القدس / 14أكتوبر / كريسبيان بالمر : يتزايد قلق اسرائيل من أن تكون علاقتها بالولايات المتحدة لم تعد تتمتع بنفس القيمة الاستراتيجية بالنسبة لواشنطن التي ظلت تحدد معالم الدبلوماسية في الشرق الاوسط طوال نصف قرن.وبغض النظر عن عدد المرات التي بعث فيها مسؤولون أمريكيون بدءا من الرئيس الامريكي باراك أوباما برسائل لطمأنة اسرائيل وتأكيد التزامهم العميق بأمنها فان زعماء يهودا يخشون أن واشنطن ترى في اسرائيل الان عائقا لا عاملا مساعدا.وقال ريئوفين ريفلين رئيس الكنيست الاسرائيلي (البرلمان) « هناك بالقطع مفهوم أمريكي جديد لا يرى في اسرائيل رصيدا استراتيجيا في الشرق الاوسط».«هذا تطور نرى فيه شيئا جديدا حتى بالنسبة لنا نحن السياسيين المخضرمين».وتعافت العلاقات بين الولايات المتحدة واسرائيل بالتأكيد بعد أن وصلت الى مستوى منخفض في مارس اذار عندما أدى خلاف حول البناء الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة الى توبيخ نادر وجهته وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون الى رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو.لكن أجراس الخطر دقت من جديد في اسرائيل بعد أيام من حالة تشكك بشأن مجموعة حوافز قدمتها واشنطن لاقناع نتنياهو بفرض تجميد مؤقت في البناء الاستيطاني لاحياء محادثات السلام المتعثرة مع الفلسطينيين.وأعلن نتنياهو قبل أكثر من أسبوع أن العرض الامريكي هو اتفاق مبرم لكن جهوده للحصول على وعود مكتوبة ثبت أنها شاقة للغاية ما أثار تساؤلات في اسرائيل حول أمانة العرض ومدى الالتزام به.ويسخر الفلسطينيون من فكرة أن يقل حماس الولايات المتحدة لاسرائيل ويقولون ان الوعد الامريكي بتقديم حوافز من بينها طائرات مقاتلة بقيمة ثلاثة مليارات دولار دليل على الوضع المميز للدولة العبرية في واشنطن.وأثارت المغريات الامريكية أيضا دهشة في الولايات المتحدة حيث شكك محللون في الحكمة من وراء تقديم حوافز لاسرائيل حتى تجمد مؤقتا البناء الاستيطاني الذي قضت المحكمة الدولية بأنه غير شرعي.وقال دانيال كيرتزر السفير الامريكي الاسبق في اسرائيل في العدد الصادر من صحيفة واشنطن بوست يوم الاحد «للمرة الاولى على ما أتذكر تكافئ الولايات المتحدة اسرائيل على سلوكها السيء».وأضاف أن نتنياهو ارتكب خطأ كبيرا بادخال المساعدات العسكرية في قائمة «الرشى.»وأضاف «لقد جعل (نتنياهو) هذه الاحتياجات مشروطة وقابلة للتفاوض واختيارية. أصبحت متطلبات اسرائيل الامنية الآن مجرد ورقة تفاوض لمعرفة ما ستفعله القدس أو ما لن تفعله حتى تمضي عملية السلام قدما».وكانت دوما المساعدات الامريكية لاسرائيل منفصلة عن مفاوضات السلام. وفي السياق نفسه قال محللون ان وعدا يبدو أن كلينتون قطعته لتوفير الحماية الدبلوماسية لاسرائيل في الامم المتحدة كان بطبيعة الحال من الحقائق المسلم بها وليس جزءا من أي مساومات سياسية بين الحليفتين.وقالت صحيفة (جيروزالم بوست) الاسرائيلية في مقالها الافتتاحي يوم 19 نوفمبر «قبل أن نبذل جهدا لحل عقد التعامل مع الفلسطينيين نجد أنفسنا في مواجهة مباشرة مع واشنطن.. ألم نكن (اسرائيل وأمريكا) دوما في نفس الجانب».ويعتقد بعض المسؤولين الاسرائيليين أن أوباما مسؤول عن العلاقات الاخذة في التعقد بين اسرائيل وأمريكا ويشعرون بحنين الى الوئام الشديد بين زعماء امريكيين واسرائيليين سابقين مثل الذي كان بين الرئيس الامريكي الاسبق بيل كلينتون ورئيس الوزراء الاسرائيلي الراحل اسحق رابين.بينما يلقي سياسيون اسرائيليون في المعارضة باللوم على نتنياهو اليميني الصارم الذي يشعر براحة أكبر في التعامل مع الحزب الجمهوري الامريكي لا مع أوباما الذي ينتمي للحزب الديمقراطي.وقالت تسيبي ليفني زعيمة حزب كديما المعارض لنتنياهو في جدل برلماني في الاونة الاخيرة «حولت اسرائيل الى دولة ضعيفة وخائفة ومنعزلة تتصارع مع نفسها».وعلى صعيد آخر تؤجج الاهداف العسكرية الامريكية المتغيرة حالة التشكك السائدة في الدوائر الاسرائيلية.وأثار الجنرال ديفيد بتريوس قائد القوات الامريكية وقوات حلف شمال الاطلسي في أفغانستان جدلا في مارس اذار عندما قال ان التوتر بين اسرائيل والفلسطينيين له تأثير «هائل» على العالم الاسلامي حيث تتمركز قواته.وأضاف بتريوس أن عملية السلام في الشرق الاوسط يجب أن تتحرك لتساعد الموقف العسكري للولايات المتحدة وهو تأكيد سارع يمينيون اسرائيليون بتفنيده وأنكروا أي صلة بين الامرين.ويفسر موقف بتريوس السبب الذي يجعل أوباما يولي اهتماما ضخما باعادة اطلاق محادثات السلام المتوقفة رغم حالة التشاؤم لدى الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي ناهيك عن الولايات المتحدة نفسها.وقال مسؤول اسرائيلي طلب عدم ذكر اسمه بسبب حساسية الموضوع ان نتنياهو أراد أيضا ادخال ايران في معادلة الشرق الاوسط وعرض تنازلات مقابل وعد بتحرك أمريكي ضد المشروع النووي الايراني.لكن محاولاته فشلت فيما يبدو بعد ان أعلن وزير الدفاع الامريكي روبرت جيتس هذا الشهر معارضته لما يؤكده نتنياهو بأن التهديد بتحرك عسكري هو السبيل الوحيد لكبح جماح طموح ايران النووي.وعلى الرغم من أن الخلاف المعلن بين اسرائيل والولايات المتحدة غير عادي فان زواجهما مازال كاثوليكيا.وقال وزير اسرائيلي «علاقتنا في صعود وهبوط لكن الصداقة بيننا عميقة جدا وتتغلب بسهولة على مثل هذه المشاكل.»