حدث وحديث
تتسارع خطى الأيام إلى درجة أصبح الإنسان فيها لا يشعر بمروقها التي يسابق الصاروخ .. تنقضي الأيام الذي تشكل السنين من حياتنا بلمح البصر. نتلهف ليوم معين لنا فيه موعد مع حبيب أو قريب .. أو لقاء عمل فيه مصلحة .. نستعجل القدر كي يمن علينا بسرعة للوصول إلى هذا اليوم .. دون أن ندري أن ذلك يحتسب من عمرنا.. ويسقط من حساباته.. حسابات أخرى من روزنامة أيامنا .حتى عندما نحظى باستلام راتبنا الشهري، فإننا في تلك اللحظة التي مازال فيها حبر توقيعنا لم يجف بعد .. نتلهف لقدوم موعد الشهر القادم .. ولو بأيدينا لجعلنا كل أيام الشهر هي الأسبوع الأخير منه أو حتى تاريخ الثلاثين- يوم استلام الراتب -لفعلنا .. ترى لوكان الأمر كذلك كم ستكون المسافة الفاصلة بين يوم مولدنا ويوم ملاقاة ربنا؟.. كم سيكون أمد عمرنا؟ ..وكيف سيكون مقدار ونوع الإحساس بالحياة وطعمها ولون رونقها ؟!الإحساس بالوقت غدا لدينا ميتاً .. لا نعول على الوقت كثيراً . هكذا أصبح برنامج حياتنا .. لا نعير اهتماماً لما يمكن أن يسفر عنه هذا التسارع!!والمشكلة الأدهى والأمر أن معظمنا لا يتزود مما هو مفترض عليه في نهاية المطاف .. يترك العنان لسنين عمره المتسارعة .. تتلاطم مع الأمواج دون أن تستقر على شط أمان ليجد نفسه أخيراً وقد قذفت به في هاوية اللا جدوى. . أللا أمان .. ليكتشف أن رصيده صفر على الشمال. كم نفراً منا وقف مع نفسه وقام بجردة حساب .. ماذا عمل خلال العام ؟ أين مواقع نجاحه ؟ وما هي أماكن الفشل التي وقع فيها .. كيف كانت محطات أيامه .. وماذا جنى طول العام؟ وكم شخصاً قام وهو يستقبل العام الجديد بأن وضع لنفسه أجندة عمل مهمات يحقق من خلالها بعضاً من جوانب طموحاته الحياتية .. ويسعى إلى أن يكون رقماً بسيطاً قي جدول الحياة حتى لا تمر هباءً منثورا؟!صحيح أن ظروف الحياة تتعقد يوماً عن يوم وأصبح الإنسان لا ينفك منها ولا تترك له منفذاً للتفكير .. بعد أن أخذت همومها تسيطر على كل شيء .. ولكن الضرورة تحتم على الإنسان أن يوازن بين لهاثه وبين أعطاء قسمة لعقله بالتفكير في حياته وصياغة برامج تعكس بالتالي طموحاته وأماله لتقود إلى إيجاد المنفعة في المحصلة النهائية لحياته بالاستفادة من وقته .لا تدعوا الزمن يمر هكذا حتى لا تجدوا أنفسكم في النهاية عندما تتحسرون على عدم فعل معين كان بالإمكان القيام به أن تقولوا “ خلاص فات القطار “ فالقطار يظل متوقفاً للإنسان إذا أحسن قيادته .. ولا يتحرك إن لم يأذن الإنسان له بذلك .