تقرر في قمة قادة دول مجلس التعاون الخليجي إطلاق السوق المشتركة لتبدأ عمليا وحدة اقتصادية خليجية تجمع أعضاءها بروابط مشتركة قد تدفع مستقبلا إلى توحد في القرار السياسي طبقا لنظرية المصالح الاقتصادية المشتركة.فقد ظل الخليجيون سبعة وعشرين عاما متواصلة يحلمون بوحدة تجمع دولهم الست، وترضي طموحات تأجلت كثيرا، ويأملون بمشاريع تجمع بين مواطني الخليج، حتى تحقق لهم هذا الحلم أخيرا بعد أكثر من ربع قرن متواصلة. وسيحمل مطلع العام القادم للخليجيين أنباء سارة تتعلق بتطبيق أول وحدة اقتصادية من نوعها على المستوى العربي، وتحقيق المواطنة الخليجية فعلا وليس قولا وشعارات مرفوعة فقط.ويمكن القول، بلا مبالغة، إن السوق الخليجية المشتركة هي أهم مشروع شهده مجلس التعاون الخليجي منذ تأسيسه، وستتحول دول مجلس التعاون الخليجي الست بأكلمها الى سوق مفتوحة من دون أية حواجز أو عوائق، وستتحول مدن ومناطق الخليج من جزيرة بوبيان الكويتية شمالا إلى جيزان على البحر الأحمر غربا، وصولا إلى بحر العرب والمحيط الهندي جنوبا وإلى مضيق هرمز شمالا مساحة جغرافية واحدة لا تفصلها حدود جغرافية ولا حواجز جمركية. وعلى الرغم من أن السوق الخليجية أعلن عنها عام 2003، وكان مقررا أن تطلق رسميا في 2007، إلا أن إطلاقها سيكون مطلع 2008. مع كل هذا التأخير، يعده الشارع الخليجي تاريخيا بكل ما تعنيه الكلمة، باعتباره المشروع الوحدوي الأول من نوعه بهذا الحجم للخليجيين بكافة مشاربهم وجنسياتهم. وسيتمتع المواطنون في دول المجلس، من خلال السوق الخليجية، بالمعاملة الوطنية في أي دولة من الدول الأعضاء، وستؤمن لهم كل الحقوق الممنوحة للمواطنين في كل المجالات الاقتصادية، ويشمل ذلك المواطنين الاعتباريين، مثل الشركات والمؤسسات الخليجية، باختصار سيعامل المواطن السعودي باعتباره قطريا في الدوحة والإماراتي كويتيا في الكويت والبحريني عمانيا في مسقط.وتشمل السوق الخليجية المشتركة، التي أقرتها قمة مجلس التعاون الخليجي الثامنة والعشرون التي عقدت هذا الشهر في الدوحة، عشرة مسارات حددها الاتفاق الاقتصادي، وتعمل على تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين والمؤسسات والشركات والمؤسسات الوطنية، حيث يتمتع المواطن في ظل السوق المشتركة بحرية التنقل والإقامة في كل دول المجلس، وفي تلقي الخدمات التعليمية والصحية، وتملك العقار، وتداول الأسهم وشرائها وتأسيس الشركات، وممارسة المهن الحرة والحرف والنشاطات الاقتصادية والاستثمارية والخدمية، كما تتيح له السوق الخليجية المشتركة فرصة العمل في كل دول المجلس، على قدم المساواة مع مواطنيها.ويؤكد كثير من المراقبين والمحللين الاقتصاديين الخليجيين أن هذا الإعلان جاء تأكيدا عمليا من جانب القادة لاقتناعهم الراسخ بأن مجلس التعاون تشكل كي يبقى ويستمر كأهم تجربة تكاملية تشهدها المنطقة.وينتظر من إطلاق هذا المشروع الوحدوي الخليجي، أو المساواة الكاملة بين مواطني دول التعاون في التنقل والعمل والاستثمار وتداول الأسهم، أن يساهم في تعزيز أسواق دول المجلس ويمنحها عمقا خليجيا، كما سيعزز تدفق السيولة إلى أسواق دول التعاون، بعد رفع القيود تماما أمام المستثمرين الخليجيين.غير أن المؤذن يبين أنه ينبغي عدم الذهاب كثيرا في التفاؤل بإطلاق السوق الخليجية المشتركة، من دون أن تليها خطوة أخرى أكثر أهمية، أو على الأقل توازيها أهمية، وهي تطبيق العملة الخليجية الموحدة «حتى تكتمل الصورة في عملية الاستثمارات من حيث تبادل السلع واقامة المشاريع المشتركة في ما بين دول مجلس التعاون، لتصل الى منافسة الدول العالمية الاخرى، مثل الاتحاد الاوروبي».وطبقا لنظرية المصالح المشتركة فان الروابط الاقتصادية ومتانة هذه الروابط بين الدول تقود كما هو معروف الى توحد في القرار السياسي واذا كانت دول مجلس التعاون قد وصلت الى مرحلة من تشكل شبكة اقتصادية عابره فان مثل ذلك يدفع الخلافات جانبا للابقاء على وحده قوية ومتماسكة وبالتالي توظيف القرارات السياسية على نحو يخدم هذه المصالح وهو ما بدا بالفعل في خطواته الاولى
الوحدة الاقتصادية الخليجية توحد القرار السياسي لدول الخليج
أخبار متعلقة