أحمد عبدالله الشهاري الفنانان الكبيران محمد الخميسي ومحمد حمود الحارثي رحمهما الله وافتهما المنية قبل فترة وجيزة من الزمن.. هذان الفنانان القطبان العظيمان “المبدعان” اثريا المكتبة الغنائية اليمنية بشتى الموشحات الكوكبانية الصنعانية والأغاني اليافعية.بالنسبة لما يمتاز به الفنان محمد الخميسي أنه عازف ماهر سواءً على العود اليمني القديم ذي الأوتار الأربعة والمسمى بالقنبوس في عدن أو على العود الحديث وهذا الكلام جاء بشهادة فنانين وجلساء ومقتنين لهذه التسجيلات سيما الموشحات الصنعانية والتهامية الصعبة ذات الألحان المطولة المتعددة النغمات في القصيدة الواحدة.. ومن هذه الموشحات “ ياجزيل العطا نسألك حسن الختام”، “السنا لاح والشذى فاح”، “لي في ربى حاجر بجميع تشكيلاتها”، “يا حي يا قيوم يا عالم بما تخفي الصدور”، “ فرج اللهم يا كاشف الغم”، “ يا مقيل العثار”، “دع ما سوى الله وأسأل”، “رب بالسبع المثاني وبقرآن معظم”، وغيرها من الموشحات اليمنية ذات الطابع الحميني والتهامي والفصيح مثل موشحات العلامة الشاعر أحمد بن علوان والبرعي، وأيضاً امتدت إجادته إلى اللون الغنائي العاطفي الصنعاني واليافعي. والفنان محمد الخميسي له مكانته الفنية المرموقة وقامته الفنية الرفيعة المستوى هو وزميله الفنان محمد حمود الحارثي والتي لم يعرفها الكثير من الناس عن هؤلاء الفنانين النادرين خصوصاً في حضرموت وعدن والحديدة وتعز ودول الخليج. فكان الأجدر بنا جميعاً أن نعير محمد حمود الحارثي ومحمد الخميسي اهتماماً خاصاً والتعريف بهما يمنياً وعربياً. فالفنانان محمد الخميسي ومحمد حمود الحارثي من أحسن العازفين ومن أشهر المغنين الكلاسيكيين بعد فناني الرعيل الأول أمثال فضل اللحجي والشيخ محمد الماس والشيخ علي أبو بكر والعنتري والقعطبي والمسلمي والشيخ البار.فمحمد الخميسي عاش مظلوماً مهضوماً مغموراً وغير مشهور خارج محيطه الفني. بعد هذا ألا يستحق هذا الفنان التكريم اللائق به بعد موته؟.أما الفنان الكبير محمد حمود الحارثي فقد أخذ حقه من الشهرة وقد كرم تكريماً بسيطاً على ما أعتقد ولو أن هذا العلم الفني يستحق تكريماً يليق بمقامه الفني الرفيع وهذا الفنان يعتبر أمهر وأندر الفنانين الذين أخرجوا الموشحة الكوكبانية من النمط التوشيحي إلى النمط الطربي الحديث، وقد قلد طريقة مشائخ الفن الكلاسيكي اليمني التقليدي أمثال الشيخ قاسم الأخفش والشيخ البار والشيخ محمد الماس والمسلمي وغيرهم و أيضاً الحارثي استطاع أن يتقن أداء الموشحات اليمنية بشكل كلاسيكي بحت مع قليل من الاجتهاد التحديثي الخاص وهذا بشهادة كثير من كبار السن الذين عاصروه والمحتفظين بتراثه الفني من جلسائه ومحبيه.وأخيراً نقول رحم الله هذين الفنانين المتميزين اللذين أثريا المكتبة الغنائية المفتوحة بتراث أصيل وكنز وفير ولا ننسى أن محمد حمود الحارثي غنى هو ومحمد أبو نصار كثيراً من الأغاني اليافعية وأيضاً محمد الخميسي غنى هذا اللون الجميل وحقاً لقد ترك هؤلاء الفنانون بصمات حب وإجلال في أوساط المجتمع الفني ولا ينسى الدور التأثيري لعدن في إبراز وصقل هذه المواهب الفنية في زمن الفن الجميل في ذلك الزمن الماضي وقد تأثر هؤلاء الفنانون كثيراً بمشائخ الفن في عدن ولحج وحضرموت حتى أوجدوا لنا هذا التراث الذي لا يمل لذا نأمل أن يقوم المعنيون بتوثيق تراث الخميسي والحارثي ومحمد أبونصار وقاسم الأخفش وغيرهم من هؤلاء الأعمدة الفنية المتينة وإعادة تسجيله ونشره بصورة متطورة وحديثة لائقة لكي يتسنى للمجتمع الفني المتذوق التواصل مع تراثه الأصيل.
أخبار متعلقة