم والقناة الهضمية للعائل المضيف، لينتشر بعد ذلك في الجسم عن طريق مجرى الدم، وعندها يمكن له مهاجمة الجهاز الليمفاوي والجهاز العصبي المركزي تبعاً لحدة الفيروس. وتستغرق فترة حضانته حوالي أسبوع واحد في العادة، كما يتفاوت رد الفعل للعدوى بفيروس الشلل الى حد كبير تبعاً بشدة الحالة الاكلينيكية للمريض.وفي معظم الحالات يظهر المرض في صورة توعك طفيف وحمى خفيفة والتهابات بالحلق، وتقيؤ وألم بالبطن وفقدان الشهية، وهي علامات شائعة لايمكن التمييز بينها وبين اعراض حالات العدوى الفيروسية الخفيفة الاخرى.وبواقع الحال لاتبدو على المرضى في معظم الحالات أية اعراض اضافية، لكن الامر يختلف لدى (2%) من المرضى لتمكن الفيروس من الوصول الى المخ والحبل الشوكي، إذ تظهر لديهم اعراض مرضية شديدة في الجهاز العصبي بشكل مفاجئ وان سبقتها احياناً فترة هدوء وسكون مؤقتة، وعلى إثرها تنتاب المريض حالة من القلق والتوتر والصداع ويتفاوت ارتفاع درجة الحرارة لديه مابين (38 ـ 39م).وفي ثلث الحالات التي تصل الى هذه المرحلة يختفي المرض خلال (7 ايام) اما بقية الحالات فتتطور الى الشلل.وعادة مايظهر الشلل اثناء الحمى، وفي الغالب لايتطور اكثر بعدما تعود درجة الحرارة الى معدلها الطبيعي.وفي الحالات التي تنتهي بالشلل يلاحظ ان مسار المرض يمر عبر طورين، طور أصغر وطور أكبر واحياناً تفصل بين الطورين عدة ايام بلا اعراض.ففي الطور الاصغر يعاني المريض الحمى والاعراض التنفسية العلوية واعراضاً هضمية، اما الطور الاكبر فيبدأ بالآم عضلية وتشنجات بالعضلات ومعاودة الحمى حيث قد تختفي الآثار السلبية قبل ان يظهر بوضوح ضعف العضلات.ومن جملة العوامل المساعدة على حدوث العدوى بفيروس شلل الاطفال.حرمان الاطفال خلال السنة الاولى من العمر من التحصين الروتيني تماماً او الاكتفاء بجزء منها وعدم استيفاء بقية جرعات التطعيم كاملة على النحو المحدد في كرت التحصين الروتيني المعتاد.ـ سوء التغذية وتلوث الطعام والشراب بالفيروس.ـ إهمال النظافة الشخصية وسوء الصرف الصحي، والتبرز في العراء خاصة على مقربة من المنازل ومصادر المياه.ـ الازدحام الشديد وسوء تهوية المنازل.ـ تأخر او انعدام التبليغ الفوري في أقرب مستشفى او مركز صحي عند الاشتباه بوجود حالات إصابة جديدة بالمرض.من ناحية اخرى لاتقتصر الاضرار التي يتركها شلل الاطفال على الجسد فحسب، بل هي اوسع من ذلك بكثير، حيث أن قيود الاعاقة تترك ألماً نفسياً طويلاً لدى المعاق ووالديه ومحبيه، ربما لاتزول سريعاً مالم يتم التغلب على الوضع الذي آل اليه الطفل بتاهيله ودمجه في المجتمع وتوجيهه الوجهة الصحيحة لبناء مستقبله، اما أن يظل مقيداً محبطاً بلا تشجيع او تحفيز على العمل والمثابرة واثبات ذاته، فذاك ينم عن سوء تقدير الاسرة والمجتمع او التجاهل وعدم الاكتراث لاهمية تلك المطالب المشروعة.في الختام.. التحصين واجب لايحق التقاعس عنه.. توفر جرعاته المتكررة لسائر أخذيها من الاطفال دون الخامسة من العمر حماية اكيدة ومناعة دائمة، ومن المقرر تنفيذ حملة تحصين تكميلية جديدة ضد شلل الاطفال، خارج الجدران (من منزل الى منزل) خلال الفترة من (15 ـ 17 ديسمبر 2007م) في جميع محافظات الجمهورية والمستهدفين فيها هم سائر الاطفال الذين لم تتجاوز أعمارهم الخامسة بعد.
أخبار متعلقة