إنها قضية لاتستحق كل ذلك الضجيج!
عبد الفتاح الجهراني
أقاموا الدنيا ولم يقعدوها ,حتى ظننت أنهم سيعلنون الجهاد في سبيل الله ويشهرون سيوفهم لقطع رأس كل من يخالفهم الرأي وينتقدهم على تعصبهم لقضية لا تستحق كل ذلك التعصب ولا أن يكون في مقدمة أولئك المتحمسين لها واحد من رجال الدين الحزبيين المقلدين ، وهو الشيخ عبدالمجيد الزنداني ، الذي فرغ نفسه ووقته لها وكأنها قضية الساعة وكأن الكفر سيحل باليمن واليمنيين إذا لم يجاهد حتى النهاية وينتصر على كل من يقف مع صغيرات السن لمنع كل ما من شأنه قتل طفولتهن وإجبارهن على الزواج قسرا في عمر يجمع غالبية اليمنيين على ضرورة وضع حد له ومنع تكرار المآسي التي لحقت بعدد من صغيرات السن ولم ينقذهن سوى القضاء وأحكام المحاكم .وخلال متابعتي لسير هذه القضية وجدت أن كثيرا من المراقبين والمتابعين والمهتمين بشئون اليمن أصابتهم الدهشة والذهول مما يجري في الساحة اليمنية حول قضية لا تستحق كل ذلك الضجيج وكل تلك الخطب الرنانة والمسيرات المليونية التي هدد الزنداني بالدعوة إليها, كما أنها ليست قضية تستحق أن يشغل بها اليمنيون وقتهم وتفكيرهم ، أو أن يهدد الزنداني بقطع شوارع صنعاء وعقد الندوات وحلقات النقاش ويسابق الزمن للظهور في هذه القناة أو تلك للإدلاء بالتصريحات وإطلاق التهديد والوعيد لمنع مجلس النواب من إقرار قانون يمنع زواج القاصرات إلا بعد بلوغهن سن السابعة عشرة حفاظا على آدميتهن وسلامتهن وتكامل المجتمع انطلاقا من التعامل مع الفتاة كإنسانة يجب أن تعامل باحترام حقوقها .لقد اتصل بي أصدقاء عرب من خارج اليمن ويمنيون مغتربون وطلاب خلال الأيام الماضية يتساءلون ومثلهم كثيرون : ألم يبق في اليمن من قضية تشغلكم وتشغل الحكومة والمجتمع اليمني سوى هذه القضية حتى تستدعي كل هذا الصخب والضجيج وممن ؟ ممن يفترض فيهم أن يكونوا دعاة ومرشدين نحو الصلاح والرشد والحفاظ على حياة الناس وكرامتهم وحقوق الطفولة سواء أكانوا ذكورا أو إناثا. واني بدوري هنا أتساءل : ألم يعد لدى بعض رجال الدين كـ«الزنداني» وغيره من عمل أو قضية تهم اليمن وتهمه سوى التهديد بالدعوة إلى إقامة مسيرة مليونية وقطع شوارع صنعاء من أجل إباحة زواج الفتاة وهي في سن الطفولة من الثامنة حتى السابعة عشرة ؟ وهل انعدمت القضايا التي يفترض للزنداني وغيره توجيه الدعوات إلى إقامة المسيرات للتنديد بها وإلقاء الخطب وعقد الندوات من أجلها كـ«مخاطر الإرهاب والتطرف» وتوعية الشباب بأمور دينهم ودنياهم وكيف يحافظون على وطنهم من دعوات الفرقة والتمزق , أم ننتظر رجال دين من خارج اليمن ليقوموا بذلك ويذكروا الزنداني بواجبه تجاه وطنه وأمته .وهل يوافق أولئك الذين ملؤوا الدنيا ضجيجا على أن يزوجوا بناتهم أو أخواتهم وهن في سن العاشرة مثلا ؟ هل يوافقون .. لا أعتقد أنهم يوافقون على ذلك وإنما هم يتعاملون مع بنات الناس كما يتعاملون مع « قطيع » من الماعز وبضاعة تعرض في مزاد للبيع وكأنه ليس لهن حقوق يعترف بها لدى أولئك وكأنهن من مكملات زينة البيت وأثاثه.وإنني بعد ما سبق أعتقد أن المصحة النفسية هي أنسب مكان لأولئك الذين يصرون بدون حياء على إباحة نكاح الصغيرة ومفاخذة الرضيعة وإبقاؤهم تحت المراقبة الصحية للتأكد من سلامة عقولهم وصحة تفكيرهم . فالزنداني على سبيل المثال ضلل على الكثيرين وملأ الدنيا ضجيجا حول اختراعاته العلمية وادعاءاته بقدرته على علاج مرضى الايدز والأورام السرطانية وأمراض الكبد والسكر وانفلونزا الخنازير، وأمراض أخرى ، إلى درجة أصبح فيها كمثل بعض العطارين والمشعوذين الذين يعرضون وصفاتهم لعلاج كل شيء بما فيها أمراض ما إن تظهر حتى تجد الزنداني أول المبشرين بقدرته على علاجها!!
