- من المعروف أن الشهادة المدرسية أو الجامعية لا تبرز نسبة الثقافة التي يتمتع بها الشخص،والقسم التخصصي لا يمكن أن يكشف عن مدى استيعاب الشخص للمراجع التي احتاج لمطالعتها أثناء إعداده بحوثه الدراسية.إذن كيف يمكن خلق عادة القراءة المترسبة تحت جلود الناس وتبيان أهميتها لقيمتها و مردودها في توازن شخصياتهم،وليس رضوخاً لضغوط الدرس أو العمل.- هل هي مهمة النقاد؟وهل هي دعوة لصحوة نقدية عليها أن تحمل هم التأسيس،وإلهاب وعي الناس،وتملك توجيههم نحو مطالعة الأعمال المؤثرة بتشويق يجذب القارئ في نفس الوقت الذي لا يغرقه برموز وطلاسم يعجز الفرد العادي عن متابعتها،أم أن هذه المهمة تعتبر الأولى من واجبات وسائل الإعلام وخصوصاً - المطبوعات منها - التي توقفت معظمها عند مرحلة عقد اللقاءات والندوات،وإجراء الحوارات مع أو عن هؤلاء المبدعين دون إكمال الرسالة ونشر إبداعهم وتعميمه وإيصاله إلى الجمهور،ودون السعي إلى تخصيص بعض الصفحات الجادة التي تعود القارئ على متابعة الكتابات الملتزمة وتشركه في النقاش الفكري المطروح أو القضية المثارة.- إن انفلات المطبوعات من الدخول إلى أجواء الطرح المسؤول،وتحولها إلى مساحات ملونة تبيع التسلية أدى إلى فرز فئة من القراء لا تتواصل إلا مع كل طريف ومباشر ومسطح لدرجة أنها أصبحت لا تقوى على مواصلة قراءة مقال جادٍ في الصحف اليومية وتعتبره معقداً غير قابل للاستيعاب.- هل تغيرت قيم هذا العصر،وأدى الانكسار الخطير الذي أصاب معنى ومضمون الثقافة بالإضافة إلى ضغوط الحياة اليومية وما ورثته من ثقافة استهلاكية،إلى عدم إيمان الناس بجدوى تأسيس واقع ثقافي جديد يرتقي بالروح وبالناس والمجتمع.ومن هنا تعددت المجلات رخيصة المحتوى وكان الانتشار للكتابات السطحية وتأزمت بذلك ظاهرة(أمية المتعلمين)وأصبحت هناك مساحة شاسعة بين الكتاب كقيمة واتجاه وتيار و بين كتب الحظ والتنجيم وكيف تتسلى في أوقات فراغك.- ومهما تكن الأدوار المسؤولة التي تقف وراء تأكيد هذا(القصور الثقافي)لدى الناس إلا أنها تكاد تتلاشى عندما تكون بذرة القراءة منقوشة في نفس الإنسان فمن الغريزى أن يطلب الطفل المعرفة،ولو نمت وترعرعت هذه الخاصية،وتعهدها الجو التربوي - في البيت والمدرسة - الذي يحترم القراءة وينحني للاكتشاف والبحث لكان هناك الفرد الذي لا يفرق بين كونه إنساناً وبين كونه قارئاً.- إن مهمة خلق ثقافة جديدة يجب أن تنطلق من إدراك كل إنسان لقيمة القراءة وضرورتها في تكوين شخصيته وأسلوب تفكيره ومن اعتقاده الجازم بجدواها كعنصر بديهي لا مجال للاختيار بين وجوده من عدمه،ثم يأتي بعد ذلك دور المؤسسات المسؤولة لتعميق هذا الإيمان وترشيده وتقنينه حتى يحرر الإنسان العربي من موروثاته المختلفة منها التي تكبل أقدامه وتؤخر تطوره.[c1]سعيد محمد سالمين(كادر تربوي متقاعد) [/c]
لماذا لا يقرأ أبناؤنا الكتب؟!
أخبار متعلقة