كتب / عارف الضرغام :لم يكن الاستعمار البريطاني المحتل لجنوب الوطن ليرحل في 30 نوفمبر 1967م لولا الكفاح المسلح الذي اجترحه الثوار اليمنيون الذين عقدوا العزم على مواصلة الثورة والكفاح المسلح حتى تحرير الجنوب وإخراج أخر جندي بريطاني من ارض الوطن . ولا غرو أن الاحتلال البريطاني لجنوب الوطن دام 129م عاماً امتص فيها خيرات الوطن وثرواته واستغل موقع عدن الاستراتيجي ليجعلها قاعدة لتموين قواعده العسكرية بالزاد والوقود . وما بناؤه لمصافي عدن لتكرير النفط الا خدمة لمصالحة وتمويل أساطيله بالنفط المكرر باعتبار عدن النقطة الوسطى التي كانت تربط بين القواعد المتعددة والكثيرة للتاج البريطاني . وكان لابد وبعد تراكمات عدة أن ينتقض الشعب في الجنوب يشاركه في ذلك إخوته القادمون من الشمال ضد الاحتلال ويعلن ثورته المسلحة التي قطف ثمرتها في 30 نوفمبر عام 1967م برحيل آخر جندي بريطاني من ارض الوطن وبذلك تحقق الاستقلال لجنوب الوطن وغابت شمس بريطانيا العظمى تلك الإمبراطورية التي لم تكن الشمس تغيب عنها لسيطرتها على مساحة واسعة من الكرة الأرضية واحتلالها بلدانا وأوطاناً كثير من الشعوب قهراً وعنوة وبقوة السلاح . ولقد ساهمت شرائح عديدة من الشعب في الكفاح المسلح ومن هذه الشرائح شريحة الشباب والطلاب والرياضيين الذين كان لهم دور لا يستهان به في تفجير الثورة وتحقيق الاستقلال فمنهم من لقى حتفه شهيداً ومنهم من أصيب إصابات بليغة وعديدة ومنهم من تمكن من البقاء والإفلات من سطوة جنود الاحتلال وعملائه الذين ما انفكوا يحيكون المؤامرات والدسائس ويقومون بالعديد من حملات الاعتقالات للوطنيين الذين لا شك أن الشباب والطلاب والرياضيين كانوا يمثلون إحدى الشوكات المغروزة في نعوشهم المحمولة جواً وبحراً إلى مجموعة الجزر البريطانية المتناثرة في القارة الأوروبية أو إلى إحدى المستعمرات المتبقية في المنطقة للتاج البريطاني . ومن هؤلاء الشهداء من الشباب والرياضيين الشهيد محمد الحبيشي الذي ضرب مثلاً يحتذى به في التضحية والفداء حيث أنه كان واحداً من الوطنيين الشباب الذين أبوا أن يستكينوا أو يخضعوا أو يغمض لهم جفن طالما ظل الاحتلال البريطاني جاثماً على أرضهم وينهب ثرواتها فانخرط في إحدى جبهات تحرير الوطن المسلحة وقام بعدد من العمليات كان آخرها تلك العملية التي استشهد فيها اثر محاولته رمي القنبلة على رتل من سيارات الجنود البريطانيين وشاء القدر أن يسقط شهيداً مضرجاً بدمائه الزكية لترتفع هامة الوطن أبية ولتسقط كل مشاريع الاستعمار وعملائه الترقيعية التي لا تحقق للشعب والوطن طموحاته في الاستقلال والحرية .. فحق له إن يطلق على اكبر ملعب رسمي في عدن اسمه فصار اسم الملعب البلدية ملعب الشهيد الحبيشي ومن هؤلاء ايضاً الشهيد الشاب خالد هندي الذي ضرب مثلاً في البطولة والفداء واثبت كغيره من الوطنيين أن الدماء تكون رخيصة إذا كان الهدف سامياً ونبيلاً وان الشباب هم من يعتمد عليهم في القيام بأصعب المهمات .. مهمة البذل والعطاء بذل النفس الزكية لقاء تحرير الوطن دفع أغلى الأثمان كي ترتفع هامة الوطن وينتصر الشعب ويتحرر من قيد الاستعمار وها هو ذا المناضل الشاب عبدالله محمد بن سلمان الذي لم تنل منه أيادي الاستعمار ولكن أيادي الغدر والخيانة بعد الاستقلال هي التي امتدت إليه فسقط شهيداً مضرجاً بدمائه بعد أن انفجرت به وزملائه طائرة الدبلوماسيين في محافظة شبوة ولقي حتفه مع كوكبة من صفوة الرجال الذين أدوا الأمانة ولكن أيادي الغدر والخيانة كانت لهم بالمرصاد وذهب ضحية مبادئه التي ناضل من اجلها بعد أن استطاع ثلة من المتسلقين الوصول إلى السلطة على حين غرة لتمارس بعد ذلك التصفيات التي طالت اشرف وأنبل الرجال لتنفرد هي بالسلطة وتواصل تصفياتها التي ما لبثت أن عادت إلى نحورها وذهبت إلى الجحيم وبئس القرار . ولا ننسى كذلك الشهيد حامد الشيخ والشهيد معاوية وغيرهما من الشهداء الشباب الذين احترقوا ليضيئوا لنا شعلة الحرية وكي ترى الأجيال القادمة وطنها حراً ابياً لا تدنسه أحذية الاستعمار ولا تسير على طرقاته مدرعاته ومجنزراته كي يتحقق للوطن والشعب الاستقلال الذي ناضلوا من اجله ولكن شاءت الأقدار أن يكونوا هم الوقود الذي احترق ليضيء الطريق ولكي تنعم الأجيال اللاحقة بنعيم الحرية والاستقلال والوحدة .
أخبار متعلقة