أضواء
يستغرب كثير من الإخوة الصحويين جرأة الإعلام السعودي على نقد ومناقشة الفتوى الصادرة عن هيئة كبار العلماء التي تحرم على المرأة العمل بذريعة الاختلاط. يقوم استغرابهم هذا على أن الملك حفظه الله حصر الفتوى في هذه الهيئة، الأمر الذي يعني حسب فهمهم أن نقبل أي فتوى تأتي منهم دون مساءلة. يبدو أن كلمة (حصر) تعني عند هؤلاء (حظر أو منع). النقطة الصغيرة على حرف الضاد لا معنى لها. لا يتذكرون أن الملك حفظه الله حصر التعليم وقوانين التعليم في وزارة التربية والتعليم. حصر شؤون العمل وقوانين العمل ومشكلات العمل في وزارة العمل. حصر أيضا الشؤون الخارجية والسفراء والتعامل مع الدول الأجنبية في وزارة الخارجية. لم نسمع من يطالب الصحافة أن تسبح بالقرارات والقوانين التي تصدرها وزارة التربية أو وزارة العمل أو وزارة الإعلام أو الخارجية على اعتبار أنها فرمانات غير قابلة للنقاش. كل نشاط في المملكة وفي أي دولة في العالم محصور في جهة معينة تسمى صاحبة اختصاص.الاختصاص لا يعني العصمة حتى لو لمسته صبغة دينية. هيئة كبار العلماء لا تختلف عن أي جهة حكومية في شيء. أعضاؤها من كبار موظفي الدولة لهم الاحترام والتقدير الذي يوليه الناس لكل موظف مسؤول في الدولة. البعد الديني في عملهم لا يكسبهم أي قدسية. الهيئة أصدرت كثيرا من الفتاوى في هذا الاتجاه لم يلتفت لها أحد. أشهر تحريماتهم تحريم مشاهدة مسلسل طاش ما طاش، هل أوقفت وزارة الثقافة والإعلام المسلسل؟ هل كف الشعب السعودي عن مشاهدته؟ إذا حللنا أثر تلك الفتوى على المسلسل سنلاحظ أنها أحدثت العكس: زادت شعبيته وزاد دخل أصحابه وازدادت مناطق مشاهدته واستمر حتى ساعتنا هذه . هيئة كبار العلماء أبدت رأيها والناس ردوا على هذا الرأي فانتهت القضية. لماذا تختلف قضية الكاشيرات؟ الذي يقرأ الطريقة التي طرحت بها قضية الكاشيرات في الصحافة سيفهم أن فتاوى هيئة كبار العلماء ملزمة. أضفت بعض المقالات قيمة تطبيقية على الفتوى أو أوحت بذلك. قضية الكاشيرة لا تختلف عن قضية طاش أو غيرها من المحرمات المعتادة. بعد أن أوقف خادم الحرمين فوضى الفتاوى وحصرها في هذا الجهاز كان يجب على الصحافة والمؤسسات الثقافية التنبه إلى الالتباسات التي قد تنشأ. دور الصحافة في مثل هذه القضية هو إزالة الالتباس بين مفهوم وجود هيئة فقهية تقوم بالفتوى، وبين التزام الدولة بالشريعة الإسلامية. الشيء الثاني الأهم أن وجود هيئة دينية تنحصر فيها الفتوى لا يعني الاتجاه نحو أي شكل من أشكال الكردينالية والبطريركية. الإسلام لا يفوض مجموعة بشرية تقوم بدور الوسيط الإلهي. لا يضفي أي قدسية دينية على البشر. أعضاء هيئة كبار العلماء مجموعة من المتخصصين تم تعيينهم بقرار ويمكن إعفاؤهم في أي وقت بقرار. إذا خسرت أي امرأة وظيفتها بسبب هذه الفتوى يتحمل بعض الكتاب المسؤولية وليس هيئة كبار العلماء.[c1]* عن صحيفة ( الرياض )السعودية