بالنظر الى الملامح الواضحة لوضعنا في مؤسستنا وقد سلخنا اكثر من عقدين فيها يجبرنا على وضع المقارنة بين ما كان واصبح واخواتهما.فكما يقول الشاعر العربي "وليس يصح في الاذهان شيئ / اذا احتاج النهار الى دليل"والفرق الواضح لايحتاج الى دليل اذا ما نظر ذو لب الى التطورات والاستحداثات الجديدة في كافة جزئيات الحياة الصحفية وملاحقها في العامين الاخيرين.ففي السابق وقبل الانتقال الى المبنى الجديد لنا .. كنت اخجل من استضافة احد الى مكاتبنا لانها كانت اشبه باكشاك بائسة تخلو من أي رمزية للعمل الصحفي .. بل كان المبنى برمته عبارة عن اصطبل ويؤسفني توصيفه بهذه العبارة لانه قد عاش بين جنباته انبل الرجال واشرف الاقلام ومعظمهم قد رحلوا وغادروا حياتنا بغبن عظيم والغبن دموع الرجال, للوضع المأساوي الصحفي غير الانساني لمصادرة حقوهم المكتسبة كمبدعين ولااود الاستطراد في هذا الامر حتى لاافقد اتجاهي المعنون بالشكر والامتنان لاستاذنا القدير احمد الحبيشي والاستاذ واثق الشاذلي اللذين وضعا "الصحفي" محط اهتمامهما اولا ثم وضعا اتجاهات لتصحيح الاوضاع في المؤسسة لتستعيد مجدها الا ان الآخر الذي اتمنى له الصحة والعافية لم تمكنه الوعكة الصحية التي المت به من مواصلة المشوار المهني الانساني.ولكن الاستاذ الحبيشي وهو لايحتاج الى اشهار بطاقة هوية .. ولكن للذكر رئيس المؤسسة الحالي حفظه الله اذا قسنا جملة الانجازات الجديدة بالفترة الزمنية القصيرة التي تولى فيها قيادة المؤسسة يجبرنا القياس على الانحناء امامه اجلالا لما يقدمه من مجهود كرجل مهنة من الدرجة الاولى.لقد اخرجنا الرجل من قمقم المعاناة كصحفيين وفنيين وموظفين في وقت تردت فيه اوضاع المؤسسة الى الحضيض, وسلبت حقوقهم بحق اقولها حتى ان المحرر الذي ينتمي اليها يخجل امام أي سؤال يوجه اليه "اين العمل؟" فيرد بحياء في 14 اكتوبر.بل ان الظروف برمتها قد جعلت من بعض مبدعينا انتهاج الشحاتة لقاء الكلمة الجميلة لمن لايستحقها وذلك بفعل التداعي والانهيار لمعظم اخلاقيات المهنة بفعل ذلك الوضع.واعود على ذي بدء ونحن في بداية المشوار للوقوف امام تلك المقارنة .. فقيادة الصحيفة السابقة متخاذلة وبتخاذلها هذا انحدرت تماما بوضع المؤسسة وعنوانها الرئيسي او واجهتها وهي صحيفة 14 اكتوبر الى درك الصفر ولعل ابرز مؤشر على اهمالها هو حجم اصدارها الذي وصل الى 2500 فقط بعد ان كانت تصدر باعداد تفوق العشرين الفا وبحجم وشكل ومادة تليق بمقامها ابان تولي قيادة حكيمة ومهنية من عمالقة الحقل الاعلامي كالاستاذ احمد سالم الحنكي والاستاذ عبدالله شرف رحمهما الله فكانت في عهدهم المؤسسة تعيش عصرها الذهبي رغم الامكانات المحدودة لآليات العمل الصحفي والمطبعي.وبين وثبة وكبوة توالت خلالها تغييرات قيادات المؤسسة .. حتى آلت الى ذلك الوضع المؤلم الذي التمس من قارئي هذه السطور المعذرة لعدم الدخول في تفاصيله لشعوري بالاسى.بيد انني اليوم استطيع ان اقول جازمة انه "البعث" مرحلة البعث والنهوض قد اشرقت مواكبها وبرزت اعلامها وبيارقها بعد سنوات من التشرنق في رحم المعاناة خبت خلالها قناديل الفرحة والبهجة في اعماقنا.فالمشوار الذي بدأ اهتمامه بتحسين ظروف العمل والحياة المهنية الذي بدأه الاستاذ الشاذلي من خلال انتزاع بعض الحقوق الممركزة بيد القيادة السابقة وادارتها المالية والادارية قد تجسد بتثبيت حق "التطبيب" الذي كنا محرومين منه لسنوات عديدة ثم اطلاق حق آخر وهو حق العمل الاضافي وكذا الفكري الذي كان يحرم منه المبدع بينما يصرف لموظف الادارة والقيادة فقط.وجاءنا الاستاذ الحبيشي ليحمل الراية لتثبيت الحقوق بل واعاد صياغة المؤسسة في فترة زمنية قصيرة.احدث الرجل فيها نقلة نوعية مذهلة .. من حيث انقاذه للصحيفة اولا التي كانت في طور الاحتضار واخراجها الى النور والهواء الطلق .. ولعل القارئ قد التمس ذلك المجهود في شكل الصحيفة ومادتها الصحفية وحجمها وتنوع مواضيعها التي بها اخذت تقترب من هموم الناس لتعيد نسج العلاقة المفقودة بين الصحيفة والقراء.وما كان ذلك ليتأتى لولا ادراكه وبحسه المهني والصحفي, الا باهتمامه بالصحفي وبالمادة وبالامكانية.اذ تم اغلاق المبنى القديم واستكمل تجهيز المبنى الجديد الذي يليق بانسانية الصحفيين والعاملين فيه وتجهيزه بكافة مستلزمات العمل الصحفي والفني واحداث جملة من التغييرات للنهوض بالمؤسسة والارتقاء بها في مختلف اوجه عملها من الطباعة والتنفيذ الفني والتوزيع .. الخ.ولان الانسان هو المحور لاي عمل فقد انصب الاهتمام اولا بتحسين ظروف المبدع والشجرة لاتؤتي ثمارها ان لم تجد تربة خصبة ورعاية كذلك المادة الصحفية ترتقي ان وجد المبدعون او صناع الحرف والكلمة ظروف عمل تليق بهم فقد تم استحداث ادارة للتأهيل والتدريب وهي جديدة ورصد لها خلال العام المنصرم 2006م اكثر من مليوني ريال ليرتفع عام 2007 الى اربعة ملايين ريال.. تأهيل المحرر والفني للتواصل مع تكنولوجيا العصر ولعل الصحافة اكثر ارتباطا بهذه الآلية.وبطبيعة هذه المهنة المرتبطة بالفكر والانتاج الابداعي صعبة, فولادة الكلمة لها مخاضات عسيرة لايدركها الا اهلها وكما يقول المثل "اهل مكة ادرى بشعابها" فقد ارتفع رصيد المخصص للانتاج الفكري من 150الف ريال في الميزانية خلال شهر الى نصف مليون ريال شهريا علما انه كان يصرف كل اربعة اشهر كتحفيز للمحرر وحثه على الخلق والابداع .. الى جانب ذلك فرز المادة الصحفية القيمة وتقييم عطاءات كل فرد على حدة والذي يخطط له حاليا هو صرف بعض الحوافز المادية لهؤلاء المتميزين ولايقف الامر على ذلك بل تم بالفعل في الاشهر الاخيرة صرف علاوة اخرى كنا محرومين منها وهي علاوة خطورة العمل.ان جملة العلاوات والحوافز كفيلة كمخرج مادي ومعنوي بتحسين الظروف المادية والمعنوية لافراد اسرة اكتوبر.طموحاتنا عديدة ومتنوعة تركض اسرة 14 اكتوبر بقيادتها الطموحة ركضا تلهث معه الانفاس ومنها اصدار ملاحق اسبوعية متخصصة في الاقتصاد والثقافة والرياضة وابرز طموحاتها توجهها لاصدار مجلة خاصة بالمرأة ولتجسيد الطموحات الى حقيقة تم رصد مبالغ كبيرة لاصدارها, واول شروط ظهورها قد تم توفيره متمثلا باقتناء مطبعة (الاوفست) ذات الاربعة رؤوس لطباعة هذه الاصدارات التخصصية بالالوان والى جانبها جهاز فرز الوان وكلتا الآلتين تدخلان المؤسسة لاول مرة منذ تأسيسها وبدخولها تشكل معلما جديدا للنهضة الجديدة التي تشهدها مؤسستنا, ولايقف الطموح عند ذلك بل بادرت المؤسسة بالتعاقد مع شركة اجنبية استشارية لوضع دراسة حول مشروع مطبعة صحفية حديثة تواكب طموحاتها وتوجهاتها لاصدار الصحيفة اليومية بالالوان وتزويد صفحاتها لوضع دراسة حول مشروع هذه المطبعة وتصاميمها الهندسية والفنية والكهربائية.جملة التوجهات المطروحة امام اسرة اكتوبر وقيادتها لايمكن لها ان تتجسد وتتخلق كمشاريع نهضوية جديدة الا بتوفير هذه المطبعة التي اصدر الاخ رئيس الجمهورية توجيهاته باستيرادها.
لايصح في الأذهان ... دليل
أخبار متعلقة