حدث وحديث
انطلقت ثورة الثالث والعشرين من يوليو 1952م بقيادة تنظيم الضباط الأحرار في مصر، فاقتلعت من الجذور حكم الملك فاروق بما فيه من استبداد وديمقراطية مترهلة ، وبدأت الثورة في مصر وظفرت بتأييد شعبي منقطع النظير ، إذ عبرت منذ الوهلة الأولى عن آمال الشعب المصري وتطلعاته وأحلامه في الكرامة والعدالة الاجتماعية. ورغم ما يشوب الثورات من أخطاء قد تكون فادحة، إلا أن ثورة يوليو في نظر المؤرخين من الثورات العظيمة في تاريخ الشعوب المناضلة ، وأمتد صداها وتأثيرها ليلامس تطلعات وآمال الشعوب العربية على وجد الخصوص ، فقد كانت مصر ومازالت من الدول الرائدة التي تبنت القضية الفلسطينية والقضايا العربية عموماً وخاضت من أجل ذلك أربعة حروب جسيمة. إن ثورة يوليو 1952م أفرزت القائد جمال عبدالناصر كبطل تاريخي لحقبة زمنية من أهم الحقب للعالم العربي، والتي امتدت حتى وفاة جمال عبدالناصر في 28 سبتمبر 1970م، فلم يكن عبدالناصر رئيساً لمصر فحسب ، بل كان قائداً عربياً أنضحبه تجربة التحرر الوطني ، إلى التحرر القومي العربي .. ففي عهده قامت الوحدة مع سوريا ، وحقق سياسة عدم الانحياز، وألهب ثورات الجزائر والعراق ولبنان ضد الأنظمة الاستعمارية ووحد التضامن العربي لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين .ولاشك أن التجربة الناصرية تجربة مهمة في التاريخ العربي المعاصر لها إيجابيات وأهداف سامية ، لفتت أنظار العامة إلى الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية، فتأثرت بها الدول المستعمرة في كل من إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية فطمحت نحو الحرية والاستقلال والتحرر الوطني. ففي الذكرى السادسة والخمسين لثورة الثالث والعشرين من يوليو 52م علينا أن ننصف هذه الثورة ورجالاتها الاشاوس ونقيم التجربة المصرية العربية والا نتصيد سلبياتها التي رافقتها في مرحلة من المراحل كدور أجهزة المخابرات المصرية في التأثير على مجريات الأمور، ومراكز القوى البيروقراطية ، والأدوار السلبية لذوي الأفكار الاشتراكية ، فالثورة جاءت لتحدث تغييرات اجتماعية واقتصادية عميقة ، ولم تأت لتأكل أبناءها ولا للمؤرخين الحق في ترصد سلبياتها وهضم تجربتها ، وتحجيم المد العروبي الذي رافقها.