من جديد.. ملامح ثورة.. في مضامين خطاب الرئيس (4-8)
[c1] الديمقراطية مشروع علي عبدالله صالح الأهم والأكبر والأعظم [/c]يعلم كل أبناء اليمن ومن يتابعون الشأن اليمني عن قرب أو حتى عن بُعد -أن التحولات العملاقة والمنجزات العظيمة التي شهدها الوطن خلال العقود الثلاثة المنصرمة ستظل شواهد حكمة وعبقرية واقتدار علي عبدالله صالح.. ويعلم علي عبدالله صالح أكثر من غيره أن الديمقراطية بكل تفاصيلها ومعانيها ومفاهيمها وأبعادها ومترتباتها هي مشروعة الوطن القومي الإنساني الأكبر والأهم والأعظم.ز رغم أن الوطن شهد في عهده ومازال يشهد الكثير من المشاريع والقفزات والتحولات العظيمة في شتى مجالات الحياة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وتنموياً.وإذا كان ثمة من يعتبر النهج الديمقراطي أحد معجزات علي عبدالله صالح التي قفز من خلالها باليمن إلى مصاف الدول المتحضرة، وحقق بها تميزاً غير مسبوق في الاقليم والمنطقة والعالم الثالث "وتلك حقيقة لا جدال حولها " غير أن حقائق أخرى ربما لا يدركها الكثيرون عناصر وتفاصيل ومفردات مهمة في نسيج علاقة علي عبدالله صالح بالديمقراطية والنهج الديمقراطي.وبالعودة إلى الظروف التي تسلم فيها علي عبدالله صالح دفة الحكم للشطر الشمالي من الوطن /الجمهورية العربية اليمنية "سابقاً" يقف كتاب وقراء التاريخ عند تلك المحطة على جزيئية مهمة شكلت خطوة غير مسبوقة تتمثل في تصعيد علي عبدالله صالح إلى كرسي الرئاسة بإجماع مجلس الشعب التأسيسي "السلطة التشريعية حينذاك" بعد أيام من الحيرة والقلق والخوف الذي ساد الوطن نتيجة لسيطرة الفراغ بعد أن رفض كل من كانوا قريبين أو مرشحين للرئاسة ذلك الكرسي الذي أزهق عدداً من الرؤساء في فترة وجيزة.. وأصبحت اليمن تسمى "بلد الإنقلابات" لكثرة ما شهدته من أعمال عنف وانقلابات واغتيالات للرؤساء سواء في شمال الوطن أو في جنوبه...ويعلم الجميع كما يعلم علي عبدالله صالح أنه خاض مغامرة كبيرة وخطيرة واقتحم معتركاً كل مؤشراته تنذر بالخطر الذي افرزته الصراعات السياسية المحمولة التي ضمت بين مفرداتها "مراكز القوى والحزبية والقبلية والدينية كان لابد لعلي عبدالله صالح من مشروع مختلف يدرأ به الخطر المحدق بحياته وبالوطن، ويفكك من خلاله عُقد الصراعات وتراكمات الحقد، ويتخلص عبره من منهجية الانقلابات والتآمرات، ويعلم علي عبدالله صالح أن هذا المشروع لابد وأن يكون مختلفاً وبعيداً عن منهجية التصفيات لأن التجارب الماثلة امامه تؤمد أن الحقد يورث الحقد، وأن التصفيات تغذي دورة العنف، وكذلك يعلم أن السايكولوجية العامة للشعب اليمني وتركيبته الاجتماعية وغيرها من العوامل والمؤثرات ليست بيئة مناسبة لحكم متسلط أو المشروع استقوائي دموي.. فعمد علي عبدالله صالح في أيام وسنوات حكمه الأولى إلى مشروع تهدئة ومنهجية توازنات وتسويات، حتى أنه خلال بضع سنوات من حكمه اطلق عليه لقب "رجل التسويات الأول في الإقليم والمنطقة". إذاً فرجل التسويات هذا يتمتع بصدر يتسع للآخر، وبنفس طويل، وبقدرة على احتواء الخلافات والأزمة، وباستعداد لقبول الآخر المختلف والاستعانة به، وهو كذلك معافى من عُقد التسلط وأمراض الإقصاء والإلغاء وحب الانفراد، ولديه القدرة على الصبر والتحمل وتجاوز الأخطاء والهفوات والزلات، وتغلب عليه صفات التسامح والتجاوز والعفو من موقع القوة، علاوة على بصيرة ثاقبة ونفس أبية وإرادة حلبة وعزم شجاع وروح مغامرة، وهذه الصفات كلها مواصفات رجل ديمقراطي عصري متحرر بكل المقاييس.وبالمقابل فإن هذا الرجل يقود شعباً، عظيماً وفياً واعياً ومتطلعاً لا يقبل الخضوع ولا يحب الركود ولا يقبل الاستكانة، في وطن يحتاج إلى جهود الجميع للخروج من بوتقة الضعف والوهن، واحداث التحولات العظيمة التي تنهض بالوطن والشعب. وبقراءة هذا الواقع الذي تتخلله روح ثورية تتصاعد بين تطلعات قوى الشعب مستمدة مشروعيتها ووقودها من روح الثورة اليمنية وأهدافها النبيلة التي تعثر تحقيق الكثير منها, أيقن علي عبدالله صالح أن المشاركة الشعبية الواسعة بصيغتها المختلفة هي الحل والمخرج والمشروع الناجح، ليس فقط لتحقيق الأمن والاستقرار وترسيخ النظام وطي صفحات التآمرات وإيقاف النزيف وحمامات الدماء وحسب، بل ولحشد الطاقات وتوحيد الجهود والقدرات لإحداث تنمية شاملة تحقق تحولات ملموسة في حياة الشعب وعلى مستوى الفرد والجماعة والوطن. وبالمشاركة الشعبية الواسعة وضع الرئيس لبنات المشروع الديمقراطي بادءاً بالتعاونيات ثم بلجنة الحوار السياسي، ثم بالميثاق الوطني والمؤتمر الشعبي العام، ثم بإنشاء ودعم الجمعيات التعاونية ومنظمات المجتمع المدني، ثم بقرارات العفو عن القيادات السابقة وإعادتها إلى الوطن، ثم باستكمال بناء السلطات "التنفيذية والتشريعية والقضائية" والمضي في الفصل بينها وهيكلتها واستكمال التشريعات الإدارية والاقتصادية. وعلى عكس الآخرين والقوى السياسية الأخرى لم تكن لدى علي عبدالله صالح وحزبه "المؤتمر الشعبي لعام" مشكلة تتعلق بتوسيع المشاركة الشعبية والتداول السلمي للسلطة والتنافس عليها وفق القواعد الديمقراطية المشروعة والمعروفة.. بل إن علي عبدالله صالح والمؤتمر كان أكثر المبادرين وأكثر الحريصين والمتشددين على أهمية الالتزام بقواعد الديمقراطية وترسيخ وتجسيد الممارسة السليمة والسلمية لها باعتبارها مشروع التسوية الشاملة من ناحية، وغاية نبيلة تتصدر تطلعات الشعب وقواه المختلفة من ناحية أخرى، ووسيلة مجدية لحشد الطاقات والقوى في إطار شراكة حقيقية تتكاتف من خلالها الجهود وتتنافس القدرات في كل ميادين البناء ومجالات التنمية لتحقيق نهضة شاملة ليمن حديث ومتطور ومستقر ومزدهر. وعند أول محك لتجسيد التنافس السياسي المتعدد حقق علي عبدالله صالح بحزبه "المؤتمر الشعبي العام" انتصاراً كبيراً كانت الممارسة الواعية والتجربة السابقة أهم عوامل تحقيقه، ورغم ما أفرزته نتائج انتخابات 1993م البرلمانية من سخط وخيبة أمل لدى القوى الأخرى بلغ حد التذمر ومحاولة الانقلاب على التجربة برمتها ومن ثم محاولة الإطاحة بمنجز الوحدة، إلا أن علي عبدالله صالح ومن موقع المنتصر ديمقراطياً قدم الكثير من المبادرات والتنازلات لتحقيق التسوية ولملمة الصف والحفاظ على المشروع الوطني الوحدوي الديمقراطي، وحين باءت كل هذه المبادرات والتنازلات لتحقيق التسوية ولملمة الصف والحفاظ على المشروع الوطني الوحدوي الديمقراطي، وحين باءت كل هذه المبادرات بالفشل كان الشعب وجهة علي عبدالله صالح لينتصر به للوحدة والوطن والديمقراطية، ومضى يعزز النهج الديمقراطي بإيجاد مجلس للشورى وطرح منصب الرئيس للتنافس الحر والمباشر، ثم إقرار انتخابات مجالس السلطة المحلية التي ظل بعضهم ينظر إلى ممارسة تجربتها على أنها تجربة منقوصة في الوقت الذي يرى فيه العقلاء أن تجربة التدرج كانت مهمة ومفيدة تعلم خلالها مجتمعنا اليمني الكثير وغدا يمارس حقوقه بوعي كامل وقدرة تؤهله لاستكمال نواقص تجربته الديمقراطية المتكاملة. وبإدراك لهذه الحقيقة أقدم على خطواته الأخيرة المحسوبة والدقيقة والمهمة، والتي كان قد أفصح عنها برنامج العمل السياسي للمؤتمر الشعبي العام والبيان الختامي الصادر عن المؤتمر السابع للمؤتمر، وكذلك البرنامج الانتخابي الرئاسي والمحلي الذي خاض به الرئيس والمؤتمر الانتخابات الرئاسية والمحلية في 20 سبتمبر 2006م وحاز بموجبه على الثقة الكبيرة والأغلبية الساحقة من أصوات الناخبين لمرشح الرئاسة ومرشحي المحليات، وقبل أن يجف حبر الاقتراع من أصابع إبهامات الناخبين والناخبات يطلق الرئيس علي عبدالله صالح مفاجأته ويعلن وفاءه للشعب باخضاع مناصب رؤساء الوحدات الإدارية "محافظين - مدراء مديريات- أمناء عموم مجالس محلية" للانتخاب الحر والمباشر من قبل السلطات المحلية المنتخبة والحائزة على ثقة الجماهير، وبهذه الخطوة وتكتمل كل مفردات الثورة الديمقراطية بما تبقى من تعديلات دستورية وقانونية أكدها فخامة الرئيس وتتعلق بانتخاب مجلس الشورى الذي سوف يصبح "غرفة تشريعية ثانية" إلى جانب غرفة البرلمان .