سطور
علي الذرحانيلفت انتباهي عنوان ذلك المطعم الكائن تحت مقر مكتب وزارة الثقافة بخور مكسر ذلك العنوان الذي تجاوزت شهرته شهرة مكتب الثقافة بعدن إنه(مطعم وكافتيريا الثقافة) الذي يقدم للناس المأكولات والوجبات السريعة وهذه حقيقة وليست دعاية إعلانية للمطعم الذي لم يفكر أحد في تسمية مطعمه باسم الفكر والإبداع والعلم والمعرفة والثقافة إلاّ صاحبه الذي ليس له علاقة بالثقافة سوى ثقافة ما تحتاجه المعدة والأمعاء ونحن نعلم أن أسماء المطاعم غالباً ما تكون فاتحة للشهية ومذكرّة بالطعام والأكل أو المتعة اللذيذة ولكن يبدو أن الذي سمىّ مطعمه باسم الثقافة قد استثمر وجوده تحت مقر مكتب الثقافة وبإحساسه التجاري وجد أنه يمكن استثمار الثقافة (البطنية) قبل العقلية وأنه لا يمكن أن نبدع أو ننتج ثقافة حقيقية إلاّ بعد الوصول إلى مرحلة الإشباع الحقيقي من ثقافة الطعام وامتلاء الأمعاء والمعدة وكأن ثقافة الأكل مقدمة على ثقافة العقل والفكر والمثل الشعبي الآتي يؤكد ذلك فقد قيل للحمار(كُلْ يا حمار وأحمد الله قال:لابد من صوت يعلم به الله )ومعنى المثل أن هناك من أسدى نصيحة للحمار بأن يأكل ويملأ بطنه ثم يشكر الله ويحمده ويسكت فأجاب الحمار:بأنه لابد أن يعبر عن عملية الشبع والامتلاء بأن يصدر صوتاً قوياً مجلجلاً يسمعه القاصي والداني وينهق نهقة مدوية عالية وكأن ذلك الصوت هو التعبير الفكري أو الثقافي أو الفني عن عملية الاستمتاع والتذوق لتلك الوجبة الغذائية الدسمة والشهية التي تناولها ذلك الحمار.فإذا أردت شعباً مثقفاً على سبيل المثال فما عليك إلاّ أن توفر له الخبز أولاً ثم الثقافة ثانياً.وحتى هذه اللحظة نحن في حاجة ماسة إلى عملية الإشباع من ثقافة البطون قبل الوصول إلى عملية تذوق حلاوة ثقافة العقول.حتى يقال لنا:ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان وأن الإنسان لم يخلق لكي يأكل بل خلق لكي يعبد الله ويعمر الأرض ويبدع في هذا الكون ليفوز بالامتحان والابتلاء ويحمل الأمانة كخليفة على وجه هذه الأرض من هنا تأتي حاجته إلى الثقافة والفكر والمعرفة والعلم وثقافة الطعام تعين جسده على تحمل تكاليف الحياة وتمده بالطاقة الحيوية والنشاط والصحة.فكلا الثقافتين تكملّ بعضهما .