مرور سبعة وأربعين عاماً على قيام الثورة اليمنية يعني مرور سبعة وأربعين عاماً على أحداث غيرت مجرى التاريخ اليمني.. هذه الثورة التي فجرها أحرار اليمن من على قمم جبال ردفان يوم الـ 14 من أكتوبر 1963م كانت ثورة ضد الاستعمار البريطاني البغيض الذي جثم على المحافظات الجنوبية والشرقية لعقود من الزمن,هذه الثورة التي امتدت نيرانها الى كل مكان من وطننا اليمن, وكانت مدينة تعز هي مفتاحها فمنها انطلق الثوار وعلى تراب هذه المدينة شكلوا قيادة لهم وعبر شرايينها تم إمداد الثوار بالمال والعتاد حتى صارت ثورة14اكتوبر عنواناً للشعوب الحرة الرافضة للظلم والقهر والاستعمار كما مثلت حدثاً بارزاً في سجل حركة التحرر الوطنية في العالم، وأكثرها تأثيراً في أفول الموجة الاستعمارية.. هذه الثورة التي ترجع جذورها إلى عام 1839م ، فهي من جهة نتاج تطور طبيعي لعملية تحرير استمرت أكثر من 120 عاماً دون توقف، لتبلغ ذروتها في 14 أكتوبر 1963 في وقت كانت ثورة 26 سبتمبر 1962م تمدها بمزيد من العنفوان، وهذا ما نعنيه عندما نتحدث عن تلاحم الثورتين أو واحديه الثورة اليمنية، ونؤكد ان النضال الوطني ضد الاستعمار والإمامة لم يكن منفصلاً في يوم من الأيام رغم محاولات الفصل والتسميات التي كانت تطلق على شطري اليمن إبان الاستعمار والإمامة، وهي تسميات سقطت أمام الحقيقة التاريخية الكبيرة عندما استعاد الوطن لحمته ومجده التاريخي في الـ 22 من مايو 90م.انتصار ثورة 14 أكتوبر التي هزمت الطغيان الاستعماري في جنوب وطننا لم يأت من فراغ بل من حراك جماهيري- شعبي وانتفاضات وحركات مسلحة بلغت ذروتها يوم الاستقلال المجيد.. هذه الثورة عبرت عن إرادة شعبية حقيقية قام بها نخبة من أبناء اليمن الأحرار الطموحين إلى التحرر من قيود الاستعمار وغطرسة وظلم المستبد.ولذلك جاءت الثورة اليمنية “26 سبتمبر” و”14 أكتوبر” لتمثل حراكاً مستمراً لإرادة وطنية صادقة كونها تشكل حلقات نضالية متصلة بأدوات التغيير التي ارتقت بالشعب والوطن من واقع التخلف والتردي الى الحرية والتقدم والنهوض وهي مستمرة على ذلك فمن لحظة الانفجار إلى اللحظة الراهنة واليمن تشهد قفزات تنموية جبارة ونوعية في مختلف مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والسياسية. وعليه كانت الثورة السبتمبرية ثورة شعبية بكل مقاييس والمعايير من حيث وجوبها وحتميتها وضرورتها ثم أهدافها ونتائجها وما جاءت به من تغيير وما حققته من عدالة اجتماعية وإذابة للفوارق في إطار المواطنة المتساوية ووحدت ألأرض والإنسان. فشتان بين ذلك العصر والعصر الديمقراطي الذي يعيشه اليمن اليوم وما صاحبه من ترسيخ المبادئ الإنسانية والحضارية الراقية..أليست أروع ثمار الثورة اليمنية المباركة “سبتمبر وأكتوبر”،أن يتحول الشعب من الطاعة المذعنة العمياء للحاكم المستبد قبل الثورة إلى الممارسة والمشاركة، وكذلك المساهمة الايجابية في التخطيط والتنفيذ والمحاسبة والرقابة الشعبية على الأجهزة التنفيذية؟!. لقد كانت أهداف الثورة بمثابة الركيزة الرئيسية التي هيأت المناخ للبناء الديمقراطي الشامخ الذي استهدفته الثورة، لأنها ثورة كل الشعب و لم يصنعها أفراد للوصول إلى الحكم بل صنعتها تضحيات الشهداء وأرواح الأبطال، وعذاب الأبرياء، ثورة تشكلت من لحم ودم كل الشعب اليمني، وحين انتصرت الثورة ورفعت رايتها الخفاقة، كان ذلك حصاد سنوات التضحيات، وثمرة جهاد الشهداء ، الذين يحتفظ لهم كل أبناء اليمن في أعماق قلوبهم بالفضل والعرفان، فلولا تضحياتهم الجسيمة وفدائيتهم الباسلة، وعذابهم الجسيم ما كان لليمن ان تسعد بانتصارات الثورة اليمنية المجيدة.وستظل هذه المناسبة العظيمة حديقة زاهية بثمار منجزاتها وينبوعاً خالداً نتشرب منه حب الوطن والدفاع عن مكتسباته وصون كرامة أمته.ونجدها فرصة عظيمة أن نوجه نداءنا إلى أحزاب اللقاء المشترك ومنظمات المجتمع المدني والحزب الحاكم طالبين منهم جميعاً الكف عن المناكفات السياسية وان يعملوا على خدمة اليمن بروح الفريق الواحد والابتعاد عن السلبية ، فالوطن يتسع للجميع والعفو عن أخطاء الآخرين مطلبنا جميعا من اجل الخروج من المأزق الذي نحن فيه والعمل الجاد من اجل القضاء على المفسدين والمارقين عن القانون وتقديم العابثين بأمن واستقرار وخيرات الوطن الى العدالة لينالوا جزاءهم.رحم الله كل شهداء الثورة اليمنية الأبرار الذين حملوا رؤوسهم على اكفهم من اجل حياة كريمة لأبناء اليمن الشرفاء و مبارك للقيادة السياسية ومبارك للشعب اليمني أعياد الثورة اليمنية الخالدة وكل عام وانتم بخير.
أخبار متعلقة