مع الأحداث
كأنما حُلّت كل مشكلات المسلمين ومعاناتهم من الفقر والأمية والتخلف، والظلم والجور والاستعباد، ونقص المساكن وهضم الحقوق السياسية والإنسانية، ولم تبق سوى قضية واحدة يستنفر الإسلاميون لها قواهم على مدى أسابيع كل عام في مثل هذا الوقت، ويعدّون لها من قوة ومن رباط الخيل ما لم يعدّه الأولون منذ الهجرة حتى آخر غزوة عثمانية... وهي قضية عيد الحب «فالنتاين داي». والإسلامويون لا يتورعون عن الكذب لتسويغ معاداتهم ومحاربتهم هذا التقليد الإنساني الجميل الذي لم يعد غربيا ولا مسيحيا، فالمحتفلون به هم من القارات كافة، ومن القوميات والأديان جميعا... الإسلامويون يقولون إن هذا العيد يرمز للمجون والانحلال الخلقي والأخلاقي، والحال إنه تجسيد لنقيض المجون والانحلال... لعلاقة الحب الراقية. في هذا اليوم بالذات يشيع السلوك المهذّب فيتبادل الأزواج والزوجات، والمحبون عموما، الزهور الملونة والهدايا، ويدعون بعضهم بعضا إلى المطاعم تعبيرا عن الحب الأصيل، وعلامات مبتدياته، ومحطات الذكرى فيه، ولا علاقة لهذا التقليد أو لهذا اليوم، لا من قريب أو بعيد بالمجون والانحلال الخلقي، إلا إذا كان الحب في حد ذاته فسقا ورجسا من عمل الشيطان في شرع هؤلاء المحاربين. ولمحاربة هذا التقليد العالمي، يضع الإسلامويون الاحتفال بعيد الحب في خانة الظواهر الدخيلة السلبية، وهو بالطبع ليس كذلك، وإذا كانوا معنيين حقا وفعلا بمكافحة الظواهر الدخيلة السلبية، فليعدوا إذن قوتهم ورباط خيلهم لمحاربتها، وهي كثيرة وتؤثر تأثيرا بالغا، ومأساويا في كثير من الأحيان، في حياة الملايين من المسلمين.. ومنها ظواهر تطبير الرؤوس وإدخال الأسياخ والسيوف في الأفواه والبطون والزحف على المؤخرات والأيدي، وظاهرة قيام رجال الدين بفرض الخوّات على الفقراء والمساكين من المسلمين، بحجة التوسط لهم لدى الأئمة، وكذلك الظواهر التي أشاعتها «القاعدة» وفروعها وأشباهها كالعمليات الإرهابية، بالسيارات المفخخة والأحزمة الناسفة وقطع الرؤوس، وظاهرة عرض هذه المشاهد على الفضائيات بتفاصيلها المروعة. الإسلامويون لا يحبون أي شيء جميل في الواقع.. إنهم يكرهون الأشياء الجميلة التي أتيحت للبشر كي يتمتعوا بها، لذا نراهم يعادون الحب ويوم الحب.. إنهم موضوعيا حزب الكراهية والبغضاء الجنونية. [c1]* عن / صحيفة ( أوان ) الكويتية [/c]